ما أحوجنا في هذا العصر، الذي تتسارع فيه التغيرات البيئية، ويتزايد التأثير البشري في الأرض، إلى اتباع سلوكيات تحقق لنا استدامة مواردنا.. فلم يعد الحديث عن مفهوم الاستدامة البيئية مرتبطاً بحوارات ومؤتمرات وأحداث عالمية، تدرس هذا المصطلح ومفاهيمه وكيفية تحقيقه، بل من المهم أن يصبح جزءاً من ثقافتنا، وأسلوب حياتنا بأكملها.
أفعالنا اليومية البسيطة لها تأثير في بيئتنا أكبر مما نتخيل، وهذا ما أثبتته الأبحاث البيئية في ما تعانيه الأرض اليوم من مخاطر؛ لتصبح الاستدامة مفتاح المستقبل؛ إن أردناه سالماً معافى. وهنا من الأهمية بمكان تشجيع الوعي الاجتماعي حول الاستدامة، فعندما نفهم تأثير أفعالنا اليومية في البيئة والمجتمع، ستبدأ أولى خطواتنا نحو تحقيق هدف أكبر. لكن المهم، حقاً، أن نبدأ تلك الخطوة، فلا نستهين أبداً بفعل بسيط، مثل: إطفاء مصابيح البيت غير المستخدمة، أو إغلاق صنابير المياه بشكل جيد، أو تقليل هدر الطعام، أو تدوير الأشياء الشخصية والمنزلية في استخدامات أخرى مفيدة.. وغير ذلك من سلوكيات إيجابية تنعكس علينا وعلى المجتمع، ثم على البيئة المحيطة، وتالياً على مستقبلنا، ومستقبل كوكبنا.
إن جعل الاستدامة أسلوب حياة وثقافة يومية هو الطريقة الوحيدة لضمان استمرار الحياة على كوكب الأرض. لذا، نحن ملزمون بالعمل معاً، وبجدية؛ لتحقيق هذا الهدف؛ لأن مستقبلنا، نحن والأجيال القادمة، يعتمد على ما نفعله اليوم. فمسألة ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه لم تعد مسؤولية فردية، وإنما مسؤولية جماعية؛ نظراً لأهميتها في الحفاظ على البيئة، ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي باتت تؤثر في كل مناحي حياتنا..
العالم سيجتمع، نهاية الشهر الجاري، في دولة الإمارات، ضمن مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28)؛ بهدف إحراز تقدم ملموس بشأن العمل المناخي العالمي، وإعطاء دفعة للجهود الدولية، الساعية إلى تنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بمواجهة التغيرات المناخية. لكن، يبقى دورنا، كأفراد، هو الأهم والأكثر تأثيراً.. نحن بحاجة ماسّة إلى استدامة سلوكياتنا الجيدة، وجعلها أسلوب حياة، وليست مجرد أفعال نؤديها في مناسبات قليلة خلال أيام العام.. وكلَّ عام وكوكبنا بسلام!