بكتاباتها المتميزة، التي تأسر خيال الأطفال، تحلق الكاتبة الإماراتية، نورة الخوري، كالفراشة في عالم الكلمات، وتنقل القارئ إلى عوالم ممتعة، عبر قصصها التي تتنوع بين الخرافة الساحرة، والتعليم المشوق، وتعكس البيئة المحلية بشكلها الأصيل. وتسعى الكاتبة الإماراتية - بسردها - إلى تحقيق تغيير حقيقي في عالم الأدب الطفولي، لترسّخ الهوية لدى الصغار، فبأسلوبها البسيط والجاذب، تبث رسائل قوية وقيمة، تعزز تفكيرهم الإيجابي، وتثري عالمهم بأفكار جديدة وملهمة.. في حوارنا معها، اطلعنا على جوانب من تجربتها الأدبية، ومصادر إلهامها:
• ما الذي دفعك إلى دخول عالم الكتابة للأطفال؟
- الأمومة هي محفزي الأول على دخول عالم الكتابة للأطفال، حيث إنني أم لـ4 أطفال، وأدركت أهمية القصص في تطوير خيالهم، وقدراتهم اللغوية، كما شعرت بأن لديَّ قصصاً مهمة أرغب في مشاركتهم إياها. لاحظت، أيضاً، وجود ثغرات في سوق القصص العربية، وكانت الكتب المتاحة محدودة، وغير ملائمة لاحتياجات وتطلعات الأطفال العرب؛ لذلك قررت إبراز الثقافة والبيئة المحليتين في قصصي؛ لتعزيز الهوية لدى الأطفال، ولوضع الأدب المحلي، ضمن الأدب العالمي.
أساليب جاذبة
• كيف تجعلين قصصك جاذبة للأطفال؟
- لجعل قصص الأطفال جاذبة، أقوم بأمور عدة، منها: اختيار مواضيع تهم أطفال هذا العصر، وتتناسب مع اهتماماتهم واحتياجاتهم، ثم كتابة بدايات ذكية ومختلفة، تلفت انتباه الطفل من الصفحات الأولى، حيث أبدأ بموقف شيق، أو مشكلة تحتاج إلى حل. وأيضاً، استخدام تقنيات مثل: «اقلب الصفحة»، و«ماذا بعد؟»؛ لإثارة فضول القارئ الصغير، وتحفيزه على قلب الصفحة، واكتشاف ما سيحدث في القصة. وأخيراً، الكتابة بنمط المغامرات، الذي يشد انتباه الأطفال، ويثير مخيلتهم، من خلال إدخال العناصر المشوقة، والمفاجآت، والتحديات، في قصصي.
• من خلال خبرتك.. ما العوامل التي يجب أن يحرص عليها كاتب قصص الأطفال؟
- توصلت إلى عوامل كثيرة، يجب أن يحرص عليها كاتب قصص الأطفال، فعلى الكاتب أن يبتعد عن الوعظ والتلقين، وأن يستخدم أسلوب القص العصري، والكلمات المألوفة للأطفال. أيضاً، يجب تجنب الألفاظ الصعبة والغريبة، ويمكن إدخال بعض أساليب وكلمات «العربية الدارجة». كذلك، يتعين اختيار المواضيع التي تهم الأطفال في الوقت الحاضر، والشجاعة في استخدام الخيال، وكسر النمطية الكلاسيكية في الطرح.
• ما الذي يلهمك عند الكتابة للأطفال؟
- يلهمني العديد من الأشياء، مثل: المعلومات المثيرة عن الطبيعة، وتساؤلات الأطفال، وكتب وقراءات أخرى، خاصة المجلات العلمية. أيضاً، يلهمني الاطلاع على الأحداث العالمية والمحلية، وألعاب وأحجيات الأطفال، كما أنني أجد الإلهام في مراقبة الأطفال، والعائلات، في الأماكن العامة.
• هل تعكس قصصك الهوية والبيئة المحليتين.. وكيف؟
- نعم، تعكس قصصي - بشكل كبير - الهوية والبيئة المحليتين؛ إذ إنني أبحث عن الثغرات التي لم يُكتَب عنها في أدب الطفل، وأتطرّق إليها في قالب قصصي. على سبيل المثال، قصة «فنتير الفلامنغو المنفوش»، تحكي قصة طائر فلامنغو صغير، يعيش في بيئة القرم، ويفقده والداه. وفي قصة «رطب من ذهب»، يتوجه البطل الصغير في مغامرة للحصول على الرطب من أطول نخلة. بينما في قصة «رماد أم النار»، يستكشف البطل العصر التاريخي لأم النار، من خلال تجربة لعبة واقع معزز. أيضاً، قمت بإعادة كتابة وتنظيم قصص «الخراريف» المحلية، في مشروع محلي نظّمه المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وأصدره معهد الشارقة للتراث. وقد شاركت فيه 10 كاتبات من الإمارات.
• ما أقرب أعمالك إليك، ولماذا؟
- أقرب أعمالي إليَّ رواية «فربوع»، لأنها مليئة بالمغامرات في جغرافيا جزيرة العرب، وبشخصيات من الحيوانات المحلية المعروفة، وغير المعروفة. وقد نفذت رسوماتها الفنانة ميثاء الخياط، بإبداع وفكاهة، أحبهما الأطفال كثيراً.
القراء الصغار
• إلى أي مدى تأخذين ردود فعل القراء الصغار بعين الاعتبار؟
- أقوم بذلك من خلال عرضها على كتّاب أطفال ذوي ثقة من زملائي، وتلقي آرائهم. كما أقوم بعرض القصص على أبناء الصديقات، أو عن طريق قصها سريعاً في بعض المحافل الأدبية. أيضاً، أقوم بمقارنة ما أكتبه مع بعض الكتب الناجحة. أعتبر بعض الردود من الأطفال مهمة، وأضعها في الاعتبار أثناء تطوير قصصي، لكن لا أعتمد عليها بشكل كامل.
• كيف يمكن أن تساعد القصص في تعلم الأطفال القيم والمفاهيم، دون أن يشعروا بالتلقين؟
- من خلال نَسج القيمة، أو العبرة، في القالِب القصصي الذي نكتب فيه، بحيث يستنتج الطفل القيمة بنفسه. شخصياً، لا أصرّ على إبراز القيم في كتاباتي، ولا أحرص على تضمينها في كل ما أكتب، فأفضّل قَصّ هو حكاية يستمتع بها الطفل، وتحرّك فيه الخيال أو العاطفة.
• مكنت الدولة مجال الكتابة في أدب الطفل.. كيف يساهم هذا في تطور هذا النوع من الأدب، وما فائدته للأطفال؟
- منذ 2010، تقدّم الدولة جهوداً فائقة في النهوض بالأدب والنشر، وبكل صراحة، لولا دعم الدولة لما تمكّنت من شق طريقي. كانت البداية مع المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، ورعايته مشروع «صُنِعَ في الإمارات»، بالتعاون مع معهد جوته الألماني الثقافي، فقد قام المجلس برعاية الورش التدريبية المنوّعة، وقد انضممت إلى أكثر من ورشة، واستفدت من كل ما قُدّم. وقدّمت الدولة، أيضاً، الكثير من الورش المجانية، والمؤتمرات المهمّة، والجوائز التي تحفّز الكتّاب على تقديم أفضل ما لديهم، وتحمّس دور النشر لاختيار الأفضل. بعض المؤسسات التعليمية، أيضاً، تطلب من الكتّاب المساهمة في وضع المناهج، وترتيب زيارات ثقافية إلى المدارس. كما يُطلَب الكتّاب، أيضاً، من قِبَل المتاحف الوطنية، والجهات الثقافية الأخرى. كل ذلك يساعد في رفع قيمة الكاتب، وتحفيزه على المثابرة، وأيضاً النهوض بالثقافة الأدبيّة المحلية على الصعد كافة.