لم تكن المتاحف، يوماً، مختصة بالآثار فقط، فقد تنوعت غايتها وأهدافها التي وجدت لأجلها، ومنها ما عرفت بكونها متاحف ثقافية، جذبت اهتمام عشاق الفن والثقافة والرياضة على حدٍّ سواء، بعد أن ضمت بين جدرانها إبداعاً بشرياً لن يجده الزائر في مكان آخر بالعالم.
وقد أدرجت دولتا النمسا وسويسرا اسميهما بين أفضل محطاتٍ القارة العجوز، التي وجدت فيها هذه المتاحف الثقافية المليئة بكل أشكال الفن والابتكار والإلهام.
نضع بين أيديكم، اليوم، أربعةً من بين أفضل المتاحف الثقافية في القارة الأوروبية، لمن يرغب في زيارتها، ومعايشة سحرها على أرض الواقع:
متحف قصر بلفيدير:
يجمع هذا المتحف، بين ثناياه، أغلب رموز التراث الثقافي للعاصمة النمساوية فيينا، عدا تلك الحدائق الساحرة، والهندسة المعمارية التاريخية، التي يمتاز بها، في ما يوفر لزواره رحلة رائدة يتجول فيها القادم إليه عبر القرون السالفة؛ ليطلع على أهم فنونها وإبداعاتها.
ويصف زوار متحف قصر بلفيدير تجربتهم بكونها زيارة لا تنسى أبداً، ويبرز جمال العمارة الباروكية، ويعرف بكونه مكاناً ديناميكياً يعزز الحوار بين الماضي والحاضر.
ويمتاز هذا المتحف بتقديمه عدداً من البرامج التعليمية، وفتح النقاش والحوار بين خبراء متمرسين في الفن، وهاوين وفضوليين يرغبون في معرفة أسراره.
أسس المتحف قبل 300 عام، وقد أقام بهذه المناسبة معرضاً فردياً للفنانة لويز بورغوا، التي عاشت بين عامَيْ: 1911 - 2010، وهي التي توصف بأنها "أم الفن النسوي العالمي"، كما يقيم المتحف أيضاً بمناسبة مرور 300 عام على تأسيسه معرض «بلفيدير Picture This!»، الذي يسلط الضوء على العلاقة المتبادلة بين الفن والمجتمعات المحلية في البلدان المختلفة.
متحف أليمينتاريوم:
يعد هذا المتحف، الواقع في مدينة فيفي بسويسرا، وجهة مثالية لعشاق الطهي، واستكشاف أهم فنون هذه المهنة الرائدة.
ويمتاز متحف أليمينتاريوم بتصميم نادرٍ وفريد من نوعه، فقد جمع التراث المعماري الأوروبي الفريد بالحداثة والتطور، إذ بني هذا المتحف عام 1921، وكان يستخدم كمقر إداري لواحدة من أشهر الشركات في العالم، قبل أن يصبح معلماً كلاسيكياً داخل المدينة، ويتم تحويله لاحقاً إلى واحد من أهم المتاحف الثقافية حول العالم.
ويتيح المتحف لزواره اكتشاف أسرار طهي المقالي والقدور، وتغيرها بين الماضي والحاضر، إضافة إلى إقامته فعاليات تذوق منوعة.
ويشكل هذا المتحف وجهة حقيقية للاطلاع على ثقافة الطهي، ويعد وجهة رائدة لخبراء التغذية من كل أرجاء العالم، لذا فقد عرف متحف أليمينتاريم بكونه مكاناً يجمع بين العلم والفن والثقافة، التي تتجسد من خلال عالم المأكولات والطهي.
المتحف الأولمبي:
يقع هذا المتحف في قلب مدينة لوزان السويسرية، التي تعرف بكونها عاصمة أولمبية للبلاد، وقد أنشئ هذا المتحف ترسيخاً للروح الرياضية والإنسان وإنجازاته، خاصة أن المدينة كانت مركزاً لمقر اللجنة الأولمبية لمدة قرن من الزمان.
ويعرض المتحف تاريخ الأولمبياد وثقافته خلال القرون الماضية، عبر أكثر من 150 شاشة تفاعلية عملاقة، إضافة لكونه يضم بين ثناياه أكثر من 1500 قطعة أثرية عملاقة كلها متعلقة بالألعاب الأولمبية وتاريخها، فيمكن للزائر مشاهدة المشاعل الأولمبية التاريخية والميداليات التي قدمت للفائزين عبر مختلف الأزمان والعصور، إضافة لتلك المعدات الرياضية، التي استخدمها الأبطال الأسطوريون لهذه الألعاب.
ويوصف المتحف الأولمبي بكونه رمزاً عالمياً للتميز، إذ يجذب عشاق الرياضة والثقافة على حد سواء، كما أنه يقدم العديد من الفعاليات الممتعة لزائريه.
متحف فيينا التقني:
وجهة لكل عشاق التكنولوجيا وروادها، خاصة أنه عرف بكونه يعرض تاريخ الابتكار البشري، ويتتبع التطور التكنولوجي منذ بدء عصر الثورة الصناعية حتى وقتنا هذا.
ومن أبرز ما يميز متحف فيينا التقني، أنه، وبجانب تقديمه عدداً من القطع الأثرية الفريدة، فإنه يقدم معارض خاصة بالتطبيقات والوسائط المتعددة، ويمنح مرتاديه تجارب تعليمية فريدة.
ويمكن للزوار، أيضاً، استكشاف الإنجازات الهندسية الرائعة من خلال معارض، مثل «12.10، قاطرة بخارية فائقة الجودة»، والتي تعد أكبر وأقوى وأسرع قاطرة بخارية في النمسا.
ويمنح المتحف، أيضاً، خوض تجارب نادرة مع وسائل الإعلام، وكيفية تطورها، وينطبق الأمر ذاته على الآلات الموسيقية في عالمنا الحديث.