كلثــم عبدالله: «أيــادي تنلف بحريـر» تحـافـظ علــى الهـوية الإماراتـيــة

كلثــم عبدالله: «أيــادي تنلف بحــريــــر» تحـافـظ علــى الهـويـــة الإمـاراتـيـــــة
أصالة الموهبة، وعمق الإبداع، وانفتاح آفاق الرؤية.. أبرز ما يمكن أن نطلق عليه تجليات الإلهام وتألق الأفكار لدى رائدة الأعمال كلثم عبدالله، الشاعرة والكاتبة المبدعة، التي تزداد دوائر مبادراتها يوماً تلو آخر، خاصة مبادراتها المجانية، التي تتبنى وتحمي وتعلم من خلالها السيدات الحِرَفيات، على اختلاف مهنهن

أصالة الموهبة، وعمق الإبداع، وانفتاح آفاق الرؤية.. أبرز ما يمكن أن نطلق عليه تجليات الإلهام وتألق الأفكار لدى رائدة الأعمال كلثم عبدالله، الشاعرة والكاتبة المبدعة، التي تزداد دوائر مبادراتها يوماً تلو آخر، خاصة مبادراتها المجانية، التي تتبنى وتحمي وتعلم من خلالها السيدات الحِرَفيات، على اختلاف مهنهن وأعمارهن، الأمر الذي يشكل كنزاً مجتمعياً، يكشف عن ثراء المواهب الإماراتية، وقدرتها على العطاء والرقي.

ما قدمته كلثم عبدالله، عبر مسيرتها الحافلة بالعطاء، بداية من عملها عقب تخرجها في قسم علم النفس أخصائية اجتماعية، ثم رئيسة قسم الصحة النفسية بوزارة التعليم، وانتهاء بتجربة شاعرية رائدة، وكتابة صحافية متميزة، وأعمال مشهود لها بالثقة والكفاءة والخبرة، محلياً ودولياً.. كل ذلك يكشف عن عمق وأصالة انتمائها إلى الإمارات، شعباً وقيادة، كما يكشف ثراء نشأتها، وتمكنها المعرفي في ما يخص ثقافة التراث الإماراتي، وقوة الحب الذي يربطها بحِرَفيات الإمارات، وسعيها الدؤوب إلى تمكينهن، وتشجيعهن على الوصول إلى الريادة والعلا.

عن بدايات كلثم في مجال ريادة الأعمال، توضح: «بدأت دخول مجال ريادة الأعمال عام 1995، حيث كانت لي صديقة تجلب لي نوعاً من الحلوى من قطر كهدية، كلما سافرت إلى هناك. لاقت هذه الحلوى استحسان الأهل والعائلة، بعدها قمت بزيارة قطر خلال مؤتمر للكتاب العربي؛ كوني شاعرة وكاتبة، ولم أتراجع لحظة في زيارة مصنع الحلويات، وكانت هذه الزيارة بداية انطلاقتي معهم، حيث دعوتهم لإنشاء مصنع بالإمارات، لم أحصل على رد وقتها. بعد 3 أشهر، بدأ التعاون بإرسال 6 عاملين بالمصنع هناك للعمل في الإمارات، وقمت بإصدار التراخيص المطلوبة، وبالفعل تم إنشاء أول مصنع لصناعة هذا النوع من الحلوى العربية في دبي، وتكلف التأسيس حوالي 600 ألف درهم، ونجح المصنع، وافتتحت فروعاً أخرى في الشارقة، وعجمان، أبوظبي».

تحديات.. ونجاح

عندما نجحت رائدة الأعمال كلثم في مشروعها الأول، لم يتوقف شغفها بعالم ريادة الأعمال عند هذا الحد، لكنها بدأت تتوسع وتدمج علاقتها بريادة الأعمال مع كونها شاعرة وأديبة؛ ففكرت في إنشاء شركة للدعاية والإعلان، وتوضح: «بعد تأسيس شركة الدعاية والإعلان، قمت بإصدار مجلة سيدات الأعمال، بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية، ثم أصبحت المجلة دولية، وباتت تصدر من القاهرة والإمارات. كانت في البداية ورقية، ثم أصبحت إلكترونية، وهي مجلة تهتم بأنشطة سيدات الأعمال، ودعمهن وتمكينهن، وأصبحت لديها شراكات استراتيجية مع دول عربية وأجنبية عدة، مثل: النمسا، وتركيا، والبوسنة، وغيرها، وهدفها دعم وتمكين المرأة بشكل عام، والمرأة الحرفية بشكل خاص، ومن هنا جاءت فكرة مبادرة (أيادي تنلف بحرير)».

تقول كلثم عن الصعوبات والتحديات، التي واجهتها عند إطلاق المبادرة: «واجهت - في بداية إطلاق المبادرة - بعض الصعوبات، مثل وسيلة التواصل في المجموعة التي أنشأتها عبر تطبيق (واتساب)، حيث طلبت معظم السيدات الحرفيات التخاطب بالرسائل الصوتية، بدلاً من الكتابة، لأن كثيرات منهن لا يعرفن القراءة والكتابة».

النجاح، واجتياز الصعوبات من الأمور التي تميز رائدة الأعمال كلثم، وقد بات ذلك جلياً؛ عندما نجحت في اجتياز أولى العقبات، إذ تستطرد قائلة: «بدأ الانسجام والتفاهم بين جيلين من الحرفيات: كبيرات السن، والشابات، من المقبلات على تطوير حرفة الآباء والأجداد، لكننا واجهنا تحدياً آخر، هو تنظيم أوقات الدخول والمشاركات والعروض الداخلية للمنتجات، فقد استغرق وضع جدول العروض التجارية للحرفيات، وضبطه، وقتاً غير قصير، بالإضافة إلى طرح فكرة عمل مواقع مجانية لجميع حرفيات الدولة، وكان الأمر أيضاً من الأمور الصعبة؛ لأن معظم السيدات الحرفيات ليست لديهن فكرة عن استخدام المواقع الإلكترونية في التسويق. لذا، واجهنا صعوبة كبيرة، استغرقت أسابيع من الشرح، والتوعية، والتطبيقات العملية، وكان محو الأمية الإلكترونية للحرفيات أحد أهداف المبادرة، التي نجحنا في تحقيقها».

سوق المرفأ

حدثت بعد تلك النجاحات سلسلة من التقدم، تقول عنها كلثم: «الحمد لله.. بعد اجتياز المراحل الأولى الصعبة، استطعت إنشاء بوابة إلكترونية (سوق افتراضي) للحرفيات، لعرض منتجاتهن من خلاله، وبيعها، ومن هذه الحرف المشاركة: تصميم منتجات من الخوص وسعف النخيل، والبخور والعطور، والملابس التراثية المزينة بالسدو والتلي، والعبايات، وصناعة الدمى والصابون، كل ذلك بأيادٍ إماراتية خالصة، إذ تعمل المرأة الإماراتية في منزلها، ونقوم نحن - من خلال البوابة - بمساعدتها في التغليف، وطباعة منشورات إعلانية للتعريف بالمنتج، ثم عرضها للبيع أيضاً، والتواصل يتم من خلال رابط إلكتروني مع سيدة الأعمال (الحِرَفية) مباشرة، من خلال السوق الرقمي (حرفيات دوت كوم)، الخاص بهن، والوحيد على مستوى الوطن العربي».

وعن عدد الحرفيات المشاركات، توضح: «بلغ عددهن - في البدايات - حوالي 200 سيدة إماراتية. الآن، وبعد توسع الفكرة؛ أصبح لدينا حوالي 16 بوابة إلكترونية، تحت شعار (أيادي تنلف بحرير)، في 16 دولة عربية وأجنبية، بعد أن لاقت نجاحاً مبهراً في الإمارات، وهي مبادرة فردية بمجهود ذاتي، والمدهش في الأمر أن المشاركات من جميع الأعمار، وكانت بينهن علاقة جميلة من التفاهم والانسجام والتعاون، وتبادل الخبرات، خاصة مع كبيرات المواطنات».

لم تتوقف كلثم عند دعم رائدات الأعمال (الحِرَفيات الإماراتيات) افتراضياً عبر الإنترنت، فقامت بافتتاح حوالي 10 محال في سوق المرفأ بنخلة ديرة في دبي، لعرض منتجات الحرفيات، وتستكمل قائلة: «تقوم الحرفيات بتدريب من ترغب في تعلم حرفة ما، وإنشاء مشروع خاص بها، وأقمنا الكثير من المعارض في المكان نفسه، وقد قمت بتوقيع بروتوكول تعاون مع وزارة التضامن المصرية، والهدف من هذا البروتوكول هو افتتاح معرض دائم في سوق المرفأ؛ لعرض المنتجات المصرية الحرفية، تحت عنوان (ديارنا)، وتم افتتاح المعرض بحضور وزيرة التضامن المصرية نيفين القباج، ووزيرة تنمية المجتمع، في ذلك الوقت، حصة بوحميد».

دعم الحرفيات

تقول كلثم عبدالله إن المرأة الإماراتية حصلت على دعم وتمكين كبيرين من القيادة الرشيدة، وكل ما عليها هو استثمار هذا الدعم على أكمل وجه، لاسيما أن الإماراتية بفطرتها (ربة عمل) سيدة أعمال، حيث كانت قديماً تدير شؤون أسرتها، لمدة 5 أو 6 أشهر بالسنة، عندما كان يخرج زوجها للغوص، أو التجارة، فكانت تخيط الملابس، وتصنع البراقع (قناع يوضع على وجه المرأة)، وتقوم بتربية الدواجن، ثم بيع البيض للجيران، والمرأة في البادية كانت تقوم بتربية الأغنام والمواشي، وتصنع الزبد والجبن، ومنتجات الألبان، وبيعها، بالإضافة إلى غزل الصوف والسدو، وبالتالي هي رائدة أعمال وحرفية متميزة منذ البدايات، ولديها أيضاً القدرة على التسويق والبيع بفطرتها، وأتمنى وجود مؤسسات وأماكن مختصة؛ لدعم هؤلاء الحرفيات، ورعاية مشاريعهن على نطاق أوسع، حتى لو من خلال شراء المواد الخام.