الملكة إليزابيث، الأميرة ديانا، النجمة أودري هيبورن، الدوقة كيت ميدلتون.. جميعهن ارتدين القفازات في أكثر إطلالاتهن الملكية الأنيقة، فما سر ارتداء القفازات من قبل الأميرات ونساء الطبقة المخملية؟
القفازات.. إكسسوارات لا تغادر إطلالات الأميرات:
تتمتع قفازات الأميرات بتاريخ رائع وواسع يمتد لقرون عدة، ما يأسر خيال الناس في جميع أنحاء العالم، ولطالما اعتزت الملكات والأميرات والنبيلات بهذا الإكسسوار الأنيق، على مر العصور، ما يرمز إلى النعمة والرقي والمكانة الاجتماعية، ويمكن إرجاع أصول القفازات إلى الحضارات القديمة، حيث تم ارتداؤها في المقام الأول لأغراض عملية، مثل: الحماية، والدفء.
وخلال العصور الوسطى بدأت القفازات تلعب دوراً زخرفياً ورمزياً أكثر، وكانت الأميرات وسيدات الطبقة النبيلة في ذلك الوقت يجملن أياديهن بقفازات مصممة بشكل معقد، ومصنوعة من الأقمشة الفاخرة، مثل: الحرير، والمخمل، والدانتيل، ولم تضف هذه القفازات لمسة رائعة إلى ملابسهن فحسب، بل كانت أيضاً بمثابة انعكاس لمكانتهن الاجتماعية، وتطورهن.
وبمرور الوقت، تطور تصميم القفازات. ففي عصر النهضة، أصبحت القفازات أكثر تفصيلاً وفخامة، وتميزت بالتطريز الدقيق والخرز والزخارف والأحجار الكريمة، وصممت بدقة لتتناسب مع أزياء الأميرات، ما وفر مجموعة متناغمة وأنيقة تفوح بالأناقة والرقي، كما اكتسب طول القفازات أهمية، حيث تشير القفازات الأطول إلى مكانة اجتماعية أعلى.
الملكة إليزابيث.. والقفازات:
الملكة الراحلة إليزابيث الثانية أطول الملوك حكماً في التاريخ البريطاني، وكانت معروفة بأسلوبها الذي لا تشوبه شائبة، واهتمامها بالتفاصيل، ومن بين خياراتها العديدة للأزياء، هناك عنصر واحد أصبح مرادفاً لمظهرها الأيقوني، هو القفازات.
كانت القفازات من الإكسسوارات الأساسية في خزانة الملابس الملكية لقرون عدة، ولم تكن مجرد بيان أزياء، ولكنها خدمت أيضاً غرضاً عملياً. ففي عصر كانت فيه المصافحة شائعة، كانت القفازات تحمي اليدين من الجراثيم والأوساخ، وواصلت الملكة إليزابيث الثانية، على خطى أسلافها، الحفاظ على هذا التقليد، من خلال ارتداء القفازات في المناسبات العامة المختلفة.
كانت الملكة إليزابيث الثانية تدرك قوة رمزية القفازات، وغالباً استخدمتها لتعزيز صورتها الملكية، سواء في مناسبة رسمية، أو نزهة غير رسمية، فإن اختيارها للقفازات يضيف لمسة من الأناقة إلى مجموعتها، وغالباً كانت الملكة ترتدي قفازات تتناسب تماماً مع ملابسها، ما يُظهر اهتمامها بالتفاصيل، وإحساسها الدقيق بالأناقة.
وتلعب القفازات، أيضاً، دوراً مهماً في الآداب والبروتوكول الملكي، والملكة إليزابيث الثانية على دراية جيدة بهذه القواعد، وتفهم متى تكون القفازات مناسبة. على سبيل المثال، كانت ترتدي القفازات عند مقابلة كبار الشخصيات الأجنبية، أو حضور المناسبات الرسمية، ويعكس هذا الالتزام بالبروتوكول احترامها للتقاليد، ويُظهر التزامها بتمثيل النظام الملكي بكرامة.
القفازات عبر التاريخ:
تشير التماثيل واللوحات القديمة إلى أن البشر كانوا يرتدون قفازات بسيطة ومحبوكة بشكل بدائي، وأقدم القفازات الموجودة، هي التي تم صنعها في الفترة ما بين 1343 و1323 قبل الميلاد، وكانت عبارة عن زوج من الكتان، الذي يتم ربطه عند المعصم، وقد تم العثور عليه في مقبرة الملك توت عنخ آمون المصرية عام 1922.
وكان من الممكن حياكة القفازات في المنزل (للطبقة الفقيرة أو العاملة)، أو خياطتها من القماش أو الجلد (للأثرياء). لكن حتى بالنسبة للطبقات العليا، كانت للقفازات أغراض نفعية، مثل الحماية من الطقس، ثم أصبحت القفازات أكثر شيوعاً في أوروبا بالعصور الوسطى، ولأن صناعتها تتطلب موارد ومهارات أكثر من القفازات الأساسية، فقد كانت تميل إلى أن تكون مخصصة لملابس العمل الثقيلة، أو للأزياء والاحتياجات الاحتفالية للأثرياء.
وبدءًا من عام 973 بعد الميلاد، ومع إدغار المسالم ملك إنجلترا، كان كل تتويج لعاهل إنجليزي يتضمن طقوساً، حيث تتم إزالة القفاز الأيمن للملك من قبل مسؤول البلاط، الذي يقوم بعد ذلك بوضع خاتم التتويج على الإصبع الرابعة للملك أو الملكة، وعندما اعتلت الملكة إليزابيث الأولى العرش عام 1559، كان قفازها مصنوعاً من جلد الغزال الأبيض مع هامش فضي، والزوج الجلدي الثلجي الذي ارتدته إليزابيث الثانية في حفلها يوم 2 يونيو 1953، لم يكن مختلفاً كثيراً.
بحلول عهد إليزابيث الأولى، نادراً ما كان الأوروبيون من الطبقة العليا يظهرون في الأماكن العامة دون قفازات، كوسيلة للإشارة إلى مكانتهم، والالتزام بالموضة. تقول فاليري ستيل، مؤرخة الموضة ومديرة المتحف في معهد الأزياء للتكنولوجيا: إن صناعة القفازات كانت معقدة، وتحتوي على الكثير من العناصر الفاخرة، كما هي الحال في جميع صور الرسام الإيطالي تيتيان، في القرن السادس عشر، إذ كان الأثرياء يرتدون القفازات أو يمسكون بها.
الأهمية الثقافية للقفازات:
تحمل القفازات أهمية ثقافية هائلة في مختلف أنحاء العالم، ما يعكس قيم وتقاليد المجتمعات المختلفة. ففي الثقافات الأوروبية، لم تكن القفازات رمزاً للأرستقراطية فحسب، بل لعبت أيضاً دوراً بارزاً في آداب السلوك الاجتماعي، وغالباً كان يتم تقديمها كهدايا عزيزة للاحتفال بالمناسبات الخاصة، مثل: حفلات الزفاف، والتتويج الملكي.
كما أن تقديم القفازات يرمز إلى الاحترام والولاء والشرف. وبالمثل في الثقافات الآسيوية، ارتبطت القفازات بالاحتفالات التقليدية، وكانت ترتديها الأميرات خلال الطقوس والاحتفالات المهمة، ما يدل على مكانتها المرتفعة، وارتباطها بالتقاليد.
وبالإضافة إلى أهميتها الرمزية، خدمت القفازات أغراضاً عملية في ثقافات وبيئات متنوعة، ففي المناخات الباردة أصبحت القفازات ضرورية لحماية الأيدي من الظروف الجوية القاسية التي لا ترحم، وحمايتها من قضمة الصقيع وتوفير الدفء. وفي مهن مثل الطب، أصبحت القفازات أداة لا غنى عنها، للحفاظ على النظافة، ومنع انتشار الأمراض، لقد أحدث استخدام القفازات في الإجراءات الطبية ثورة في الرعاية الصحية، ما أدى إلى حماية المرضى والمتخصصين في الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، تم استخدام القفازات في مختلف الألعاب الرياضية والأنشطة، ما يوفر قبضة وحماية، ويعزز الأداء. ومن الملاكمة إلى التزلج، أصبحت القفازات مرادفة للسلامة والدقة.