لا شك في أن العلاقات العاطفية أمرٌ معقدٌ جداً، ففي بعض الأحيان تكون مليئةً بالتحديات، وعلى الشريكين أن يجدا طريقةً للتواصل من أجل إنجاحها، وضمان استمرارها. وفي أحيان أخرى، قد يتوجب عليهما أخذ قسط من الراحة والابتعاد لفترةٍ من الوقت، إذ يُعد أخذ استراحة من العلاقة أمراً ضرورياً؛ لإعادة تقييم العلاقة، وتحسينها.
لكن من المهم معرفة أن أخذ استراحة يعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين. إذ بالنسبة للبعض، قد يتطلب الأمر أخذ بعض الوقت للتركيز على النمو الشخصي أو العمل على حل المشكلات الفردية، في حين أنه يعني للبعض الآخر قضاء بعض الوقت بعيداً؛ لإعادة تقييم العلاقة، وتحديد ما إذا كانوا يرغبون في الاستمرار بها، أو ما الذي يتوجب عليهم تغييره.
ماذا يعني أخذ استراحة من العلاقة؟
بمفهومنا البسيط، إن ذلك يعني فترة انفصال مؤقتة، يتفق فيها الشريكان على قضاء بعض الوقت بعيداً عن بعضهما، وأثناء هذا الوقت يمتنعان عن التواصل، وذلك من أجل أخذ مساحتهما الشخصية لتقييم مشاعرهما، وتقييم حالة العلاقة، وتحديد ما إذا كانا سيستمران فيها أم سينفصلان.
وعادة، يكون هذا الأمر كمحاولةٍ أخيرة لإنقاذ العلاقة من المزيد من الضرر، لاسيما عندما يشعر الأزواج بأنهم وصلوا إلى نقطة الانهيار، ويمكن أن يوفر لهم التراجع خطوة إلى الوراء المنظور الأشمل لعلاقتهم.
ومع ذلك، يجب على الأزواج أن يفهموا أن أخذ قسط من الراحة يمكن أن يكون أمراً غير جيد، إذ إن غياب التواصل والحميمية قد يؤدي إلى مزيد من الانفصال، وبالتالي تلاشي العلاقة تماماً، لذا فإنهم يحتاجون إلى وضع حدود واضحة، ومناقشة شروط الاستراحة، وتحديد إطار زمني لإعادة التقييم.
متى نأخذ استراحة من العلاقة؟
هناك مواقف عدة، تشير إلى أن الوقت قد حان لأخذ قسط من الراحة في العلاقة، وهي كما يلي:
1. قلة التواصل:
يعتبر التواصل ركناً أساسياً لعلاقة صحية، لذا إذا شعر أيٌّ من الشريكين بأنه لا يتم الاستماع إليه أو فهمه، فقد يكون من الضروري أخذ قسط من الراحة. وخلال هذا الوقت، من الضروري أن تكون لديك حدود واضحة، وتواصل بشأن التوقعات.
2. السلوكيات السامة:
يمكن للإساءة والإدمان وأنماط السلوك الضارة، أن تؤدي إلى تآكل الثقة والحميمية في العلاقة، ونظراً لذلك فإن أخذ استراحة يمكن أن يسمح للأفراد المعنيين بتقييم علاقتهم، ومدى الضرر الذي حدث، وتوفير منظورٍ أعم للعلاقة، وتحفيز كل شخص على العمل على الشفاء من الآلام التي شعر بها.
3. الإرهاق:
يمكن أن تسبب تحديات الحياة والمسؤوليات اليومية الإرهاق للكثيرين، كما يمكن أن يشعر المرء بعدم القدرة على التعامل مع مشاعره أو احتياجات العلاقة. لذا في مثل هذه الحالات، يمكن أن يساعد أخذ استراحة من العلاقة الأفراد على استعادة طاقتهم العاطفية، وممارسة الرعاية الذاتية، وإعادة بناء مرونتهم العقلية والعاطفية.
4. الأولويات:
ليس من غير المألوف أن يكون شخصان في مراحل مختلفة من حياتهما، أو لديهما رؤى مختلفة لمستقبلهما، ونظراً لذلك يمكن أن يساعد الحصول على فترة راحة على توضيح أولويات الأشخاص وأهدافهم، ما يؤدي إلى فهم أكبر لآفاق العلاقة.
هل أخذ استراحة من العلاقة مفيد حقاً؟
في بعض الأحيان، يكون التراجع عن العلاقة أمراً ضرورياً من أجل النمو وإعادة التفكير، رغم أنه قد يبدو شاقاً بالنسبة للكثيرين، لكن الانفصال الناجح يمكن أن يسمح للأفراد بالتركيز على اكتشاف ذواتهم، والعودة إلى العلاقة بإحساس متجدد، وفهم أكبر للعلاقة والهدف منها.
وبدلًا من أن يُنظر إليه على أنه حدث سلبي، يمكن أن يكون أخذ استراحة من العلاقة بمثابة أداة قيمة لبناء علاقات أقوى، إلا أنه من الضروري وضع مبادئ توجيهية، وحدود واضحة خلال هذه الفترة، سواء كان ذلك يعني الموافقة على مدة محددة، أو طلب التوجيه من معالج محترف.
وفي حين أنه من الصعب الابتعاد عن شخصٍ نحبه، إلا أن أخذ قسط من الراحة قد يؤدي في النهاية إلى قدر أكبر من التفاهم والمرونة في العلاقة.