من حق الجميع أن يحلموا بالثراء، ليتنعموا في حياتهم، ويحققوا أحلامهم بالحياة السعيدة التي يتصورونها، من رحلات وسفر، ومتع لا تنتهي.

وفي الوقت، الذي يدرك فيه الجميع أن الثراء لن يتحقق إلا بالسعي والعمل، يصدم مشاهير «السوشيال ميديا» الناس العاديين، بأسفارهم ورحلاتهم وملابسهم الغالية، وسياراتهم وساعاتهم وعطورهم، ما يولد لدى هؤلاء المتابعين شعوراً بالغيرة، وحلماً بتحقيق الثراء الذي يغنيهم عن الوظيفة، خاصة أن معظم هؤلاء المشاهير، من غير الفنانين والرياضيين، استثمروا ظهورهم على منصات التواصل الاجتماعي بأشكال عدة، ساهمت في أن يكونوا محط أنظار الناس.

  • مارك كوبان

وبين الحين والآخر، تظهر أمام متتبعي مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات، يدعو أصحابها المشاهدين لتعليمهم مهارات الكسب المادي السريع، بحيث يغري أصحاب هذه الفيديوهات ضحاياهم بصور البيوت والسيارات التي يملكونها، ويعرضون صوراً لرحلاتهم وأسفارهم وملابسهم الثمينة، وغالباً يقع المتوهمون بتحقيق حلم الثراء في براثن أصحاب الفيديوهات، ما قد يعرضهم للنصب والاحتيال.

وفي هذا الجانب، يحسم الملياردير الأميركي، مارك كوبان، نظرية أصحاب الفيديوهات، حول ادعائهم معرفة الطريقة التي تؤدي إلى الكسب المالي السريع دون مجهود حقيقي، فقال كوبان، في بث مباشر من خلال صفحته على منصة «تيك توك»، التي يقترب متابعوه فيها من مليون شخص: «إن أي شخص يدعي أن لديه طريقة تجعل كسب المال سريعاً، وسيعلمك إياها، يكذب عليك، بهدف استغلالك!».

ويؤكد كوبان، الذي حقق ثروته الشخصية من خلاله عمله بقطاع التجارة، ويشير إلى أنه رجل أعمال في البطاقة التعريفية عنه في حسابه، أن أي شخص ناجح لا يفصح عن أسرار تنمية ثروته، وأن صاحب أي فكرة لن يعرضها على الملأ، بل سيقوم بتنفيذها فوراً، لكسب المزيد من المال، غير عابئ بغيره.

ووفق تقرير، نشرته شبكة «CNBC» الأميركية، يبين كوبان أن «معلمي كسب المال بهذه الطريقة، هم في الحقيقة أشخاص يستغلون نقطة ضعف الإنسان الباحث عن الثراء، ويغذون أوهامه، ليستفيدوا منه مادياً».

  • الثراء السريع

ويشير كوبان إلى أن «بائعي الوهم» يقدمون خبراتهم المفترضة لكل من تغريه فيديوهاتهم، وهم بالتالي يبيعون ذات الفكرة لأشخاص كثيرين، ويوضح: «حتى الفكرة المعقولة التطبيق ستباع لكل من يقع في شباك هؤلاء، وبالتالي الذي يشتري الفكرة سيجد منافسين كثيرين، وبالتالي لن يحقق الفائدة المرجوة التي يحلم بها».

ويؤكد كوبان أنه ينظر إلى أي شخص يشتري فكرة من «سوق الإنترنت»، بهدف تحقيق حلم الثراء، على أنه لا يثق بنفسه، وغير جدير بالمكانة التي يحلم بالوصول إليها.

ويقدم كوبان نصائح عدة لمن يرغب في أن يحقق الثراء، من بينها: الإيمان بالنفس، والقدرة على تحقيق عمل مميز، وإيجاد فكرة غير مألوفة، والسعي لتسويقها بأسلوب بسيط وسهل، ودراسة فكرة المشروع، ومقدار تكلفته المادية، وصعود سلم النجاح خطوة بخطوة وفق قرارات مدروسة، فالفشل طريق النجاح مادمتَ مؤمناً بأفكارك الخلاقة.

ومارك كوبان من مواليد عام 1958، بمدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية، وأسرته من المهاجرين الروس من الطبقة المتوسطة. كان قد أظهر - في سنوات شبابه الأولى - اهتمامه بمجال الأعمال، حينما كان يرغب في شراء حذاء يتطلع إلى اقتنائه، ولم يتمكن من ذلك بسبب رفض والده؛ لعدم امتلاكه النقود، فما كان من أحد أصدقاء والده إلا أنه نصحه بالعمل لديه في بيع أكياس القمامة، ليحصل على المال ليشتري الحذاء، وكل ما يريد.

ولحصد المزيد من الأموال، عزز كوبان في سن مبكرة مصادر دخله، بالعمل في بيع تذاكر مباريات كرة القدم، والطوابع البريدية، في المرحلة "الثانوية". وبعد التخرج، عمل كوبان في بنك بارز من بنوك مدينة بيتسبرغ، قبل أن يقرر العمل في مجال تجارة الأجهزة الإلكترونية.

وتعددت وظائف كوبان بعد ذلك، مع انتقاله إلى مدينة دالاس عام 1982، وامتهن العمل نادلاً في أحد المطاعم، ثم مندوب مبيعات لإحدى شركات بيع برامج الحاسوب، وهي المهنة التي ألهمته في النهاية تأسيس شركته الخاصة، «مايكرو سولوشنز»، التي تخصصت في البرمجيات، وأصبح خبيراً بمجال الكمبيوتر، وشبكات الحاسوب.

وحققت الشركة نجاحاً استثنائياً، ما دفعه إلى تغيير اسمها إلى «برودكاست دوت كوم»، وأصبحت بذلك أول موقع راديو إنترنت في العالم، ما دفع شركة «ياهو» إلى الاستحواذ عليها بصفقة قيمتها 6 مليارات دولار.