«أمي ثريا» تنثر عبق التراث الإماراتي بمشغولات يدوية

تسكنها روح الإمارات النابضة بالأصالة والحداثة، ويسكن قلبها الوفيَّ الخيرُ والعطاءُ. يُطلق عليها كل من يعرفها لقب «أمي ثريا».. هي واحدة من حاميات التراث الإماراتي، فقد ذاع صيتها بأعمالها الفنية، التي تفوح منها رائحة طيبة عبقة يشتمها الكبار فيحسون بالحنين إليه، ويشتمها الصغار فيشعرون بالفخر والاعتزاز

تسكنها روح الإمارات النابضة بالأصالة والحداثة، ويسكن قلبها الوفيَّ الخيرُ والعطاءُ. يُطلق عليها كل من يعرفها لقب «أمي ثريا».. هي واحدة من حاميات التراث الإماراتي، فقد ذاع صيتها بأعمالها الفنية، التي تفوح منها رائحة طيبة عبقة يشتمها الكبار فيحسون بالحنين إليه، ويشتمها الصغار فيشعرون بالفخر والاعتزاز بماضيهم العريق وعاداتهم الأصيلة، بعدما حولت موهبتها إلى مشروع استثماري، ربت منه أبناءها السبعة حتى أوصلتهم إلى مناصب مرموقة، بعد أن أصبحت أرملة وهي لم تزل شابة. ولم يتوقف عطاؤها عند هذا الحد، بل امتد إلى آفاق أوسع من الخير والإنسانية، عندما أوقفت جزءاً من ريع تجارتها لخدمة المحتاجين، عبر المؤسسات الخيرية بالدولة.

إصرارها وعزيمتها بصلابة الجبال، وطموحها وحلمها يكبران يوماً بعد آخر، خلال رحلتها مع أعمالها التراثية الفنية لتطوف ربوع الخليج العربي والعالم، لتكون خير سفيرة للمرأة الإماراتية المبدعة.. كان لـ«زهرة الخليج» هذا اللقاء مع ملهمتنا الإماراتية ثريا حديد، صاحبة مشروع «أمي ثريا»؛ لنطلع - عن قرب - على قصة حياتها المحفزة للعمل والتطوير والإنجاز، وأبرز الجوائز والتكريمات، التي حصلت عليها خلال مسيرتها.

• كيف كانت بدايتك مع الأعمال اليدوية الفنية؟

ـ كانت البداية منذ زمن بعيد في السنوات الأولى من زواجي، حيث إنني أحب حياكة أكياس الحلوى في المناسبات المختلفة مثل «حق الليلة»، وتوزيعها على أطفال الحي، لإدخال الفرح والبهجة إلى قلوبهم. كنت في كل مناسبة أبتكر تصميماً وشكلاً جديدين للجمع بين الإبداع والهوية التراثية الإماراتية، ثم بدأت حياكة «اللفة»، التي تغطي طبق الطعام أثناء حمل المأكولات من مكان إلى آخر، مثل زيارة المرضى أو خلال رحلات البر، وذلك بأسلوب عصري، لاقى إعجاباً وصدى كبيرين من الناس، فأقبلوا على طلبها مقابل مبلغ مادي، ومنذ ذلك الحين انطلقت فكرة المشروع التجاري.

• ما الصعوبات التي واجهتك خلال ترويج أعمالك؟

ـ لقد ساعدني أبنائي كثيراً في هذا الجانب، حيث كانت بدايتي الحقيقية عندما شاركت في معرض أقامته مدرسة زعبيل، وعرضت خلاله منتجاتي المتنوعة من أكياس وحقائب ومشغولات قماشية، وتم بيعها جميعاً في وقت قياسي. لم أصدق حينها ما حدث، وأعطاني ذلك دفعة للاستمرار والتوسع. بعدها، قمت بإنشاء موقع إلكتروني، وفتحت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مكنتني من الوصول إلى المتسوقين على نطاق واسع داخل الدولة وخارجها، وزادت الطلبات بشكل كبير. مع الوقت، افتتحت متجراً، وبدأت المشاركة في المعارض التي تقام في كل إمارات الدولة، كما شاركت في معارض عربية وخليجية وعالمية؛ لتمثيل التراث الإماراتي، وإبراز أصالته وعراقته.

• دخول سوق العمل الحر يتطلب مهارات للنجاح والاستمرارية.. ما الوسائل التي اتبعتها لتنمية قدراتك؟

ـ أنعم الله علينا بقيادة حكيمة، وفرت كل السبل لخدمة وإسعاد المواطنين، ووجهت مؤسسات الدولة - بجميع قطاعاتها - إلى الاستثمار في الإنسان، والارتقاء بقدراته، وانطلاقاً من هذا وفرت مؤسسات الدولة ذات الصلة الكثير من الدورات التدريبية في إدارة الأعمال، وإدارة الميزانية، وكيفية تسويق المنتجات، وجميع الأمور الإدارية والفنية لأصحاب المشاريع الصغيرة، فتعلمت منها وصقلت خبراتي. الآن، بفضل الله، أصبحت عضواً بمجلس سيدات أعمال الإمارات، ومجلس سيدات أعمال عجمان، ومؤسسة الشيخ محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

• ما مدى إقبال المستهلكين على الأعمال اليدوية؟

ـ المشغولات اليدوية مكلفة، وتحتاج إلى الوقت والجهد؛ لذلك تكون كلفتها عالية على المستهلك، لكن الكثير من الناس يقبلون على شرائها، والاستمتاع بجودة صنعها وتميزها. ورغم ما سبق، فليس هدفي من مشروعي الجانب المادي فقط، إذ أسعى دائماً إلى إسعاد الجميع؛ لذلك أقدم منتجاتي بأسعار معقولة؛ حتى يتمكن الجميع من شرائها.

• ماذا عن الجانب الإنساني والخيري في حياتك؟

ـ تشربنا - من الآباء المؤسسين - قيم العطاء والتآخي، ومساعدة الآخرين قدر المستطاع؛ فكان ذلك معيناً لا ينضب في عقلي وكياني وقلبي، وعندما أكملت رسالتي مع أبنائي، وتمكنت من بناء مسجد خارج الدولة، وتوسعت تجارتي، عقدت العزم على إكمال رسالتي الإنسانية، وجعل مشروعي التجاري «وقفاً» للأعمال الخيرية، أقدم جميع مكاسبه لمساعدة المحتاجين، وأخرج منه ما يسد تكلفة الخامات التي أستخدمها فقط.

• خلال رحلتك.. ما أبرز المحطات التي لا تنسينها؟

ـ لا يمكن أن أنسى تكريمي في يوم الأم بجائزة الإبداع والابتكار، المقدمة بدعم من «مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، كما لا أنسى تكريمي من مهرجان «أم الإمارات»، إلى جانب حصولي على علامة «دبي للوقف»، التي منحني إياها «مركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة»، المندرج تحت إدارة مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر في دبي، التي يمنحها المركز للمؤسسات الحكومية والخاصة، التي تقدم مبادرات ومساهمات مجتمعية، مبنية على مفهوم «الوقف المبتكر».