على الرغم من التطور الثوري في مجالات الاتصالات، وتحول العالم لأن يكون أقرب من قرية صغيرة، بفعل التكنولوجيا الرقمية التي أتاحت مشاهدة ما يجري في العالم من أخبار، ومتابعة الفعاليات الترفيهية وما سواها، من خلال الأجهزة اللوحية والمحمولة، فلايزال للتلفزيون بريقه الأخاذ، الذي حتى إن تراجعت نسبة مشاهدته، يبقى عنواناً ثابتاً، ومنصة يتوق الناس للتحلق حولها.
واعترافاً بتأثير التلفزيون المتزايد في صنع القرار، من خلال لفت انتباه الرأي العام إلى المنازعات والتهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن، ودوره المحتمل في زيادة التركيز على القضايا الرئيسية الأخرى، بما في ذلك القضايا الاقتصادية والاجتماعية، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (في قرارها 51/205، المؤرخ 17 ديسمبر 1996)، اعتماد يوم 21 نوفمبر يوماً عالمياً للتلفزيون.
ولا يتم الاحتفاء بالتلفزيون باعتباره آلة جامدة، يرى الناس ما يقدمه من خلال قنوات بثه، بل هو احتفاء بالفلسفة التي تعبر عنها هذه الأداة، كونه رمزاً للاتصالات، والعولمة، وتقريب المسافات في العالم.
وتم اختيار يوم 21 نوفمبر من كل عام، تقديراً لأول منتدى عالمي للتلفزيون، عقدته الأمم المتحدة يومَيْ 21 و22 نوفمبر من عام 1996، حيث ناقش المشاركون من كبار وسائل الإعلام، حينها، الأهمية المتزايدة للتلفزيون في عالم اليوم المتغير، وكيفية تعزيز تعاونهم المتبادل.
جاء الحدث بوصفه اعترافاً بالتأثير المتزايد للتلفزيون في عملية صنع القرار، وهو ما عني الاعتراف بالتلفزيون كوسيلة أساسية في إيصال المعلومة إلى الرأي العام وإيصاله والتأثير فيه، ولا يمكن إنكار أثره في السياسة العالمية وحضوره فيها وتأثيره في مجرياتها.
ومع تطور التكنولوجيا الحديثة، خاصة الرقمية منها، لم يعد التلفزيون مجرد قناة أحادية الاتجاه للبث ومحتوى الكابل بعد الآن. حيث توفر أجهزة التلفزيون الحديثة مجموعة واسعة من الوسائط المتعددة والمحتوى التفاعلي، مثل: بث مقاطع الفيديو والموسيقى، وتصفح الإنترنت، واستخدامه لمشاهدة المنصات الرقمية والتفاعل معها، فضلاً عن إمكانية احتضانه منصات الاتصالات الرقمية، لذا يعد الاحتفاء بيوم التلفزيون العالمي تذكيراً بالكيفية التي أصبح بها التلفزيون رمزاً للتواصل والعولمة في القرن الحادي والعشرين.
واختارت الأمم المتحدة عنوان «جودة المحتوى»، للاحتفاء بيوم التلفزيون العالمي لعام 2023، إذ تنعكس الجودة الهائلة للبرامج التلفزيونية في مدى قدرة هذه الوسيلة على إثبات جدواها على الترفيه وإلهام، وإعلام المشاهدين وحتى صناع المحتوى التلفزيوني عبر جميع منصاتها.
وتهدف الأمم المتحدة، من وراء الاحتفاء بالمناسبات والأيام العالمية، إلى تثقيف الجمهور بشأن القضايا ذات الاهتمام، وحشد الإرادة السياسية والموارد لمعالجة المشاكل العالمية، وللاحتفاء بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها، ويعتبر وجود الأيام الدولية سابقاً لإنشاء الأمم المتحدة، لكن الأمم المتحدة احتضنتها كأداة دعم قوية.