هل تعلمون أن هناك نفطاً اسمه «غاز الضحك»، قد يدمر الأرض، ويُنهى الحياة عليها؟.. من مسؤوليتنا الجماعية أن نتخذ إجراءات فورية؛ للحد من انبعاثات هذا الغاز، واستكشاف حلول بديلة له. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا حماية كوكبنا، وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
ما غاز الضحك؟
هو المعروف علمياً باسم «أكسيد النيتروز» (N2O)، وهو غاز غير ضار على ما يبدو، وذو مظهر عديم اللون، ورائحة حلوة، ويُستخدم بشكل شائع كمخدر، لكن استخدامه يأتي بتكلفة كبيرة، ويشكل الغاز الضاحك تهديدًا خطيرًا للبيئة، ولديه القدرة على تدمير أرضنا الثمينة؛ إذا ترك دون رادع.
ويُصنف الغاز الضاحك على أنه من أقوى غازات الدفيئة، وله قدرة على الاحترار أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، وعندما يتم إطلاقه في الغلاف الجوي يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري المثيرة للقلق، والعواقب المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن غازات الدفيئة البعيدة المدى، بما في ذلك: ذوبان القمم الجليدية، وارتفاع مستويات سطح البحر، والظواهر الجوية المتطرفة، التي تعيث فساداً على الكوكب.
طبقة الأوزون:
ولا تتوقف الآثار الضارة لغاز الضحك عند هذا الحد، كما أنه مساهم رئيسي في استنفاد طبقة الأوزون، إذ تشير التقديرات إلى أنه مسؤول عن حوالي 5% من استنفاد طبقة الأوزون على مستوى العالم، وتلعب طبقة الأوزون دوراً مهماً في حماية الحياة على الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة المنبعثة من الشمس، ويمكن أن تؤدي طبقة الأوزون المستنفدة إلى زيادة حالات سرطان الجلد، وإعتام عدسة العين، وغيرهما من المشكلات الصحية الخطيرة.
وإلى جانب تأثيره في البيئة، يشكل غاز الضحك تهديداً كبيراً للزراعة أيضاً، وهو نتيجة ثانوية لمختلف الممارسات الزراعية، خاصة استخدام الأسمدة النيتروجينية، وعندما يتم تطبيق هذه الأسمدة على المحاصيل، يتحول جزء من النيتروجين إلى غاز ضاحك، ويتم إطلاقه في الغلاف الجوي.
وقد أدى الاستخدام المفرط للأسمدة النيتروجينية، بجانب الممارسات الزراعية السيئة، إلى زيادة كبيرة في انبعاثات غاز الضحك، وتساهم هذه الانبعاثات في ظاهرة الاحتباس الحراري، واستنفاد الأوزون، كما أن لها آثاراً ضارة على جودة التربة والمياه، ويمكن أن يتسرب الغاز الضاحك إلى المسطحات المائية، ما يؤدي إلى التخثر، وموت الحياة المائية.
ما أضرار غاز الضحك؟
الاستخدام المفرط لغاز الضحك يمكن أن تكون له آثار ضارة كبيرة على الصحة البدنية، ويمكن أن يؤدي استنشاق تركيزات عالية من أكسيد النيتروز إلى الحرمان من الأكسجين، حيث يحل الغاز محل الأكسجين في الرئتين، ويمكن أن يؤدي الحرمان من الأكسجين إلى مجموعة متنوعة من الأعراض، مثل: الدوخة، والارتباك، وحتى فقدان الوعي. وقد يؤدي التعرض - لفترة طويلة - لغاز الضحك إلى ضرر دائم في الجهاز العصبي، ومن ثم إلى الإحساس بالوخز، والتنميل، وضعف الأطراف.
علاوة على ذلك، تبين أن أكسيد النيتروز يتداخل مع إنتاج فيتامين (ب12)، الضروري لتكوين خلايا الدم الحمراء، والأداء السليم للجهاز العصبي. ونقص هذا الفيتامين يؤدي إلى فقر الدم، والتعب، والاضطرابات العصبية، ويمكن أن تكون للضرر الذي يسببه أكسيد النيتروز في إنتاج فيتامين (ب12) عواقب طويلة المدى على صحة الفرد ورفاهيته بشكل عام.
المخاطر النفسية لغاز الضحك:
في حين أن غاز الضحك مطلوب غالباً، بسبب آثاره المبهجة، من المهم إدراك وفهم المخاطر النفسية المحتملة المرتبطة باستخدامه، فسوء الاستخدام المنتظم لأكسيد النيتروز يمكن أن يؤدي إلى الاعتماد والإدمان. ومع مرور الوقت، قد يطور المستخدمون قدرتهم على تحمل تأثيرات هذا الغاز، ما يتطلب جرعات أعلى لتحقيق التأثيرات المرغوبة، وهذا التسامح يمكن أن يزيد خطر الجرعة الزائدة، التي يمكن أن تكون لها عواقب تهدد الحياة.
علاوة على ذلك، فإن الاستخدام المفرط لغاز الضحك له آثار سلبية على الصحة العقلية، وقد يساهم في تطور، أو تفاقم أعراض القلق والاكتئاب، ويؤدي تعاطي أكسيد النيتروز - لفترة طويلة - إلى إضعاف الوظيفة الإدراكية، والذاكرة، ومدى الانتباه. وقد يواجه الأفراد، الذين يسيئون استخدام غاز الضحك، صعوبات في حياتهم اليومية، بما في ذلك تحديات العمل، والتعليم، والعلاقات الشخصية.
العواقب القانونية والاجتماعية:
بصرف النظر عن المخاطر الجسدية والنفسية، فإن إساءة استخدام غاز الضحك يمكن أن تكون لها عواقب قانونية واجتماعية كبيرة. في العديد من البلدان، يعد الاستخدام الترفيهي لأكسيد النيتروز أمرًا غير قانوني، ويعتبر مادة خاضعة للرقابة، ويمكن أن يؤدي الانخراط في استخدامه غير الطبي إلى تداعيات قانونية، بما في ذلك: الغرامات والسجن، ويمكن أن يكون للعواقب القانونية لإساءة استخدام غاز الضحك تأثير عميق على حياة الفرد، ما يؤثر في سمعته الشخصية والمهنية.
علاوة على ذلك، قد يؤدي الاستخدام الترفيهي لغاز الضحك إلى العزلة الاجتماعية، وتوتر العلاقات، ويمكن أن يؤثر استمرار سوء الاستخدام سلبًا في حياة الفرد الشخصية والمهنية، حيث قد يتعارض مع المسؤوليات والأداء الأكاديمي، وفرص العمل، ويمكن أن يؤدي تعاطي غاز الضحك إلى انسحاب الأفراد من دوائرهم الاجتماعية، وحتى إلى انهيار العلاقات المهمة.
تحذيرات دولية وتجريم غاز الضحك:
كان مركز المراقبة الأوروبية للمخدرات والإدمان (EMCDDA) قد حذر من انتشار أكسيد النيتروز، المعروف باسم «غاز الضحك» بين الشباب، نظراً لأنه رخيص ومتوفر، لكنه يسبب عواقب وخيمة.
من جانبه، حذر أليكسيس جوسديل، رئيس المركز الأوروبى لمراقبة الإدمان، من ارتفاع نسبة استهلاك هذا الغاز، قائلاً: «وجدنا الاستهلاك متكرراً لذلك الغاز، الذي يُحدث العديد من الأضرار الجسيمة، ومن بينها: تلف الجهاز العصبي، وتلف الرئة»، مشيراً إلى أن هذا المخدر يتم بيعه في عبوات 8 غرامات، وتتم تعبئته في بالونات، ثم يتم استنشاقه، ونظراً لرخص سعره يتاجر فيه البعض بكثرة، لتحقيق أرباح كبيرة.
في بداية الشهر الجاري، أعلنت بريطانيا تطبيق حظر كافٍ على تعاطي أو حيازة أكسيد النيتروز (غاز الضحك)، وستقوم السلطات بمعاقبة من يُضبط بهذه المادة، أو يقوم ببيعها، أو توفيرها، بالسجن لمدة طويلة، وانتشرت هذه المادة كثيراً في إنجلترا، لأنها تسبب النشوة والانفصال عن الواقع بالنسبة للشباب.
وقالت الحكومة البريطانية: ليس من الضروري الحصول على تراخيص لاستخدامه، لكن سيتعين على المستخدمين إثبات «حيازته بشكل قانوني»، وأنه ليس للتعاطي.