تنتشر في الثقافة العربية، منذ عشرات السنين، مسألة تغليف الأطعمة بالأكياس البلاستيكية، والحكاية تبدأ منذ ابتياع الفواكه والخضروات واللحوم والدواجن، من المحال والأسواق، وصولاً إلى تغليفها وتجميدها في "الفريزر"، لاستخدامها في أيام لاحقة، أو لوضعها في الثلاجة مؤقتاً، لاستخدامها في اليوم نفسه، أو في اليوم اللاحق على أبعد تقدير.
وباعتبارها تهدد سلامة استدامة البيئة، قررت دولة الإمارات، في شهر مايو الماضي، وقف استخدام الأكياس البلاستيكية، اعتباراً من 1 يناير 2024، وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية (وام)، فيما سيتم إيقاف التعامل بالأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، اعتباراً من تاريخ 1 يناير 2026، في إطار سعي الدولة لترسيخ مستقبل مستدام في كافة القطاعات.
وكانت إمارة أبوظبي قد بدأت، منذ 1 يناير 2022، وقف التعامل مع الأكياس البلاستيكية، بشكل نهائي، وتم استبدالها بأكياس ورقية، ومن الكرتون المقوى.
وتعتبر أزمة التلوث البيئي والصحي، التي تتسبب بها المنتجات البلاستيكية، أحد أكثر التحديات البيئية التي تواجه العالم بأسره، فالاستهلاك المتزايد من هذه المنتجات يؤدي إلى توليد كم هائل من المخلفات التي تؤثر سلباً في البيئة، وهي أزمة متنامية لها آثار اقتصادية وصحية واجتماعية كبيرة، لاسيما بالنسبة للدول الجزرية والساحلية، التي تعتمد على البيئة البحرية ومواردها في مختلف القطاعات.
وكانت دراسة، أجراها باحثون من جامعة "رود آيلاند" الأميركية، قد كشفت حديثاً أن وضع الطعام وتغليفه في أكياس بلاستيكية، قد تسبب في تحلل البلاستيك على الطعام، ما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والزهايمر على المدى الطويل.
وأجريت الدراسة على مجموعة من الفئران، تناولت كميات من المياه المحفوظة بالبلاستيك، على مدى ثلاثة أسابيع، ووجد فريق الباحثين تغيراً ملحوظاً في سلوك الفئران بعد شرب الماء المغلف بالبلاستيك، إذ اكتشفوا دخول لدائن البلاستيك إلى الدماغ، وتقليلها البروتينات الحمضية الدبقية المستخدمة في خلايا الدماغ.
ويؤدي انخفاض البروتينات الحمضية بالدماغ، بحسب موقع "ميديكال إكسبرس" الطبي، إلى حدوث الأمراض العصبية، مثل: الاكتئاب، والزهايمر، وهو ما فسر التغير الذي حدث في سلوك الفئران.
يُذكر أن لدائن البلاستيك جزيئات صغيرة تنتج عن مادة البلاستيك، وتدخل جسم الإنسان عبر الأكل والشرب، نتيجة تغليف الأكل بالبلاستيك، أو احتواء مصادر المياه على اللدائن المتبقية من نفايات البلاستيك.
وتهدف سياسة منع استخدام الأكياس البلاستيكية إلى تعزيز بيئة صحية، ونمط حياة مستدام للجميع، ولمكافحة تغير المناخ من خلال تقليل استهلاك الموارد، وتقليل التلوث الناتج عن ذلك، وحماية البيئة والتنوع البيولوجي.
وأظهرت دراسة حديثة، أجرتها هيئة البيئة في أبوظبي، أنه قد تم العثور على مواد بلاستيكية في 80% من سلاحف "منقار الصقر" النافقة في العاصمة أبوظبي، بينما تم اكتشاف 97 قطعة بلاستيكية داخل 55 سلحفاة، كما تظهر الدراسات تسرب جزيئات البلاستيك إلى السلسلة الغذائية للإنسان، ما يؤثر في الصحة العامة.