مريم المزروعي: لوحاتي تربط بين الخيال والخيول
في تجربة فنية استثنائية، تنسجم فيها الألوان الزاهية، والتفاصيل الدقيقة، مع روح الثقافة والتراث العربي، تُطل أعمال الفنانة التشكيلية الإماراتية، مريم عيد المزروعي، بجمالها وتألقها الفريد. وبفضل خبرتها الفنية الواسعة، وشغفها الفائق بالخيول؛ تنقل الجمهور - بسلاسة - إلى عالم ساحر ينبض بألوانها وجمالها. تتميز لوحات مريم بتفاصيلها الدقيقة والمدهشة، حيث تلعب بالضوء والظل؛ لتُحدث تأثيراً ثلاثي الأبعاد، يعزز حيوية اللوحات، ويجعلها تتميز بتفرد فني لا مثيل له. وبفضل هذا الأسلوب المميز، تمكنت من إنتاج قطع فنية فريدة، تستحضر أجواء الخيول بكل دقة وجمال وواقعية.. في هذا الحوار معها، ألقينا بالضوء على رحلتها في هذا المجال:
• كيف جسدت جمال وقوة الخيل في لوحاتك؟ وما التفاصيل التي تركزين عليها لتبرزي هذه الجوانب بشكل فني؟
- أنا من عشاق الخيل العربي الأصيل، ومهتمة بجميع ما يخصه، وترابطه مع الخيال، وعلاقته المتينة به، مع إبراز التفاصيل الدقيقة كافة. بريشتي أركز على تجسيد جمال وحركة الخيل، بشكل يعكس قوتها وأناقتها، إذ أتمحور حول تفاصيل تصوير عضلاتها المتينة، وحركتها أثناء الجري والقفز. ألتقط التجاعيد الناعمة للشعر في ذيلها، وفي شعرها المموج، كما أبرز جمال تشكيلة الألوان في فرائها، فهناك دائماً ترابط قوي بين الخيول والخيال في أعمالي، ما يعكس فرادتها وروعتها؛ فقد أرسم خيولاً مجردة تظهر في أماكن مذهلة، كرمز للقوة والسحر اللذين تحملهما هذه المخلوقات الجميلة.
الخط العربي
• كيف تربطين بين الخط العربي والخيول؟ وهل هناك تماثل أو تفاعل بين العنصرين في التراث العربي؟
- في ما يتعلق بوجود الخط العربي في أعمالي، إنني أقوم بربطه بشكل يجمع بين الجمال والتراث العربي، وأضيف لمسات من الخط العربي الفني وأدمجها؛ لتزيين التفاصيل المحيطة بالخيول. أقوم بإضافة أقواس وحلقات متداخلة من الخط العربي؛ لتشكيل تفاصيل الخيول، وهذا يضفي لمسة فنية فريدة على اللوحة. بالإضافة إلى ذلك، قد استوحيت من حديث عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وقمت بتجسيده بواسطة الخط العربي في لوحة تكعيبية باستخدام الأكريليك. هذا الجمع بين الخط العربي والخيول العربية الأصيلة، ينتج لوحة فنية تجمع بين الثقافة والجمال في آنٍ.
• بين العاطفة والروح الحيوانية للخيول، هل تعتقدين أن العواطف يمكن ترجمتها بواسطة الفن التشكيلي؟
- من خلال لوحاتي المستوحاة من الخيال، أسعى إلى توطيد العلاقة بين الإنسان والخيل، وأعبّر عن هذه العاطفة والروح المتجاوبة بينهما، من خلال رسم حوار مُجسّد في اللوحة. يتيح لنا الاستخدام الجمالي - للألوان، والخطوط، والأشكال - التعبير عن مشاعرنا ومشاعر الحيوانات، بطرق تفوق الكلمات. أعتقد أن الفن التشكيلي يمكنه ترجمة هذه العواطف بطريقة قوية ومعبرة.
• تستخدمين الألوان والظلال لإيصال جمالية وحيوية الخيول.. هل تعتقدين أن الألوان تساهم في تعزيز الطابع التراثي للأعمال؟
- أهتم بالتفاصيل، وأعتني - بدقة - باختيار مواضيع رسوماتي؛ فاستخدام الألوان والظلال يساهم في إبراز جمالية وحيوية الخيول في أعمالي؛ لذا أقوم بتوظيف الألوان بعناية لإيصال تأثيرات الضوء والظل، ما يُعزز الأبعاد، ويعطي اللوحة واقعية. أعتقد أن الألوان تلعب دوراً حاسماً في تعزيز الطابع التراثي لأعمالي، واستخدام الألوان التقليدية المميزة يضفي طابعاً تراثياً، ويعزز الانتماء الثقافي.
رؤية معاصرة
• توازنين بين التقاليد والابتكار في أعمالك.. هل تحاولين تقديم رؤية معاصرة للتراث العربي؟
- أنتمي إلى مدارس فنية عدة، منها «الواقعية»، وقد ظهر تميز أعمالي حينما تم طرحها بين الجمهور؛ إذ لاقت إقبالاً واسعاً بإبراز جمالياتها، ووصول مستواها إلى الواقعية. من ناحية أخرى، لا أنكر اتجاهي إلى «التجريد» في تفريغ طاقاتي الكامنة، وطرحها بألواني وضرباتي المجنونة في لوحاتي، حيث أجد أن التجريد هو المتنفس الوحيد للفنان في التعبير عن أحاسيسه بلا قيود، وإظهار مكنوناته.. سلبية أو إيجابية.
• هل هناك تقنيات أو أساليب فنية محددة، تستخدمينها لتحقيق ذلك؟
- أحب التميز، والابتعاد عن المألوف في أعمالي، وأسعى إلى العمل خارج الصندوق، واستكشاف جوانب جديدة في الفن، كما أبحث عن أفكار جديدة، وأطور أساليبي لتحقيق التميز؛ فأحاول صياغة أعمالي بأسلوب فريد يجعلها مختلفة.
• بين الخيول والتراث العربي.. هل ترغبين في إيصال رسالة معينة إلى المشاهد، أو إلهامه بشكل معين؟
- رسالتي من خلال رسوماتي، المستوحاة من الخيول والتراث العربي، هي إيصال جمال وقوة هذا التراث، وإلهام المشاهدين بالثقافة العربية؛ إذ إنني أسعى إلى تعزيز الوعي بالتراث، وتشجيع التطور الشخصي للفنانين، من خلال المشاركة في المعارض، والدورات التدريبية. أعتقد أن الفن وسيلة رائعة للتعبير عن الذات، وتحسين النفس، وأود أن يستمتع الجمهور بأعمالي، ويشعروا بالإلهام والتحفيز. كما أن المنافسة الشريفة بين الفنانين تعزز التطوير والتنوع الفني.