شاركت «مجوهرات الفردان» أبوظبي، العلامة الشهيرة بمهارتها الحرفية في عالم المجوهرات الفاخرة، في معرض فن أبوظبي، الذي أقيم على مدار 3 أيام في منارة السعديات بأبوظبي، خلال شهر نوفمبر الحالي. وانطلاقاً من موقعها كراعٍ رسمي لهذه الفعالية المرموقة، استعرضت العلامة تشكيلاتها المذهلة أمام خبراء الفن وعشاق الإبداع، ضمن جناح متميز يتناول المسيرة الزمنية للإبداع بين الماضي والحاضر والمستقبل، حيث سعت الدار لتكريم تراثها في مجال المجوهرات، مع تركيز كبير على التقاليد الإماراتية في صياغة اللؤلؤ. وبرز جناح العلامة تحت اسم «خيوط الوحدة»، وهدف إلى التعريف بتراث اللؤلؤ الإماراتي، تلك الحرفة التي ساهمت في رسم الملامح الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وشكّلت عملياتها أساساً لانطلاق دار الفردان للمجوهرات.
قسم الماضي:
أبدعت العلامة في تصميم جناح متميز، يروي حكاية الماضي في بدايته، فيحتفي بالنسيج الغني للإنسانية، والروابط بين الماضي والمستقبل، ويصورها بعدسة إبداعية تلتقط تاريخ الإمارات مع اللؤلؤ. كما تغنّى الجناح، المستوحى من جذور الوحدة العميقة في الثقافة الإماراتية، بتقاليد صيد اللؤلؤ، ليكشف عن علاقة مميزة ربطت تطور تجارة اللؤلؤ في المنطقة، وأهمية اللؤلؤ في التراث الإماراتي والفن الإسلامي مع المستقبل. وقدّم التركيب الإبداعي للعلامة في الجناح مزيجاً من الوسائط الفنية المختلطة، التي اعتمدت على الرسومات اليدوية؛ بوصفها قطعة مركزية تصوّر العلاقة الراسخة بين الماضي والحاضر، ما دفع المشاهدين إلى الشعور بالتقدير والاحترام تجاه خبراء صناعة اللؤلؤ على مدى الأجيال السابقة. وعززت العلامة هذه السردية بعرض فيلم وثائقي للمرة الأولى، يظهر فيه الرئيس الفخري لدار الفردان، السيد حسن إبراهيم الفردان، الشهير بلقب «دكتور اللؤلؤ»، ضمن مشاهد تصور عالم الفردان وعلاقته الوثيقة بالمجوهرات.
ولتعزيز التزامها تجاه دولة الإمارات والتراث الإماراتي العريق، ابتكرت «مجوهرات الفردان» قطعتين حصريتين، تم إبداعهما خصيصاً لمعرض فن أبوظبي: الأولى غطاء الرأس التقليدي المعروف باسم «طاسة»، والذي يشكّل رمزاً للزينة والجمال، ويتكون من ألف قيراط تقريباً من اللؤلؤ الطبيعي، ما يجعله من الأعمال الفنية النادرة. أما التحفة الثانية، فتمثل عقد «مرتعشة»، وهو قطعة تراثية ترتديها العرائس يوم الزفاف. ويتميز العقد بهيكل من اللؤلؤ البحري الطبيعي الأبيض اللون، بوزن إجمالي يقارب الـ400 قيراط، وتم ترصيعه بأحجار ألماس لتعزيز لمسته الجمالية.
قسم الحاضر:
تمثلت رؤية العلامة للحاضر من خلال تشكيلتها المخصصة لموسم رمضان 2023، بعنوان «النور»، بالتعاون مع الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، والشيخة حمدة بنت خليفة بن محمد آل نهيان، حيث مزجت هذه التشكيلة الحداثة والحضور التقليدي، كما جمعت بكل تناغم مفردات الجمال العصري، والمهارة الحرفية العتيقة.
وبرزت، ضمن قطع التشكيلة، تحفة بديعة مزينة بعبارات خاصة بالصلاة، تمت كتابتها بخط يد الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان. وتألقت التشكيلة بتصاميم مرصعة بالعقيق المرجاني والأخضر، مع التركيز على التفاصيل اللامعة، والعناصر المستوحاة من التقاليد الإسلامية. كما عكست كل قطعة أحدث توجهات الموضة الحالية في المنطقة مع الحفاظ على البصمة الخاصة بالعلامة، وذلك وفق رؤية فنية تجسّد المعاني العصرية للفخامة والرقي. وتسعى الشيخة اليازية، بالتعاون مع «مجوهرات الفردان» في أبوظبي، إلى توظيف الأنماط الزخرفية والتراثية للحضارة الإسلامية في قالب يليق بالسيدة الإماراتية العصرية، ما يعكس جوهر الحفاظ على التقاليد، ممزوجةً بالحداثة بصورة تعبّر عن مفهوم الحاضر بشكل مثالي.
وحظي ضيوف قسم الحاضر في الجناح بفرصةٍ لصياغة قطع مجوهرات مخصصة لهم، مع إمكانية التفاعل والعمل باللآلئ العصرية. وأكدت هذه التجربة العملية أهمية الأصالة، وارتباط الفرد بثقافته العريقة، بما يتماشى مع القيم التي تحتفي بها تشكيلة «النور»، كما صوّرتها الشيخة اليازية.
قسم المستقبل:
في تمثيلها للمستقبل، تعاونت «مجوهرات الفردان» أبوظبي مع الفنانة ميثاء دميثان، لتقديم عمل فني مصمم باستخدام الذكاء الاصطناعي خصيصاً لمعرض فن أبوظبي. وتحظى دميثان بمكانة مرموقة في مشهد الفنون البصرية في دولة الإمارات، بفضل خبرتها المتقنة بتقنيات المسح الضوئي، إلى جانب عدد من الوسائط الأخرى، مثل: التصوير الفوتوغرافي، والرسم، والتصوير بالألوان، ونسخ الصور. وتجد الفنانة في عمليات المسح الضوئي تجربةً تحاكي الرسم بالضوء، ما يتيح لها الجمع بين مهاراتها في الرسم والتصوير الفوتوغرافي. وشكّلت تجربة دميثان الأخيرة مع الذكاء الاصطناعي نقلةً نوعيةً في عالم الفن، حيث نجحت في تحقيق إنجاز يشبه اختراع الكاميرا بعد عصرٍ من الرسم الفني. واكتشفت الفنانة، خلال تجاربها، أن البيانات المتاحة في برامج الذكاء الاصطناعي تحمل الكثير من الطابع الأوروبي والقوالب النمطية، لذلك أرادت إنشاء صور أكثر دلالةً وتمثيلاً. وتساهم دميثان، من خلال إنشاء صور عربية نقية، في تطور مجموعات البيانات المسؤولة عن تدريب الذكاء الاصطناعي، بطريقة تُبعدها عن التحيّز للغرب، وتغير المشهد البصري، الذي يتم فيه تمثيل العرب.
وعكس التعاون مع الفنانة الإماراتية الشابة التزام «مجوهرات الفردان» بدعم أجيال المستقبل في الإمارات، في إطار مساعيها الرامية إلى مواصلة الارتقاء بالحدود التقليدية لتصميم المجوهرات، إضافة إلى دمج التقنيات المبتكرة والمواد المتطورة في عملها. لذلك، قدم هذا العمل المشترك لمحةً عن مستقبل قطاع المجوهرات، حيث تتلاقى عناصر التكنولوجيا والبراعة الفنية لإبداع قطع مميزة.
وجاء معرض «خيوط الوحدة.. أصداء اللؤلؤ الإماراتي» بمثابة تكريمٍ صادقٍ لثقافة التلاقي، التي تربط أفراد المجتمع ببعضهم بعضاً، ضمن نسيج مشترك يمتد من الماضي إلى الحاضر، وصولاً إلى المستقبل. كما أتاح تجربةً مُلهمةً تتغنى بتقاليد صيد اللؤلؤ في الإمارات، وتعرض مسارات التطور الطبيعية لهذه الحرفة الفنية، باستخدام عناصر الذكاء الاصطناعي.
ويشكّل معرض فن أبوظبي أبرز الفعاليات السنوية، التي تحتفي بالإبداع والابتكار، حيث يوفر منصةً للمعارض الفنية؛ كي تكشف عن إبداعاتها الطموحة، وأعمالها التركيبية الخاصة بموقع المعرض أمام جمهور واسع.