نبيلة الشامسي: عيد الاتحاد الـ 52.. بصمات إماراتية في المشهد الإنساني العالمي

سعادة نبيلة الشامسي، دبلوماسية إماراتية، منحها الخالق «مَلَكة» الفطنة وحسن الاستماع، ولباقة الرد، وعززت - بثقافتها العالية، واطلاعها الواسع، ورقي خلقها وإنسانيتها وتسامحها - هذه الصفات المعهودة لدى شعب الإمارات.. في حديثها الخاص إلى «زهرة الخليج»، نطلع على تجربتها الثرية في العمل الدبلوماسي، الذي بد

سعادة نبيلة الشامسي، دبلوماسية إماراتية، منحها الخالق «مَلَكة» الفطنة وحسن الاستماع، ولباقة الرد، وعززت - بثقافتها العالية، واطلاعها الواسع، ورقي خلقها وإنسانيتها وتسامحها - هذه الصفات المعهودة لدى شعب الإمارات.. في حديثها الخاص إلى «زهرة الخليج»، نطلع على تجربتها الثرية في العمل الدبلوماسي، الذي بدأ قبل 23 عاماً، منذ انتسابها إلى وزارة الخارجية، وتوالت المناصب والمحطات التي انطلقت من الولايات المتحدة، ثم كندا، وألمانيا، وهونغ كونغ، إلى أن أصبحت سفيرة الدولة لدى جمهورية الجبل الأسود، وسفيرة غير مقيمة لدى كوسوفو والبوسنة والهرسك.

تلمسنا، من حديثنا الممتع مع سعادتها، فيضاً كبيراً من التواضع والبساطة، وعرفنا الكثير من المواقف النبيلة، وكذلك التحديات التي خاضتها؛ لتحقيق توجهات القيادة، والرؤية الاستراتيجية لوزارة الخارجية.. وتالياً نص الحوار:

ما أبرز محطات مسيرتك في مجال العمل الدبلوماسي؟

كانت البداية فترة غنية بالاطلاع والتعلم، منذ التحاقي بالعمل في وزارة الخارجية، إذ تعززت معها الثوابت والأسس التي انطلقت من خلالها لخدمة الوطن في عدد من دول العالم، والتي تمثل مصدر فخر وشرف. وقد مهد والدي، وأسرتي، الطريق لمساعدتي على تحمل مسؤولية خدمة بلادي في مجال العمل الدبلوماسي، حيث كان لهم دور محوري في تقديم الدعم الكامل إليَّ، وتحفيزي على المضي قدماً في تحقيق طموحاتي.

خدمة الوطن

بين الاغتراب والحنين إلى الأهل.. كيف تخطيت هذا التحدي؟

لم تكن تجربة البعد عن الوطن والأهل والأصدقاء سهلة، لكنني تعلمت منها الكثير، لذا لم أتردد يوماً في القيام بها؛ فما أعظم السعي إلى خدمة الوطن! وإنه لمن دواعي سروري تمثيل وخدمة دولتنا الغالية في أي مكان.

شغلتِ مناصب دبلوماسية عدة.. ما أبرز المحطات التي عملت بها؟

عملت في الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وكانت كلها محطات مليئة بالخبرات والإنجازات، إلى أن تشرفت باختياري سفيرة لدولة الإمارات لدى جمهورية الجبل الأسود، وهي إحدى دول غرب البلقان، فكانت نقلة نوعية بمسيرتي في خدمة دولتي الحبيبة.

محفز الإبداع

ما أهم التحديات، التي واجهتك خلال مسيرتك الدبلوماسية؟

التحدي هو أجمل محفز للإبداع والعمل، لأنه يمنحني الرغبة في تحقيق النجاح. أحد أبرز التحديات كان خلال رحلتي الدبلوماسية في بروكسل، تلك المرحلة المتميزة في مسيرتي المهنية، وكان ذلك عندما كنا نعمل على ملف حصول مواطني الدولة على إعفاء من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، والذي توج بتوقيع اتفاقية ثنائية، يتم بموجبها إعفاء مواطني الدولة من تأشيرة «شنغن».

ما الذي يميز دولة الإمارات على الصعيد الدبلوماسي؟

ترتبط دولة الإمارات بعلاقات عميقة ومتميزة مع الدول كافة، ما يعزز ويعكس مبادئها القائمة على الانفتاح والشراكة وبناء جسور التواصل، والعمل على ترسيخ السلام، والمصالح المشتركة للدول والشعوب، وبما يسهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. وتتسم سياسة دولة الإمارات بقدر كبير من التوازن والديناميكية والشفافية والوضوح، والالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول، ما عزز مكانتها الدولية، كما أن موقعها جعلها شريكاً سياسياً واقتصادياً موثوقاً به.

علاقة وثيقة

ما دوركم في توطيد علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وجمهورية الجبل الأسود؟

علاقة دولة الإمارات مع جمهورية الجبل الأسود وثيقة، ولها جذور تاريخية، إذ تعد دولة الإمارات أول دولة خليجية تؤسس سفارة في جمهورية الجبل الأسود، فانطلقت منها إلى تعزيز علاقاتها مع دول غرب البلقان. وتحرص السفارة على مواصلة تنمية هذه العلاقة القوية، وتعزيز التعاون البنّاء بين البلدين.

كيف تصفين العلاقات، التي تجمع دولة الإمارات وكوسوفو والبوسنة والهرسك؟

تعد علاقات دولة الإمارات مع البوسنة والهرسك وكوسوفو مميزة ووثيقة، منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودائماً يحدثني أهل كوسوفو عن محبتهم الشديدة لدولة الإمارات قيادةً وشعباً، لأنها كانت أول دولة عربية تعترف بدولتهم. كما قدمت الدولة الكثير من المساعدات الإنسانية إلى دول غرب البلقان، خاصة في كوسوفو؛ ما عزز مكانة الدولة في قلوب شعب كوسوفو، حيث تحظى دولة الإمارات بمكانة خاصة في البلقان.

خلال رحلتك.. ما أبرز المواقف الإنسانية التي شاهدتها؟

يقوم نهج دولة الإمارات على التضامن والتعاون الإنساني، ومواقفها في هذا الصدد خالدة، حيث تمتلك الإمارات تجربة فريدة في مجال العمل الإغاثي والإنساني، قائمة على استمرارية التأثير، وذلك من خلال استبدال عمليات الإغاثة النمطية بتنفيذ مشروعات تنموية، تصب في مصلحة شعوب الدول المستفيدة، مثل: بناء المساكن والمستشفيات، وشق الطرق، وبناء محطات الكهرباء، وحفر الآبار، ما وفر استدامة للموارد الأساسية، وساهم في تحسين الظروف المعيشية بالدول المستهدفة. وتطبق دولة الإمارات نهجاً واضحاً، يقوم على عدم ربط المساعدات الإنسانية التي تقدمها بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، بل تراعي - في المقام الأول - الجانب الإنساني، الذي يتمثل في احتياجات الشعوب، ما جعل الدولة تحظى باحترام وتقدير المحافل الدولية. هناك موقف أتذكره، خلال زيارة إلى إحدى قرى كوسوفو، حيث قابلت رجلاً كبيراً في السن، وعندما علم بأنني من دولة الإمارات، ظل يدعو للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وللدولة بكل الخير، عرفاناً بالمساعدات الإنسانية، التي قدمتها الدولة إلى أهله ودولته.

جهود عالمية

ماذا عن دوركم في تسليط الضوء على جهود الدولة بمجال العمل المناخي، خاصة خلال استضافتها «COP 28»؟

أقمنا ورشاً وجلسات توعوية، وعقدنا اجتماعات مع الجهات المعنية؛ لتسليط الضوء على استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، ودورها المهم والمحوري في الجهود العالمية، الهادفة إلى الحد من تداعيات تغير المناخ إقليمياً ودولياً، والمنظومة العالمية لتنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بحلول قضايا التغير المناخي، ودعم أمن الطاقة. وركزنا، في هذا الصدد، على أولويات دولة الإمارات بجعل «كوب 28» مؤتمراً للتنفيذ، وليس للتعهدات فحسب. وأن يكون المؤتمر نقطة تحول لإنجاز تقدم ملموس وجوهري في العمل المناخي العالمي، بالتزامن مع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، عبر خطة عملها التي تستند إلى أربع ركائز، هي: تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وتحسين الحياة وسبل العيش، ودعم الركائز السابقة من خلال احتواء الجميع في منظومة عمل المؤتمر.

من خلال تجربتك وخبراتك الواسعة.. ما أبرز النصائح التي توجهينها إلى جيل الشباب في السلك الدبلوماسي؟

علمتني تجربتي، خلال العمل بالسلك الدبلوماسي، أنه ينبغي أن يتوافر لدى الدبلوماسي الشغف، والاطلاع، والمعرفة، وحب القراءة والثقافة، إضافة إلى سعة ورحابة الصدر؛ لتقبل الآخر، واحترام الاختلاف، ولأن العمل الدبلوماسي مملوء بالتحديات والمتغيرات، فإن المرونة والقدرة على التكيف من الصفات الضرورية في الدبلوماسي.

كامرأة تقلدت منصباً رفيعاً لتمثيل الدولة.. ماذا تقولين للفتيات الراغبات في العمل بالسلك الدبلوماسي؟

أقول لهن: لقد وفرت دولة الإمارات السبل كافة؛ لدعم وتمكين المرأة في جميع المجالات، ومنها المجال الدبلوماسي، فالمرأة الإماراتية، اليوم، محظوظة بثقة القيادة الرشيدة بها، ودعمها لها، وكذلك الحال في وزارة الخارجية، إذ تساهم المرأة - بشكل فاعل - في النهوض بالدبلوماسية الإماراتية. وبالتالي، علينا جميعاً أن ننتهز كل الفرص المتاحة، وأن نبني على النجاحات والإنجازات، التي حققتها المرأة الإماراتية حتى اليوم.

في عيد الاتحاد الـ52 لدولة الإمارات.. ماذا تقولين بهذه المناسبة؟

أتقدم، في هذه المناسبة الوطنية المجيدة، بأسمى التهاني والتبريكات إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وإلى شعب الإمارات الكريم والمقيمين على أرضها. وأعبر عن فخري بالمسيرة التي حصدت - خلالها - الدولة إنجازات رسم ملامحها الأولى مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسون، الذين وضعوا منهجاً راسخاً، عنوانه الفكر المستنير والسلوك الأخلاقي القويم وخدمة الإنسان والإنسانية. وسارت على دربهم القيادة الرشيدة، التي جسدت قِيَم الإنسانية والمحبة والعطاء، وقادت دولة الإمارات لتصبح منارة للعمل الخيري والإنساني حول العالم. وقد لبت دولة الإمارات نداء المستغيث والمنكوب، ولعل من أبرز مبادراتها «الفارس الشهم»، التي تحدى أبطالها ظروف المكان والزمان، ودعم وجودهم كلَّ مستغيث ومكروب.