بدأ الفنان الإماراتي مروان عبدالله صالح مشواره الفني منذ الصغر، فتنقل بين المسرح والدراما التلفزيونية والسينما، وقدم عدداً من الأدوار المتميزة، التي وضعته في الصفوف الأولى بين فناني جيله، ولأنه يعشق «أبو الفنون»، الذي تأسس ونشأ فيه، وأصقل خبراته التمثيلية من خلاله؛ اتخذ صالح قرار دخول الإنتاج المسرحي؛ لتكون الانطلاقة نحو المسرح الجماهيري في الإمارات، فحصد من خلاله العديد من الجوائز، منها: «أفضل ممثل»، و«أفضل مخرج»، في مهرجانات مسرحية محلية، وخليجية، وعربية.. «زهرة الخليج» التقت الفنان الإماراتي؛ ليحدثنا عن مسرحيته الجديدة «سجن باركود»، ولماذا فكر في الابتعاد عن الدراما التلفزيونية، ورأيه في المنصات الرقمية؛ فكان هذا الحوار:
بدايةً.. حدثنا عن مسرحيتك الجديدة «سجن باركود»، التي تم عرضها مؤخراً، وحققت صدى جماهيرياً لافتاً! يستعرض العمل الأحداث اليومية داخل «سجن باركود»، وما يحدث به من مواقف، وحياة المساجين، وسلوكهم في ما بينهم من جهة، وبينهم وبين الحراس والمسؤولين عن السجن من جهة أخرى، في قالب كوميدي استعراضي غنائي. كما يرى المشاهد، أيضاً، خلال الأحداث الدرامية علاقة المساجين (رجالاً ونساء)، والمواقف التي تعترضهم، والمعاناة التي يعيشونها، وقصة كل سجين، وكيف انتهى به الأمر داخل السجن. المسرحية من إنتاج وتنظيم مسرح دبي الأهلي، و«مروان قروب»، وتعتبر أضخم عمل مسرحي كوميدي استعراضي في الإمارات، وقد توليت إخراجه والمشاركة في بطولته. وكتبت العمل المسرحي المؤلفة الشابة ميره المهيري، وشاركت في بطولته نخبة من نجوم المسرح، مخضرمين وشباباً، منهم: موسى البقيشي، وعبدالله الباهتي، وسلطان بن دافون، وناجي جمعة، وهيفاء العلي، وهيا القايدي، وريم الفيصل. استغرقت المسرحية من فريق العمل، للتحضيرات والبروفات، 6 أشهر تقريباً في قاعة مسرح دبي الأهلي.
مواهب واعدة
بماذا تتميز هذه المسرحية عن غيرها من الأعمال، التي قدمتها سابقاً؟ «سجن باركود» تحدٍّ كبير بالنسبة لي، فمن ناحية ضمت أكبر مجموعة من الممثلين في عمل مسرحي واحد، ومنحت المواهب الشابة فرصة إبراز إبداعاتها، فلكل ممثل دوره الرئيسي في أحداث المسرحية. كما كان التحدي الأكبر في إظهار العنصر النسائي بالجانب الكوميدي، فالاعتقاد السائد أن المرأة لا تناسبها الأدوار الكوميدية، وليس لدى بعض النساء الحس الكوميدي. لكننا في هذا العمل كسرنا القاعدة، وحاولنا تغيير هذه النظرة، وأظهرنا مواهب الممثلات اللواتي أبدعن في الأدوار الكوميدية، ولاقت أدوارهن ردود أفعال إيجابية.
إلى أي مدى تهتم بدعم الإبداعات الواعدة، وإبراز مواهبها، في المجالات الفنية كافة؟ في بداياتي، كنت أنتظر الفرصة التي أظهر فيها إبداعاتي، وكنت أبحث عن الأشخاص الذين يثقون بموهبتي. لذلك، ومن خلال المسرح، أحاول قدر الإمكان دعم المواهب، لأنه من الضروري التعاون مع الشباب، ومنحهم الفرص؛ لتعزيز الثقة بمواهبهم، ولإثراء الساحة الفنية الإماراتية بإبداعات جديدة في الكتابة والتمثيل والإخراج، ولينطلقوا في سينمائياً وتلفزيونياً؛ ولهذا تعاونت في «سجن باركود»، للمرة الأولى، مع المؤلفة الشابة ميره المهيري.
كيف دعمك مسرح دبي الأهلي؛ لبلوغ ما تطمح إليه في حضور المسرح الجماهيري؟ أفتخر بكوني نائب رئيس مجلس مسرح دبي الأهلي، المنشأة الرائدة في المجال المسرحي بالإمارات. فخلال 40 عاماً منذ تأسيسه، أنتج أعمالاً مسرحية تحاكي واقع المجتمع، وتلامس قصص الناس، في قوالب درامية وكوميدية متنوعة، فبرزت أعمال عدة من خلاله، لقيت نجاحاً كبيراً محلياً وعربياً. أحاول - قدر الإمكان - تحقيق الحضور القوي للمسرح الإماراتي، خاصة الجماهيري، بعدما توقف النشاط المسرحي لفترة بسبب «الجائحة»، وعندما لاحظت تعطش الجمهور إلى «أبو الفنون»، بعدما عُرِضَتْ مسرحيتا: «موديل 90»، و«سمعون في زمن فرعون»، ولاحظت الإقبال الجماهيري الكبير على العروض المسرحية، وردود الأفعال الإيجابية؛ عملت على تقديم مسرحيات أخرى بدعم من مسرح دبي الأهلي.
هل حققت هدفك بزيادة الحركة الإنتاجية في الأعمال المسرحية الجماهيرية؟ خلال السنوات الأخيرة، قدمت أعمالاً عدة، منها: «الدوام لله»، و«سكة غبر»، و«موديل 90»، و«سمعون في زمن فرعون»، وقد حققت صدى كبيراً؛ فأثبتنا من خلالها أن لدى المسرح الإماراتي القدرة على الحضور المفعم بالإبداع والحيوية والنشاط الفكري، ما يضفي على الساحة قيمة مسرحية رزينة، ومكانة إبداعية رصينة، ورؤية تؤهله ليكون حاضراً في المسارح الدولية، وأقوم بذلك الأمر بالتعاون مع عدد من الممثلين من عشاق «أبو الفنون»، وجاء الحضور الجماهيري للعروض المسرحية في الأعياد والمواسم أكبر دليل على ذلك، لكننا لانزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام من الجهات المعنية بالثقافة والفن، وتوفير التسهيلات المطلوبة لصناع المسرح المحليين؛ لتقديم مثل هذه العروض المسرحية الهادفة، التي تلقى اهتماماً كبيراً من عشاق المسرح.
عودة جديدة
سابقاً.. كنت تفكر في الابتعاد عن الدراما التلفزيونية، فما أسباب هذه الفكرة، ولماذا عدت من جديد؟ السبب يكمن في أن المنتجين كانوا يحصرونني في دور «الفتى المشاكس»، وشعرت بأنني وصلت إلى عمر لا يصلح للعب هذا الدور؛ لذلك توجه تركيزي نحو السينما في أعمال متميزة عدة، ظهرت خلالها بشكل مختلف، مثل فيلم «الكمين». لكنني، في رمضان الماضي، قدمت عملين دفعة واحدة، بدورين مختلفين، في مسلسلين، هما: «بو حظين» الذي عرض على شاشة «قناة الإمارات»، و«أهل الدار»، وقد خرجت فيهما من عباءة الشاب (الخفيف الظل، والحبيب، والمشاكس)، إلى الأدوار الجادة والاجتماعية، التي كنت أبحث عنها للتنويع في مسيرتي الفنية على «الشاشة الفضية»، وكنت سعيد جداً بوقوفي مجدداً أمام «عملاق الكوميديا» الفنان جابر نغموش، الذي وقفت أمامه في مسرحية «المصير» عام 1987، وتوالت مشاركاتي معه في عدد من الأعمال الدرامية التلفزيونية المتميزة والناجحة. كما سعدت، أيضاً، بمشاركتي المتميزة في «أهل الدار»، الذي قدمت فيه دور «راجح»، الذي قدمني بقوة في الأدوار الجادة.
ما رأيك في الحركة الإنتاجية التي تشهدها الدراما المحلية، خاصة أن 4 مسلسلات نافست بقوة في الماراثون الرمضاني السابق؟ إن زيادة الإنتاج الدرامي في رمضان الماضي أثمرت تقديم أعمال متميزة، نالت رواجاً، وحققت منافسة قوية في السباق الدرامي، وتم إنتاجها بطاقم عمل وممثلين إماراتيين، مقارنة بالسنوات السابقة، التي كانت الإنتاجات فيها محلية، ولكن معظم المشاركات كانت خليجية. نتمنى الاستمرار على هذا النهج من قِبَل القنوات التلفزيونية، وصناع الدراما في رمضان المقبل، وألا يقتصر الحضور الدرامي على السباق الرمضاني فقط، بل نريده على مدار العام، بإنتاج وعرض مسلسلات محلية في مختلف المواسم الدرامية.
ختاماً.. كيف أسهمت المنصات الرقمية في تحريك العملية الإنتاجية الدرامية؟ التوجه نحو الإنتاج الخاص بالمنصات الرقمية، الخاصة بالقنوات التلفزيونية؛ لإنتاج أعمال درامية ومسرحية، أمر ضروري ومهم، حيث تجب مواكبة التطور، والطفرة التي أحدثتها الأعمال الأخرى عبر المنصات، التي طرحت قضايا جديدة، وأفكاراً «خارج الصندوق»، وأظهرت العديد من الممثلين في أدوار مختلفة وجديدة كلياً عن التي ظهروا فيها سابقاً.