في السنوات القليلة الماضية، باتت الاستدامة أحد الأمور التي يجب على الجميع اتخاذ سبل تساعد على تحقيقها، للحفاظ على الكوكب، وصحة البيئة.
وفي حين أن التفرد والجودة كانا الهدف الرئيسي الأول للعلامات التجارية، إلا أننا شهدنا تحولاً جذرياً في طريقة عملها، وأصبحت تتبنى الاستدامة أيضاً، إذ باتت أكبر العلامات التجارية الراقية تتعرض لضغوط أكبر من أي وقت مضى؛ لضمان أن تكون جميع جوانب جلب منتج أو خط إلى السوق تتخذ نهجاً أكثر صداقة للبيئة، وبينما كان البعض بطيئاً في التكيف، فقد قبل البعض الآخر التحدي بكل إخلاص.
وفي هذا العام، أصبحت علامات الأزياء الفاخرة والراقية أكثر أخلاقية من أي وقت مضى، وهو ليس أمراً سهلاً عندما نضع في الاعتبار أن العديد منها كانت غارقة في الجدل قبل عقد أو عقدين فقط، بسبب اختياراتها المواد والعمليات التي تنطوي على جلب منتجاتها إلى السوق.
لكنها، اليوم، باتت تخاف ابتعاد العملاء عنها، ما جعلها تتبنى مبادرات مستدامة، تقلل تأثيرها البيئي، وتضع أيضاً معايير جديدة للصناعة ككل، مثل: «كوبنهاغن بامبو»، التي يتم إنتاج ملابسها المصنوعة من الخيزران بطريقة تقلل استخدام المواد الكيميائية، والمبيدات الحشرية، والري.. إليكِ كيف تغيرت الأمور نحو الأفضل.
عمليات التوريد والإنتاج الأخلاقية:
تعرضت الممارسات المرتبطة بصناعة الأزياء لانتقاداتٍ كثيرة في السنوات الماضية، بسبب إضرارها بالبيئة، حيث يتم إلقاء المواد الكيميائية في المجاري المائية أثناء عملية التصنيع، ما يخلف آثاراً كربونية ضخمة تؤثر في صحة الكوكب ككل. لكن الأزياء الفاخرة كانت، دائماً، مرادفة للأنماط الخالدة والجودة التي لا تشوبها شائبة، مع الملابس والإكسسوارات المصممة لتدوم طويلاً، إلا أنها أصبحت، مؤخراً، تتقدم بشكل أفضل في هذا الصدد، وتركز بشكل متزايد على المصادر الأخلاقية، وطرق الإنتاج المسؤولة، من خلال البحث عن مواد مستدامة، مثل: القطن العضوي، والبدائل المعاد تدويرها، والحد من استخدام المواد الكيميائية الضارة، وتقليل استهلاك المياه أثناء التصنيع، فضلاً عن الحد من إجمالي انبعاثات الكربون المرتبطة بهذه العملية.
كما أنها اتخذت من الشفافية عنواناً رئيسياً لها، حيث باتت منفتحة وصادقة بشأن جميع عناصر سلسلة التوريد، ما يعني ظروف عمل أفضل وأكثر أماناً، وممارسات عمل أكثر عدالة في الإجمال، وأكثر التزاماً بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية.
اعتماد الاقتصاد الدائري:
يعتبر الاقتصاد الدائري مفتاحاً لحياةٍ أكثر استدامة، لذا تقوم العلامات التجارية للملابس الفاخرة بواجبها من أجل جعله حقيقة واقعة.
ويهدف هذا المفهوم إلى إنشاء نظام حلقة مغلقة، حيث تتم إعادة تدوير المواد وإعادة استخدامها. ولتحقيق ذلك، قام العديد من العلامات التجارية بإطلاق المبادرات التي تشجع العملاء على إعادة المنتجات المستخدمة إليها عند الانتهاء منها، والتي غالباً تتم إعادة تدويرها لإنشاء منتجات جديدة، ما يقلل النفايات والتأثير البيئي الإجمالي للعلامة التجارية.
وإلى جانب ذلك، تتعاون العلامات الفاخرة مع مؤسسات بحثية مشهورة؛ لتصنيع مواد جديدة لها تأثير أقل على البيئة، ويمكن إعادة تدويرها بسهولة أكبر.
تثقيف المستهلك:
في حين أن بعض العلامات التجارية الراقية تتبنى الاستدامة، بسبب ضغط الجمهور المتزايد بهذا الاتجاه، لكن على الجانب الآخر العديد منها تقوم بتثقيف المستهلكين حول أهمية التسوق بشكل أكثر استدامة، ومحاسبة العلامات التجارية التي يختارونها على ممارساتها.
ومن خلال التواصل بشفافية مع مبادرات الاستدامة الخاصة بها، وتسليط الضوء على التأثير الإيجابي لاختيار المنتجات الصديقة للبيئة، لعبت العلامات التجارية نفسها دوراً كبيراً في التحول المجتمعي، الذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية.