فاطمة الهاملي: أفخر بلقب «سفيرة الأصالة»
أظهرت فاطمة الهاملي، أول امرأة تربي وتمتلك الإبل في الإمارات، إصراراً كبيراً، ليس كامرأة تقتني الإبل وحسب، بل كرائدة وملهمة في مجال نادر، تحمل رؤية تهدف إلى تمكين المرأة، ودعمها في ضروب الأعمال كافة. وتسعى فاطمة جاهدة؛ لإثبات أن الإماراتيات قادرات على تقديم الكثير، وأن القيادة الحكيمة تدعمهن في تحقيق تطلعاتهن، فكانت أول إماراتية تحقق أحلامها بممارسة شغفها وهو تربية الإبل، والمشاركة في سباقات الهجن والمزاينة، وتحقق نجاحاً كبيراً في مختلف المهرجانات، الأمر الذي جعلها رمزاً لقوة المرأة الإماراتية.. في حوارنا معها؛ ألقينا بالضوء على تجربتها:
في بداية حديثها عن علاقتها بالصحراء، ودوافع ارتباطها بالإبل، تقول الهاملي: «نشأت في بيئة بدوية صحراوية منذ طفولتي، وقد ترعرعت وسط أسرة تعشق تربية الإبل في منطقة ليوا بأبوظبي، ولقد ارتبطت بالإبل التي كانت في مزرعة والدي، منذ الخامسة من عمري. كنا نعيش حياة بسيطة جداً، نركض بين الرمال، ونتعايش مع الطبيعة من حولنا، حيث درجات الحرارة المرتفعة، التي كنا نقاومها بطرق بسيطة مثل (تبليل) الأقمشة، ووضعها على أجسادنا، فلم تكن هناك مكيفات هواء».
طباع الإبل
وتضيف الهاملي: «طعامنا كان مما تنتجه الطبيعة من حولنا، مثل: التمر، وحليب النوق والماعز، والمياه كانت تأتينا من (الطوي) أي الآبار، ورغم ذلك فقد كان لدينا شغف كبير بهذه الحياة، فكنا نقبل عليها بحب، وارتبطنا بها، وبالحيوانات التي تعيش في هذه البيئة. هذه العوامل مجتمعة أعطتني خبرة اقتناء الإبل ورعايتها، فقد كانت بمثابة إحدى سبل المؤانسة، التي استبدلها الناس اليوم بالتلفزيون، والإنترنت، ووسائل التواصل الأخرى». وتواصل الهاملي: «اكتسبت الكثير من خبرة والدي، حيث عرفت طباع الإبل، وطرق العناية بها، وعلاجها، وحلبها، ومساعدتها في وضع حملها، والكثير من التفاصيل اليومية، التي أقوم بها، مثل: العناية بتغذيتها ونظافتها، وفوائدها لمن حولها».
وتحكي الهاملي عن علاقتها بالإبل، التي تطورت بشكل كبير، حيث قامت بترويضها - في مزرعتها، التي توجد بعزبة الوافية، جنوب إسطبلات قرية بوذيب - على مهارات متقدمة، مثل مخاطبتها بلغة خاصة كالإشارة، وغيرها، حتى إنها أطلقت عليها أسماء، مثل: «غروب، بروق، الزعيمة، هملولة، مشغوبة، وصفيرة»، وغيرها من الأسماء؛ حتى أصبحت تعرفها، وتتحلق حولها حينما تخاطبها.
وتشير فاطمة إلى أنها تلقت تعليماً دينياً بسيطاً، لكنها انخرطت كأول سيدة أعمال إماراتية مالكة للإبل، وطورت عملها واهتمامها والعناية بها، مستفيدة من خبرتها، واهتمام الدولة بالإبل؛ لارتباطها بالموروث الشعبي؛ فقامت بالمشاركة في سباقات الهجن و«المزايين»، وفازت إبلها بالكثير من الجوائز، في سباقات: مدينة زايد، وسويحان، والظفرة، وغيرها. مشيرة إلى أنها - منذ 2011، وحتى اليوم - تملك قرابة الـ45 منها، ذكوراً وإناثاً. إضافة إلى ذلك، فإن خيمتها في الصحراء أصبحت قبلة للسياح، ومحبي تربية الإبل، حيث تعكس - من خلالها - كرم الضيافة الأصيل، الذي توارثه أهل الإمارات أباً عن جد.
امرأة ملهمة
وتبين فاطمة الهاملي أن طموحها وإصرارها وثقتها بنفسها، جعلتها تخترق مجال تربية الإبل، الذي كان مقتصراً فقط على العنصر الرجالي، وأيضاً الدعم الكبير الذي تلقته، قائلة: «اهتمت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات) بالمرأة، منذ أن أسست سموها - في فترة السبعينات - جمعية النهضة؛ بهدف تعليم النساء، وتمكينهن من الاستفادة من فرص التعليم والتطور. وكانت رؤية سموها تهدف إلى أن تصبح المرأة الإماراتية فاعلة في المجتمع، وأن تشارك وتساهم في جميع المجالات، وعملت سموها بجد واجتهاد؛ لدعم النساء الإماراتيات، وتحقيق تكافؤ الفرص لهن في المجتمع. وأسأل الله أن يطيل عمرها ويحفظها؛ فهي قدوة لي، ولكل الإماراتيات، وقد أجزلت العطاء لهن، كما امتد عطاؤها، أيضاً، إلى النساء خارج الدولة».
وتعتز الهاملي، اليوم، بمكانتها في المجتمع، وتشعر بالامتنان لطرق احتفاء الدولة بإنجازها كامرأة مؤثرة وملهمة، وتكريمها في المجال النادر الذي انخرطت فيه، حيث تقول: «أنا فخورة بأنني أنتمي إلى هذا البلد العظيم، كما أسعدني، أيضاً، الفيلم الذي أنتجته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عني، ضمن سلسلة (حكايات استثنائية)، والذي يروي حكايتي، ويحمل عنوان (سفيرة الأصالة)، إذ يتحدث عن بداياتي، وعشقي لعالم الإبل، كأول إماراتية تقتحم منافسات وسابقات مزاينة الإبل، داخل الدولة وخارجها».