د. ابتسام المزروعي: وظائف المستقبل تتطلب 3 مهارات

سوف يُسجل في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة أن الدكتورة ابتسام المزروعي، كبير الباحثين بالإنابة والمدير التنفيذي في وحدة الذكاء الاصطناعي بمعهد الابتكار التكنولوجي، هي أول امرأة إماراتية وعربية تطور نموذجاً عالمياً للذكاء الاصطناعي (فالكون)، الذي احتل المرتبة الأولى على قائمة «Hugging Face» الع

سوف يُسجل في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة أن الدكتورة ابتسام المزروعي، كبير الباحثين بالإنابة والمدير التنفيذي في وحدة الذكاء الاصطناعي بمعهد الابتكار التكنولوجي، هي أول امرأة إماراتية وعربية تطور نموذجاً عالمياً للذكاء الاصطناعي (فالكون)، الذي احتل المرتبة الأولى على قائمة «Hugging Face» العالمية للنماذج اللغوية الكبيرة، متفوقاً على نماذج أخرى رائدة عالمياً، من شركات مثل: «غوغل، وميتا».. ومن هنا، نبدأ حوارنا معها:

 

 

• ما سبب عملك على مشروع «فالكون»، وما رؤيتك لهذا النوع من النماذج؟

ـ مشاريع، مثل النماذج اللغوية الكبيرة التي تم تطويرها في مشروع «فالكون»، تحمل معها إمكانات هائلة؛ لتحقيق ثورة في مجال الذكاء الاصطناعي. فهذه النماذج ليست مجرد أدوات تقنية، بل هي تقنيات ثورية، تستخدم لتعزيز فهم الروبوتات والآلات للغة البشرية، وتمتد لفهم الصور. كما تساهم هذه النماذج في فهم اللغة البشرية بشكل أفضل، فهي تمتاز بقدرتها على استيعاب النصوص بطرق تقترب من الفهم البشري، ما يُمكنها من استخلاص المعاني العميقة، والسياقات اللغوية، من النصوص المتنوعة. وهذا التحسين في فهم اللغة البشرية يُمكن أن يستخدم في تطبيقات، مثل: تحليل النصوص، وفحص المحتوى على الويب، وتطبيقات أخرى تمتد إلى توليد نصوص وصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن استخدامها مثلاً في مجال الطب. ولا يقتصر الدور الإيجابي لهذه المشاريع على مجال التكنولوجيا والاقتصاد المعرفي فحسب، بل يمتد إلى المجالات الاجتماعية والتعليمية.

 • ما مدى أهمية هذا النموذج لدولة الإمارات العربية المتحدة؟

ـ يوفر «فالكون» لدولة الإمارات نموذجاً لغوياً كبيراً خاصاً بها، يمكن استخدامه من قِبَل المؤسسات الحكومية، والشركات، والمواطنين، والمقيمين. طموحنا، في نهاية المطاف، هو أن نطرح النموذج للاستخدام، وأن نكون أقل اعتماداً على النماذج اللغوية الخاصة بعمالقة التكنولوجيا في عالم الذكاء الاصطناعي، الذي تتزايد فيه حدة المنافسة، فعند بناء النموذج اللغوي الخاص بك، تكون لديك قدرة كاملة على التحكم في النموذج، وتخصيصه وفقاً لمتطلباتك، حيث يتيح إمكانية التخصيص والخصوصية والتحكم الكامل في التكنولوجيا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تطورات كبيرة. وفي حين تعد نماذج، مثل «GPT-3» مثيرة للإعجاب وقوية، إلا أنها ليست بالضرورة الأنسب لكل حالة استخدام؛ لذلك يمكن أن يوفر نموذجك الخاص فوائد كبيرة.

 

 

 

• أخبرينا عن جهودك في إنشاء وحدة الذكاء الاصطناعي بمعهد الابتكار التكنولوجي، وقيادتك مجموعة من البرامج والمشاريع الطموحة، وعن طبيعة التحديات التي واجهتك أثناء عملك على هذه المشاريع!

ـ بعد انضمامي إلى معهد الابتكار التكنولوجي في يناير 2022، اقترحت إنشاء وحدة مشتركة خاصة بالذكاء الاصطناعي؛ للعمل - عن كثب - مع تحديات الذكاء الاصطناعي الناشئة، وتقديم الحلول إلى جميع مراكز المعهد، والمستهلكين. تم وضع خطة متكاملة من البرامج؛ لتقديم تكنولوجيا فعالة؛ لمواكبة أحدث التطورات في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، وأحدث التقنيات المتقدمة. في غضون أشهر، عملنا على توظيف الفرق، وأهم هذه الفرق كان الذي يعمل على نماذج اللغة الكبيرة التأسيسية، وقمت بقيادة العديد من المسارات، بالإضافة إلى مسؤولياتي؛ لضمان تقديم حلول الذكاء الاصطناعي، التي من شأنها أن تحقق تأثيراً عالمياً، وترسم خريطة لدولة الإمارات كلاعب رئيسي بمجال التنمية والصناعة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. وكان التركيز على أن تكون المشاريع تطبيقية، مثل: نموذج «فالكون»، ونموذج «نور»، بحيث تكون هذه المشاريع ذات طابع اقتصادي، وتساهم في بناء البنية التحتية التكنولوجية، واستقطاب المواهب والقدرات، واستخدامها في قطاعات عدة بدولة الإمارات العربية المتحدة. إن نجاح نموذج «فالكون» يعد مثالاً على أهمية التعاون والعمل الجماعي، فلقد بدأنا الخطة في صيف 2022، وكان الهدف بناء أحد أقوى النماذج اللغوية في العالم (أفضل من نموذج «GPT-3»). إضافة إلى ذلك، سيعمل النموذج على شكل منصة لأبحاث الذكاء الاصطناعي، وتسويقها على نطاق واسع. مساهماً في ترسيخ مكانة دولة الإمارات، بصفتها لاعباً رئيسياً في السباق المستمر نحو بناء نماذج لغوية أكبر وأفضل. 

• أنتِ أول من حصل على درجة الدكتوراه، بتخصص الذكاء الاصطناعي في هندسة الاتصالات وعلوم الحاسوب، ما سبب اختيارك لهذا التخصص؟

ـ الاهتمام بالتكنولوجيا والرغبة في العمل على تطوير التكنولوجيا، التي تحقق تقدماً في حياتنا اليومية، والمساهمة في بناء إنجازات عالمية في هذا المجال، تماشياً مع رؤية قيادتنا الرشيدة في مجال التكنولوجيا، حيث يعتبر الذكاء الاصطناعي مجالاً مهماً يجمع بين الحوسبة وعلوم البيانات والذكاء البشري. وكانت لديَّ رغبة في دمج خبراتي المهنية والأكاديمية السابقة بمجال إنترنت الأشياء وهندسة الاتصالات، وتعلم مجال جديد والتعمق فيه بتطوير خوارزميات معقدة في الذكاء الاصطناعي وعلم الحاسوب، وتطوير نماذج قادرة على تحليل البيانات، مثل: علم الاتصالات، والشبكات اللاسكلية. كان من المهم تقديم حلول ذكاء اصطناعي من شأنها أن تحقق تأثيراً عالمياً، يرسم خريطة لدولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب رئيسي بمجال التنمية والصناعة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.

 

 

• بخلاف المعتاد.. كانت مسيرتك الدراسية بالكامل داخل الدولة، هل هذا دليل على جودة التعليم والقفزة الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات في السنوات الأخيرة بهذا المجال؟

ـ تتمتع دولة الإمارات بمستوى استثنائي من حيث جودة التعليم العالي، إذ نرى توجه العديد من الجامعات العالمية إلى إنشاء مقار إقليمية لها هنا. وفي الوقت نفسه تضم الإمارات مجموعة من المعاهد والجامعات الوطنية الرائدة، مثل: جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. كما أن هناك العديد من برامج درجة الماجستير، وما بعدها، في تخصصات متقدمة، مثل: الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، والروبوتات، التي تحاكي جودة البرامج التعليمية المقدمة في أي جزء آخر حول العالم.

• باختصار.. ما الذكاء الاصطناعي، وما آثاره المستقبلية، بعد جذبه اهتمام الجميع في الآونة الأخيرة؟

ـ يواصل الذكاء الاصطناعي دفع وتعزيز التطبيقات المبنية على استخدام الآلة، والمساعدة في تحقيق التعاون السلس بين الأفراد والأنظمة المعقدة داخل المؤسسات، ومن خلال دمج التقنيات المتطورة، واستخدام قواعد البيانات الكبيرة، والخوارزميات المبتكرة، من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير أسس العمل بمختلف القطاعات، وتعزيز القدرات البشرية، وإيجاد الحلول لكثير من التحديات العالمية المعقدة. وسنشهد، قريباً، تطورات في أنظمة الأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن تصبح الآلات الذكية، والأنظمة الروبوتية، متطورة للغاية؛ لدرجة أنها ستتمكن من التعامل مع مختلف المهام المعقدة التي يؤديها البشر عادةً. ومن المهم رفع مستوى الشفافية، وإجراء التعديلات المبنية على المدخلات والملاحظات البشرية، وتضمين الحوكمة الرقمية، والعمل على تمكينها في المجالات التي تقوم بتعزيز الفائدة للعلم والبشرية، على حدٍّ سواء.

 

 

 

• كيف يمكن تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحويل الأفكار إلى تطبيقات، تستخدم على أرض الواقع؟

ـ يمكن استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في الأبحاث المتواصلة، والاستخدامات المسؤولة والمستدامة، ولتعزيز التعاون بين الجهات المعنية. لدينا، حالياً، العديد من الأمثلة، التي تدعم مساهمات الذكاء الاصطناعي في المجالات المختلفة. وفي ضوء الثورة الكبيرة، التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات، مثل: الرعاية الصحية، والتعليم، والاستدامة البيئية، والعلوم الاجتماعية، يمكن لنموذج «فالكون 40 بي»، ونموذج «فالكون 180 بي»، البناء على ذلك، وتعزيز النمو الاقتصادي، وريادة الأعمال، ومساعدة المطورين على بناء قدراتهم البحثية، ومعالجة حالات الاستخدام المكثف للموارد، بالإضافة إلى رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية والأداء.

• هل يمكن للذكاء الاصطناعي إيجاد حلول فعالة للمشاكل الملحّة التي تواجهنا اليوم، وكيف له أن يقوم بذلك؟

ـ بالطبع، يمكنه القيام بذلك؛ فنظراً إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات كبيرة من البيانات، واكتشاف الأنماط، واتخاذ القرارات، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة تحولية؛ لإيجاد حلول قابلة للتطبيق لأكثر التحديات إلحاحاً في العالم، فبالإضافة إلى الصناعات المذكورة أعلاه، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات البيئية، وتعزيز الاستدامة من خلال نمذجة تغير المناخ، وتحسين استخدام الطاقة، وإدارة النفايات. ومن خلال بحثنا المستمر، وما توصلنا إليه من معلومات وخبرات، يمكننا المساعدة في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ للتوصل إلى حلول ذات تأثير اجتماعي كبير، وتطبيقها على التحديات العالمية اليومية، بما يضمن فاعليتها واستدامتها.

• أخبرينا بالمزيد عن نموذج «فالكون 40 بي» المُطوَّر، وما الفرق بينه وبين و«ChatGPT»؟

ـ عملت مع الفريق، وقمنا بتطوير نموذج «فالكون 40 بي»، و«فالكون 180 بي»، وهو الفريق نفسه الذي قام بتطوير نموذج «نور»، الذي يمثل أول وأضخم نموذج لغوي باللغة العربية. وقد تم بناؤه باستخدام أدوات متخصصة، ومجموعة بيانات فريدة من نوعها، تمكنه من استخراج المحتوى العالي الجودة من بيانات الويب، واستخدام قاعدة رموز مخصصة للتدريب، تختلف عما طورته شركات أخرى، مثل: «ميتا»، و«مايكروسوفت»، و«غوغل». وقد تم إصدار النموذج المُطوَّر الناجح من «نور» في أبريل 2022. إن هدفنا النهائي هو بناء «LLMs» أكثر كفاءة؛ باستخدام أحدث التقنيات التي ستتفوق على النماذج الإنجليزية الحالية، مثل: «GPT-3» من «OpenAI»، و«PALM» من «Google»، والذي سيمكننا من المشاركة في تطوير نماذج وتكنولوجيا متقدمة عالمية في نطاق نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية. وتم، أيضاً، تطوير بنية نموذج «فالكون»؛ بهدف تقديم أداء وكفاءة عاليين. وفي ضوء الجمع بين البيانات العالية الجودة، وهذه التطورات القيّمة، فإن نموذج «فالكون» تفوق بشكل كبير على نموذج «GPT-3»، الذي يقوم عليه «ChatGPT»، إذ إنه يستخدم 75% فقط من حجم قدرات الحوسبة التدريبية المستخدمة في الأخير، كما يتطلب خمس قدرات الحوسبة في وقت الاستدلال. ويتطابق «فالكون» في الأداء مع النماذج اللغوية الكبيرة المتطورة، مثل: «Chinchilla» من «ديب مايند»، و«PaLM-62B» من «غوغل»، وأنثروبيك.

• إلى أيّ مدى يمثل «فالكون» المفتوح المصدر تحدياً، في ظل المنافسة القوية الموجودة حالياً بين شركات التكنولوجيا؟

ـ تساهم المصادر المفتوحة للتكنولوجيا في تعزيز التعاون، ودفع عجلة الابتكار، من خلال السماح للعلماء والباحثين ورواد الأعمال بمشاركة خبراتهم، الأمر الذي يساهم في تطوير البرامج، ورفع مستواها. ومن خلال تقديم «فالكون» كنموذج مفتوح المصدر، نأمل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنح المبرمجين فرصة لرفع قدراتهم البحثية، والوصول إلى أحد أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي في العالم. وتماشياً مع توجيهات القيادة الحكيمة، نحرص على بناء اقتصاد متنوع وابتكاري في الدولة، يتسم بالانفتاح، ودعم المواهب والخبرات التكنولوجية الرائدة من جميع أنحاء العالم، مستفيدين في ذلك من ابتكاراتنا التكنولوجية المتطورة؛ لتعزيز منظومة البحث والتطوير في إمارة أبوظبي، والإمارات العربية المتحدة عامةً. 

• كيف يساهم نموذج «فالكون» في تعزيز مكانة دولة الإمارات بمجال الذكاء الاصطناعي؟

ـ يعد نموذج «فالكون 40 بي» إنجازاً كبيراً؛ لكونه أول نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر في دولة الإمارات، ومنطقة الشرق الأوسط، ويضم النموذج اللغوي الضخم 40 مليار عامل متغير. ويمثل قرار جعل النموذج مفتوح المصدر خطوة رائدة في مجال النماذج اللغوية الضخمة، إذ إنها عادة تبقى مغلقة؛ نظراً للمنافسة الكبيرة بين شركات التكنولوجيا. وبصفته نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، سيساهم «فالكون» في تعزيز مستوى الشفافية عالمياً، وتيسير الاستخدامات والتطبيقات، وبناء الجدوى التجارية للنماذج اللغوية الضخمة. وفضلاً عن ذلك، سيساهم في تسريع التطبيقات والأنشطة بالقطاعات والأوساط الأكاديمية المختلفة، ما يساهم بالتأكيد في ترسيخ مكانة دولة الإمارات بصفتها قائداً عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي والمستدام. وتفوق نموذج «فالكون»، الذي تم تدريبه على تريليون رمز «توكين»، على «GPT-3» من «OpenAI»، رغم استخدامه 75% فقط من الموارد الحسابية التدريبية المستخدمة في الأخير، و40% من الموارد المستخدمة في نموذج «Chinchilla» التابع لـ«DeepMind»، و80% من «PaLM-62B» التابع لـ«غوغل». وقد ساهم نموذج «فالكون 40 بي» في ترسيخ مكانة دولة الإمارات، وتعزيز دورها في الحوار العالمي، المعني بتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، والابتكار والتعاون.

 

 

 

• تمثل التطورات التي نشهدها في مجال الذكاء الاصطناعي تحديات على الصعيدَيْن الاجتماعي والأخلاقي، فكيف يمكننا تحقيق التوازن بين الاثنين؟

ـ من الضروري أن تركز الإرشادات والتنظيمات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي على جوانب ضمان الشفافية والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتعزيز جوانب العدالة، وعدم التمييز، وحماية الخصوصية، وأمن البيانات، وإنشاء آليات لمعالجة التأثير الاجتماعي للذكاء الاصطناعي. ولكي يتم اعتماد هذه الإرشادات على المستوى الدولي، يجب أن ينصبَّ تركيزنا - في المرتبة الأولى - على القيم والمبادئ الإنسانية. إن تعزيز أواصر التعاون الدولي بين الجهات المعنية بالذكاء الاصطناعي، مثل: الجهات الحكومية، والشركات العاملة بالقطاع، وأصحاب الاختصاص، أمر ضروري في تسريع اعتماد تنظيمات ولوائح الذكاء الاصطناعي. كما يمكن لتعزيز الحوار عن أهمية الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي أن يسرّع إنشاء إطار تنظيمي قوي، يقوم على التحاور المفتوح في المؤتمرات العالمية، والقمم، والمنتديات، حيث يمكن لصانعي السياسات، وخبراء الذكاء الاصطناعي، وغيرهم من الجهات المعنية، تبادل المعرفة والأفكار ووجهات النظر. 

• يساعد التطور التكنولوجي في جعل بعض تفاصيل الحياة أسهل، لكنه في المقابل قد يتسبب في الاستغناء عن مهن بأكملها، فما الوظائف التي يهددها تطور الذكاء الاصطناعي؟

ـ توصلت دراسة حديثة، أجراها بنك «غولدمان ساكس»، إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تؤثر في 300 مليون وظيفة بدوام كامل على مستوى العالم، ما قد يؤدي إلى إحداث «اضطراب كبير» في سوق العمل، وأولى الوظائف المعرضة للخطر: الوظائف التقنية (مثل: البرمجة، وهندسة البرمجيات، وتحليل البيانات)، والوظائف الإعلامية (مثل: الإعلان، وإعداد المحتوى، والكتابة الفنية، والصحافة)، ووظائف القطاع القانوني (مثل المساعدة القانونية)، ووظائف تحليل السوق، والوظائف المالية (مثل: التحليل المالي، والاستشارة المالية الشخصية)، والتدريس، والتداول، وتصميم رسوم الغرافيك، وخدمة العملاء، والمحاسبة. صحيح أن بعض الوظائف ستختفي، لكن في المقابل ستكون هناك وظائف جديدة، فبعض الوظائف الحالية لم تكن موجودة خلال الـ25 سنة الماضية، مثل الوظائف التي تتضمن: تطوير تكنولوجيا المعلومات، وتصنيع الأجهزة، وإنشاء التطبيقات، وإدارة نُظم تكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات. ويُشير موقع التوظيف «وركوبوليس» (Workopolis) إلى أن وظائف المستقبل ستتطلب ثلاث مهارات أساسية، هي: تعلم المجالات الأربعة: (العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات)، التي يُشار إليها بـ(STEM)، والإبداع، والذكاء العاطفي. 

• خلال السنوات الماضية، أصبحت دولة الإمارات حاضنة للابتكار والمبتكرين.. بناء على خبرتك، كيف يمكن تعزيز ثقافة الابتكار لدى الجيل الجديد، وما المطلوب من العائلة والمجتمع؟

ـ برزت دولة الإمارات؛ بصفتها حاضنة عالمية للابتكار، لاسيما في مجال الذكاء الاصطناعي، بفضل قيادتها الحكيمة، ومبادراتها، وسياساتها الاستراتيجية، بالإضافة إلى توفيرها منظومة داعمة، تشجع على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويتطلب تعزيز ثقافة الابتكار بين الشباب الإماراتي نهجاً متعدد الجوانب، يشمل كلاً من الوحدة العائلية والمجتمع. كما يجب تشجيع وتعزيز المهارات الحياتية الأساسية، مثل: الفضول والتفكير الناقد وحل المشكلات والتعليم القائم على الابتكار منذ سن مبكرة، حيث سيساعد ذلك على تعزيز التعلم المتعدد التخصصات، وتسهيل التوجيه، وإقامة الشراكات مع الخبراء بالقطاع. 

 

 

• هل تعتقدين أن التطور التكنولوجي، والذكاء الاصطناعي، سيساعدان على تعزيز استقرار الأسرة، أم أنه سيكون لهما تأثير عكسي؟

ـ نجح الذكاء الاصطناعي في تحفيز العالم على إعادة تصوّر الفرص والإمكانيات، كما لم يحدث من قبل. كما سيعمل، كذلك، على تحرير الأفراد من عبء تكريس الوقت؛ للقيام بمهام رتيبة ومتكررة. ببساطة، إن التغلب على ذلك سيساعد الناس - في مختلف القطاعات - على التحرر من القيود التي تفرضها عليهم وظائفهم، كما سيمكنهم من رفع جودة حياتهم، وزيادة الوقت الذي يقضونه مع العائلة.

• ما طموحاتك، التي ترغبين في تحقيقها؟

ـ تحسين مهارات الذكاء الاصطناعي لدى الجميع، وتمكينهم من المنافسة بكفاءة في السوق العالمي، بما يضمن الامتثال لمتطلبات التكنولوجيا الحديثة. وأسعى إلى أن يكون للشباب الإماراتي والعربي دور بارز في تصدير الابتكارات التكنولوجية، كما أتطلع إلى رؤيتهم يستخدمون هذه التكنولوجيا؛ لإعادة تنشيط القطاعات الرئيسية، وتحسين نوعية الحياة لأنفسهم، ولسكان المنطقة. 

• أخيراً.. ونحن في بداية عام دراسي جديد، ما نصيحتك للطلبة؟

ـ أشجع الطلاب على التركيز على موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والمشاركة في الدورات المختلفة، والتدريب العملي، فهناك طلب متزايد على الخبراء المتخصصين في هذه المجالات، كما أن منظومة البحث والتطوير تعد من القطاعات الحيوية الداعمة للاقتصادات الوطنية. وبالقليل من الالتزام والاجتهاد، اليوم، سيكون العالم بمتناول أيديهم في المستقبل.