يمل الإنسان الروتين الرتيب، والأشياء المتشابهة، والظروف التي لا تتغير، لذلك تؤثر كل هذه الظروف في صحته العامة، إذا ما أضفنا إليها جيناته الوراثية وعمره ونمط حياته، سواء أكان صحياً أم لا.
وفي ما يخص العاملين، الذين يقضون ساعات طويلة وراء مكاتبهم، متسمرين على أجهزة الكمبيوتر؛ لإنجاز مهماتهم الوظيفية، يساهم الركون على هذه الحالة في زيادة نسبة التعرض لأمراض مختلفة، بما فيها التدهور المعرفي، الذي يسمى طبياً «الخرف»، و«الزهايمر».
تقول دراسة طبية بريطانية، نشرتها صحيفة «ديلي ميل»، إن الأفراد الذين يقضون جلَّ أوقاتهم ساكنين بلا حركة، معرضون بنسبة أكثر للإصابة بالخرف، مقارنة بمن يمارسون أنشطة بدنية تكسر حاجز الروتين والملل، وتبث الطاقة والحيوية في أجسامهم، خلال يومهم الطويل.
ومن أبرز العوامل التي تسبب الخرف، بسبب العمل المكتبي الطويل «قلة النشاط البدني»، حيث يؤدي الجلوس لساعات طويلة وراء المكتب للعمل، دون قطع الوقت بممارسة النشاط البدني، إلى الكسل والخمول، إذ يجب قطع المدد الطويلة بالقيام بأي مجهود بدني، ولو من خلال المشي لمدة دقيقتين خلال الساعة، لتعزيز تدفق الدم إلى الدماغ، كون «زيادة السلوك المستقر»، الذي يعني الجلوس لفترات طويلة، تؤدي إلى نمط حياة خامل، يرتبط أيضاً بخطر الإصابة بالتدهور المعرفي.
ومن مظاهر الجلوس الطويل وراء المكاتب «الجلوس بوضعية خاطئة»، إذ تؤدي إلى حدوث ضغط على العمود الفقري، ما يضعف تدفق الدم إلى الدماغ، كما يؤدي عدم الحركة مع «تناول الطعام أثناء العمل جلوساً» إلى زيادة الوزن، والإصابة تالياً بالسمنة، ما يوفر في الجسم فرصاً كبيرة للإصابة بالسكري، ومشاكل الأوعية الدموية.
اجتماعياً، يؤدي الجلوس لساعات طويلة انهماكاً في العمل إلى «قطع العلاقات الاجتماعية»، ما يعني المكوث في عزلة طويلة، فـ«العزلة الاجتماعية» أيضاً تتسبب - في حال طول مدتها - في الإصابة بالاكتئاب، وهي مقدمة محتملة لزيادة خطر الإصابة بالخرف.
وكون العمل المكتبي لساعات طويلة مرتبطاً بالكثير من المهمات التي على الموظف إنجازها في وقت محدد، فإنه يساهم في «التوتر والإجهاد»، حيث حدد الأطباء «الإجهاد المزمن» بأنه أحد أسباب الخرف.
ويضاف إلى ذلك «النظام الغذائي غير الصحي»، حيث يسهل على الموظف تناول الأطعمة السريعة ذات الكوليسترول والسعرات الحرارية العالية، ويؤثر الغذاء السلبي في صحة الدماغ على المدى الطويل، ما يزيد خطر الإصابة بالتدهور المعرفي.
وبالطبع، كلما زادت ساعات العمل المكتبي، كلما زادت معها نسب التعرض لأمراض مختلفة أخرى، مثل: تيبس الجسد، وألم الظهر، والضغط النفسي، والعصبي، والإرهاق.