مها الدقاق: الإماراتية محظوظة
انغمسَت سيدة الأعمال الإماراتية، مها الدقاق، في العالم الحيوي لتنظيم الفعاليات، وترتيب المناسبات، هذا العالم الذي ينبض بالحركة والإبداع. فبينما تسلحت بالخبرة والمعرفة على مدار سنوات؛ اكتشفت في نفسها طموحاً وثاباً؛ لوضع بصمتها الاستثنائية في هذا المجال، فبدأت رحلتها الممتدة، والمليئة بالتحديات، وشعرت بالثقة، وبأنها قادرة على تحقيق ذاتها؛ فجمعت بين شغفها العميق بالمجال، واستثمار ما تحبه وما تهتم به حقاً؛ فحلقت بأحلامها ورؤيتها في فضاءات النجاح.. في هذا الحوار معها إضاءة على تجربتها الفريدة:
• كيف كانت بداياتك في مجال ريادة الأعمال، ومن أين أتت فكرة تنظيم الفعاليات والمناسبات؟
- تم اختياري لمتابعة ريادة الأعمال؛ نتيجة شغفي الشديد، وحبي الكبير، لهذا النوع من الأعمال. بدأت رحلتي في قطاع الفندقة منذ 25 سنة، فقد كنت المسؤولة عن تنظيم المؤتمرات والمناسبات في فندق إنتركونتيننتال العين، وقد كانت هذه التجربة ملهمة بالنسبة لي، وأحسست بشغف كبير يتجدد مع الأيام بهذا المجال الحيوي. بمرور الزمن، وتراكم الخبرات التي اكتسبتها على مدار السنوات، شعرت بالثقة، وبأنني مستعدة لتحقيق طموحاتي. قررت، مؤخراً، تأسيس عملي الخاص في هذا المجال الذي أصبحت شغوفة به، وكنت أدرك طبيعة التحديات التي ستواجهني، لكن الرغبة القوية في تحقيق ذاتي، ووضع اسمي في عالم الأعمال، دفعاني للمُضي قدماً، حيث أدركت أن الاستثمار في ما نحبه، وفي اهتماماتنا الحقيقية، هو الطريق الأمثل لتحقيق النجاح والرضا الشخصي. اليوم، أنا ملتزمة بتحقيق رؤيتي، وقد شجعتني الخطوات التي أكملتها في طريق النجاح على أن أتطلع إلى مستقبلٍ واعد في ما أقوم به، إذ إنني أواصل حلمي، وأعمل على تطوير فريقي؛ لتقديم خدمات استثنائية.
قائمة الناجحين
• ما أبرز التحديات التي واجهتكِ، وأنت تضعين اسمك في قائمة الناجحين بريادة الأعمال؟
- كانت التحديات، التي واجهتني في بداية مشواري هي الأصعب بالنسبة لي؛ فقد قمت بتأسيس شركتي قبل خمسة أشهر من جائحة «كورونا»، وهذا الوضع تسبب في خسائر كبيرة لي. على سبيل المثال، اضطررت إلى إلغاء حفل تخرج لإحدى المدارس، وهذا استدعى رد المبالغ المدفوعة لتنظيم هذا الحفل. ومع ذلك، لم أيأس ولم أستسلم للإحباط، بل قررت أن أركز على جانب واحد من عملي، هو خدمة «الكيترينج» (تقديم الوجبات، والتموين للفعاليات). من هنا، بدأت ألاحظ تحسناً في أوضاع شركتي رغم الصعاب، وقد أدركت أهمية التكيف مع المواقف والابتكار بإيجاد حلول جديدة، وبدأت تنظيم الأحداث بمفهوم مختلف، وزيادة الوعي بأهمية جميع القواعد واللوائح الحكومية المتعلقة بـ«الوباء». علاوة على ذلك، نظمت الأحداث بأبسط طريقة ممكنة، بعيداً عن إنفاق الميزانيات الضخمة؛ حيث أنشأنا حزماً مناسبة لجميع المستويات.
• ما الذي يُشعل جذوة الحماس لديكِ، ويجعل هذا المجال ممتعاً بالنسبة لكِ؟
- التنافسية هي المحرك الأساسي في هذا المجال، حيث يتفنن أصحاب الأعمال - بكثرة - في عروضهم، لكن ليست العروض كلها متساوية من حيث الجودة. أنا أتبع نهجاً مختلفاً، حيث أعطي التفاصيل الدقيقة الأولوية، وأدرك أنها تلعب دوراً حاسماً في تحقيق النجاح، وهذه هي الطريقة الوحيدة لكسب ثقة العملاء، وبناء سمعة قوية؛ فأنا أبدأ بالاستماع - بعناية - إلى احتياجات العملاء ومتطلباتهم، ثم أعمل على تلبية تلك الاحتياجات بأدق التفاصيل؛ لأقدم لهم تجربة فريدة بأفضل الطرق الممكنة.
• كيف غيرتِ عقلية العملاء حول تنظيم مناسباتهم، وما مدى استفادتك من التراث الإماراتي في وضع لمسات أصيلة بها؟
- في هذه الأيام، تغيرت توجهات الناس في ما يحبون؛ فصاروا يفضلون الاحتفال في البيوت، وشجعتهم على ذلك المساحات الواسعة في منازلهم، ما حتم علينا أن نتكيف مع هذه التفضيلات؛ حيث أردت أن ينجح هذا العمل، لذلك تمكنت من تغيير عقلية العملاء؛ بتحقيق تطلعاتهم، ومواكبة تغيرات رغباتهم. استفدت من تراث الإمارات الغني، واستثمرت في حب الجميع له؛ بإدخاله كمكون ترفيهي تعليمي في الاحتفالات التي نقوم بتنظيمها للمؤسسات، وللأفراد في بيوتهم، ولاقت هذه الفكرة قبولاً كبيراً.
• ما أهم قيمك ومبادئك، التي تؤمنين بها في حياتك الشخصية والعملية؟
- الثقة بالله، وأنه هو المعطي، وأن لكل مجتهد نصيبه من الرزق، هي من أهم المبادئ الأساسية في حياتي، فالرزق متاح، وينتظر الجهود المبذولة للحصول عليه. إن هذه الفلسفة هي التي دفعتني إلى التركيز على تطوير نفسي وعملي؛ فالهدف الذي أسعى إليه ليس الحصول على ربح كبير، بل هو الشعور بالرضا عن ذاتي، من خلال إسعاد الآخرين، والتواصل معهم.
بين العمل والمنزل
• باعتبارك سيدة أعمال وأماً.. كيف تعززين ارتباطك مع أطفالك، وتوازنين بين العمل والمنزل؟
- كَوْني امرأة عاملة لا يلغي وجودي كأم، خاصة لأولاد في عمر المراهقة، وبالتأكيد إن اهتمامي الكامل موجه إليهم. أحياناً، وبسبب طبيعة عملي، خاصة في مواسم المناسبات، قد انشغل عنهم ليوم أو اثنين، لكنني أحرص دائماً على تعويضهم ساعات الغياب هذه، حتى وأنا في زحمة العمل يظلون الأولوية بالنسبة لي، فكوني صاحبة عمل يجعلني هذا الأمر أشعر بمسؤولية أكبر تجاه أبنائي، وضرورة التواصل معهم.
• ما أهم القيم الوطنية، التي تحرصين على تعليمهم إياها؟
- أحرص على تعزيز مشاركتهم في الفعاليات الوطنية، والاهتمام بالهوية، والاعتزاز بالقيم المحلية. وفي رمضان، أيضاً، أحرص على تزيين البيت؛ احتفالاً بهذه المناسبة؛ وحتى أغرس فيهم الوعي والانتماء. كما أطمح إلى مواصلة الاستثمار في أطفالي؛ لأنهم في عصر حرج؛ ويجب أن أبقى قريبة منهم، وأواصل تشجيعهم على إدراك ما يقدمه هذا البلد إليهم، وما يتعين عليهم من دعم لخطط ورؤى ومهام قادتنا. سيدرس ابني الأكبر الذكاء الاصطناعي، وهو أمر مهم للغاية لمستقبل دولة الإمارات، وأعتقد أن تربية أطفالنا على حب هذا البلد واحترامه هي أروع طموح.
• إلى أيَّ مدى أثر السند الرسمي والمجتمعي في تجربتك بريادة الأعمال، وحياتك الشخصية؟
- نعترف بأننا - كإماراتيات - محظوظات؛ حيث أنعم الله علينا بقيادة رشيدة، تعمل على تمكيننا ودعمنا بشكل منهجي ومستمر؛ فبفضل توجيهات الحكومة، تمكنت المرأة الإماراتية من تحقيق نجاحات عدة في مختلف المجالات. يعود الفضل في هذه الإنجازات إلى الله أولاً، ثم إلى رؤية الدولة، منذ عهد والدنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحتى اليوم، إذ استمر قادتنا في دعم وتشجيع المرأة، من خلال خطط مستدامة، تستهدف تحقيق أهداف قصيرة وبعيدة المدى. إن تأثير هذا الدعم كان إيجابياً وواضحاً في حياة نساء الإمارات، حيث أصبح لهن وجود بارز ومميز في المجالات كافة، وتعززت ثقتهنَّ بأنفسهنَّ، وقدرتهنَّ على تحقيق النجاح في الحياة العملية والشخصية، محلياً وعالمياً.