لا تحب المصممة، نورة حفظي، أن تكون جزءاً من أجندة الموضة الرائجة، بل تغرد خارج سربها؛ فاستطاعت أن تنجح بفضل إبداعات تمزج فيها الأسلوب الكلاسيكي والتفاصيل الفاخرة بروح عصرية حيوية، وبرزت أزياؤها، التي لا تشبه سوى نفسها، من خلال علامتها الإماراتية المنشأ والمقر «Noora Hefzi»، منذ سنوات عدة.. في العام الماضي، اختار النجم العالمي، فاريل ويليامز، زياً من تصميمها، فاعتبرت هذا محطة مضيئة في مسيرتها.. في حوارها مع «زهرة الخليج»، كشفت نورة عن خطواتها المستقبلية، وتحدثت عن البدايات والتحديات، وهوية العلامة وقضايا الاستدامة، وغيرها:
لنعد إلى الماضي، وظهور موهبتك، وبداية رحلتك حتى تأسيسك «Noora Hefzi».. حدثينا عن تلك الرحلة!
بدأت رحلتي من حاجة كنت ألبيها لنفسي. لقد كنت - ومازلت حتى اليوم - زبونتي الأولى، إذ لم أكن أرغب، أبداً، في ارتداء ما هو دارج بالأسواق، أو ما ترتديه الكثيرات. هناك، دائماً، صيحات مختلفة في عالم الموضة، وأنا أحب مراقبتها، لكن دون أن أكون جزءاً منها. خلال المرحلة «الثانوية» بدأت أدرك تقييد الخيارات المتاحة للمرأة العصرية الأنيقة والفريدة. فقد وجدت النساء، غالباً، يرتدين ملابس مماثلة، أو حتى متطابقة في التجمعات والأحداث العديدة، ما جعلني أكثر انتقائية؛ عندما يتعلق الأمر بخياراتي الخاصة في الملابس، والقطع التي أشتريها. لذا، بدأت تغيير تفاصيل القطع التي أشتريها، بإضافة أشياء إليها أو إزالة أخرى منها؛ لتصبح أكثر تخصيصاً لأسلوبي الشخصي. وفي نهاية المطاف، أدى ذلك إلى صنع ملابسي الخاصة، التي حصلت على الكثير من الإشادة من الصديقات، والعائلة، وحتى الغرباء. لهذا بدأت علامتي التجارية الخاصة من المنزل، حيث كنت أقوم بصنع قطع فريدة من نوعها، واحدة فقط من كل تصميم، فلا أكرر التصميم أو اللون. بعد ذلك، بدأت صنع مجموعة واحدة في السنة من تلك القطع المحدودة، فكانت تراوح بين 30 و40 قطعة، وكانت غالباً فساتين فقط. إنها كأعمال فنية، يمكن أن تبدأ بسهولة محادثة مع غريب عند ارتدائها، كما أعرب عن ذلك عملاء عديدون.
فلسفة إبداعية
تقدمين تصاميم الـ«Ready-Couture».. هل هذه فلسفتك الإبداعية؟
إن ما يميز تصاميمي، هو مزج الألوان والخامات بطريقة غير معتادة، لكنها متناسقة؛ لأنني أركز على تكوين علاقة طيبة، وخدمة ممتازة مع كل من يقابلني، حتى إن لم يقم بشراء قطعة من تصاميمي؛ لأن الهدف الأهم والأسمى بالنسبة لي، من وراء عملي في التصميم، هو تحسين شعور النساء بأنفسهن، وتشجيعهن لرفع معنوياتهن، ولو من خلال كلمة طيبة، أو نصيحة بسيطة. علامتي هي «A Feminine Slow fashion brand»، وتعكس تصاميمي الطابع الشخصي لي في الأناقة، مع التركيز على تناقض الألوان والأقمشة، والحفاظ على أسلوب فريد ومرح. وتتم صناعة كل قطعة يدوياً من أقمشة فاخرة مع لمسة غير متوقعة، واهتمام خاص بالتفاصيل. إذ أسعى إلى تصميم قطع خالدة وغير موسمية، من شأنها أن تجعلك تتميزين، مع أناقة متجددة في القطع لسنوات من تاريخ صنعها، إذ يتم صنعها دائماً حسب الطلب، ويتم صنع كل قطعة يدوياً، كما يمكن تخصيصها حسب رغبة الزبونة.
استوحيت بعض تصاميمك من طفولتك بالمدينة المنورة.. إلى أي مدى أثرت عائلتك ونشأتك في تكوين المصممة بداخلك؟
المدينة المنورة من أكثر البقاع المحببة إليَّ على الأرض، فلها تقدير خاص في قلبي منذ الصغر. لم أعش هناك، لكنني كنت أزورها في الأعياد وشهر رمضان المبارك، فقد كان منزل جدي المكان الذي تجتمع فيه عائلة والدي كل عام. وقد عشت فيها ذكريات جميلة خلال طفولتي، وكنت أتطلع إلى تلك الزيارة كل عام؛ لاستكشاف الأثريات القديمة المخفية في أرجاء منزل جدي، وأيضاً للعثور على أقمشة نادرة، بدأت جمعها من هناك، وبناء مجموعتي الخاصة من الأقمشة ببطء، حتى قمت بابتكار علامة تجارية باستخدام هذه الأقمشة؛ لإنتاج قطع فريدة من نوعها، عن طريق مزج أقمشتها وألوانها.
ما المحطات المضيئة، التي واكبت تطور «العلامة»، منذ بدايتها إلى اليوم؟
أكبر إنجاز لي في عالم الموضة، حتى الآن، هو ارتداء النجم العالمي فاريل ويليامز قطعة من تصميمي العام الماضي لغلاف مجلة أزياء شهيرة، وأنه شخصياً أعجبته القطعة، وأراد ارتداءها بطريقته. ومن أحب الشخصيات إليَّ في عالم الموضة السعودية، والعالمية، دينا عبدالعزيز الجهني، التي ارتدت قطعاً عدة من تصميمي في مناسبات مختلفة. لكن ما أشعر، حقاً، بأنه أكبر إنجاز لي في هذا المجال، هو وجود عملاء مخلصين يعودون مراراً على مدى سنوات، ولديهم علاقات رائعة معي، ويثقون بي؛ لأنسق وأختار الألوان والإطلالات لهم، وأنصحهم بالنمو الشخصي، أو التغييرات الصحية في نمط الحياة. إنه أمر يعني لي الكثير، أن أتمكن من أن ألمس حياة عدد كبير من الناس بطريقة إيجابية.
الأسماء العربية حاضرة في تسمية مجموعاتك وتصاميمك.. هل يأتي هذا بشكل تلقائي، نابع من مخزونك الثقافي، أم هو طريقتك في الحفاظ على الأصالة، ونشر الثقافة العربية؟
الأسماء تأتي فقط إلى ذهني عند تصميمي المجموعة. في مجموعة «بهيجة» الأخيرة، استخدمت أسماء أشخاص من عصر جدتي، أو دائرة معارفها. وفي بعض المجموعات الأخرى لم تكن الأسماء بالضرورة عربية، أو مرتبطة بقصة إلهام المجموعة.
بدايتي مستدامة
ما الدور الذي تلعبه الاستدامة في عالمك، وكيف تسعين إلى ترسيخ أساليبها ومفاهيمها؟
الاستدامة شيء بنيت عليه علامتي التجارية منذ اليوم الذي بدأت فيه، وكان ذلك بفضل انضمامي إلى هذا الاتجاه عندما بدأ عالم الموضة يتحدث عنه في السنوات الأخيرة، وبدأ التركيز عليه خلال فترة «كوفيد - 19». لكنني أشعر بأنها طريقة للحياة، تجعل الأعمال تسير بسلاسة. عموماً، أكره الهدر في أي شيء بالحياة، وأتأكد أنني أطبق ذلك في عملي أيضاً. أومن بأنه ليس من الضروري أن تكون الفخامة في التصميم والحياة سبباً في الهدر. طريقتي في التحقق من الاستدامة، دائماً، كانت هذه، إذ أقوم بتصميم عينات من مواد ذات جودة عالية، ثم أصنّع القطع الجديدة بناءً على طلب العميل. وبالتالي يمكننا تخصيص الطول أو الأكمام أو حتى اللون إذا لزم الأمر. بالنسبة لي، التخصيص بطريقة مستدامة، هو أعلى درجات الرفاه والفخامة.
أطلقتِ العام الماضي مجموعة مجوهراتك الأولى، هل تخططين للاستمرار في خط تصميم المجوهرات، وما ملامح المجموعة المقبلة؟
بالنسبة للمجوهرات، كنت أصنع هذه القطع لنفسي منذ سنوات، ولاقت إعجاباً كبيراً من كل من حولي، ولأنني أحب مزج الإكسسوارات في اللبس، وتنسيق القطع بطريقة مميزة، قررت أن أجرب تصنيع هذه المجوهرات التي أطلقتها منذ حوالي عام تقريباً، وهي عبارة عن عقد وأقراط بشكل ثلاثي الأبعاد، على صورة نخلة مصنوعة يدوياً من النحاس الخالص، المطلي بالذهب، والمزين بحبات اللؤلؤ الطبيعي.
حالياً.. ما أكثر التحديات التي تواجهك، بعد نمو «البراند»؟
أشعر بأن أكبر التحديات بالنسبة لي هو الموازنة بين حياتي العملية وكوني زوجة وأماً لأطفال صغار، يحتاجون إلى الاهتمام والرعاية. بالإضافة إلى القيام بكل شيء بمفردي، فقد كان هناك الكثير من الضغوط والمسؤوليات في الوقت نفسه.
ما طموحك بالنسبة لعلامتك التجارية؟
لطالما أحببت الأحذية، فأنا ممن يجمعونها منذ سنوات طويلة. ومع ذلك، أصبح من الصعب عليَّ العثور على أحذية جميلة حقاً في السنوات الأخيرة؛ لذلك أخطط لبدء مجموعة أحذية ضمن علامتي التجارية؛ لملء هذه الفجوة، التي أراها في السوق، لنفسي أولاً، ولتكون أحذية جميلة وخالدة وأنيقة وفريدة. أرغب، أيضاً، في التوسع بمجال الإكسسوارات/ المجوهرات، إذ إنها شيء شخصي، أستخدمه كثيراً في تصميمي الخاص، وأرغب في تصميم قطع جميلة وغريبة، لتجلب البهجة عند ارتدائها.