بعد رحلة طويلة من صناعة الأفلام القصيرة التي نفذتها خلال الأعوام الماضية، وحققت - من خلالها - صيتاً نقدياً، واحتفاءً فنياً، وشهرة واسعة، حاصدة العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية عالمية، بأفلام مثل: «الجارة»، و«الظل»، و«عربانة»، و«حيوان»، و«ملل»، وغيرها من النتاجات اللافتة بصرياً وسردياً، تخوض المخرجة الإماراتية، نايلة الخاجة، أولى تجاربها الإخراجية في عالم الأفلام الروائية الطويلة، من خلال فيلم «ثلاثة»، الذي انتهت، مؤخراً، من تصويره بين الإمارات وتايلاند، ومن المقرر أن يشارك - نهاية العام الحالي - في عدد من المهرجانات العالمية، في صالات السينما المحلية.. «زهرة الخليج» التقت نايلة الخاجة؛ فحدثتنا عن تفاصيل فيلمها الجديد «ثلاثة»، ودور المنصات الرقمية في انتشارها خارج نطاق المحلية، ورأيها في التطور الذي تشهده السينما الإماراتية، ومشاريعها الفنية المقبلة.. فماذا قالت؟

 

 

* انتهيت، مؤخراً، من أولى تجاربك الإخراجية بالأفلام الروائية الطويلة «ثلاثة» (Three).. حدثينا عن تفاصيله!
- الفيلم من نوعية أفلام الرعب النفسي، وهو من تأليف بن وليامز، وبطولة الممثل البريطاني العالمي جيفرسون هول، الشهير بأدواره الرائعة في أفلام: «بيت التنين»، و«هالاوين»، و«أوبنهايمر»، بالإضافة إلى الفنانين: مرعي الحليان، وفاتن أحمد، ونورة العابد، ومهند بن هذيل، والممثل الصاعد سعود الزرعوني، وتم تصويره على مدى 24 يوماً بمشاركة طاقم عمل محترف، بدءاً من المنتج الإماراتي سلطان سعيد الدرمكي، والمنتجين دانيال زيريلي وجون شارلز ليفي، إلى جانب عدد من المنتجين التنفيذيين، هم: منى عيسى القرق، وجيفرسون هول، وسيدارث ثاكر، وراسيك ثاكر، كما ضم الفيلم أكثر من 250 فناناً موهوباً من مختلف الجوانب الفنية، اجتمعوا معاً في «ثلاثة» بروح الإبداع الجماعية لتحقيق هذه الرؤية، والوصول بالأفلام المحلية إلى العالمية، وإظهار قدرات وإمكانات عدد من الممثلين الشباب الموهوبين، وكذلك الممثلين الصاعدين مثل: الطفل سعود الزرعوني (بطل الفيلم الرئيس)، وقد جاء هذا الفيلم بعد 16 فيلماً قصيراً خلال السنوات الماضية.

قصة الفيلم
* ما القصة، التي يدور حولها الفيلم؟
- يتضمن العمل ثيمات من الرعب النفسي، الناتج عن ممارسات اجتماعية خاطئة، تهيمن عليها الذهنية القائمة على الخرافة، وسطوة المشعوذين والدجالين، وتدور أحداثه بضواحي مدينة عربية في الزمن المعاصر، حول «مريم» والدة الطفل الصغير «أحمد»، والتي ترى أن تصرفاته غريبة بشكل كبير، ما يدفعها إلى اعتقاد أن هناك قوى شريرة تتملكه. ومع تصاعد الأحداث، وتعرضهما لظواهر خارقة للطبيعة، تسابق «مريم» الزمن؛ للحصول على مساعدة من دكتور بريطاني، في محاولة لإنقاذ ابنها.

 

 

* تفكرين - منذ فترة طويلة - في تنفيذ مشروع سينمائي من نوعية الأفلام الطويلة، فلماذا وقع اختيارك على «ثلاثة» بالتحديد؟
- أعتبر «ثلاثة» من الأعمال السينمائية المختلفة، سواء في المضمون أو الفكرة، لاسيما أن فكرته أعمق بكثير من كونه عملاً يستعرض تضحيات أم من أجل إنقاذ ابنها من روح شريرة، ففكرة مشاركة كلٍّ من العالمي جيفرسون هول، والطفل الإماراتي سعود الزرعوني، ضمن الأحداث الرئيسة في الفيلم، تُظهر الاختلاف الواضح بين الثقافتين، وفي الوقت نفسه الحاجة المشتركة بينهما، التي تتمثل في التسامح والتواصل. 

* هل وجدت صعوبة في الانتقال من الأفلام القصيرة إلى الطويلة، وما الفوارق التي لمستها أثناء إخراجك «ثلاثة»؟
- الفيلم القصير يرتبط أكثر بالمهرجانات السينمائية، المتخصصة في هذه النوعية من الأفلام، لذلك الفوارق كبيرة بين النوعين، فالفيلم الطويل يحتوي على تفاصيل متشعبة، ومسؤوليات إنتاجية، ومتابعات دقيقة، وتكلفة عالية، كما أنه يضمن بقاء اسم المخرج في الذاكرة السينمائية، خاصة إذا قدم فيلماً متميزاً ومختلفاً، يصنع التوازن المطلوب بين الشكل الفني، والاستقطاب الجماهيري.

* ما هدفك من دخول صناعة الأفلام الروائية الطويلة؟
- بعد الصدى والانتشار الكبيرين، اللذين حققتهما أفلامي القصيرة، أستعد للمشاركة في مهرجانات دولية بفيلمي الجديد «ثلاثة». هدفي العالمية، وأن أرفع اسم بلادي الإمارات في جميع المحافل السينمائية الدولية، فنحن لدينا من الإمكانات الفنية، والرؤى الإخراجية، والقصص والقضايا المتنوعة، ما يؤهلنا لنعبر جسور العالم بأفلامنا، وقد لاحظت هذا الأمر حينما عُرض لي - على منصة «نتفليكس» - الفيلمان القصيران: «الظل» (The Shadow) الذي فاز بأكثر من 12 جائزة، وشارك في أكثر من 42 مهرجاناً عالمياً. و«حيوان» (Animal)، وحصدا انتشاراً كبيراً، وجاءني الكثير من ردود الأفعال الإيجابية، وكلمات الثناء والإشادة من قِبَل صناع سينما في الداخل والخارج. مع وجود المنصات الرقمية العالمية، أصبح الحلم حقيقة، وبات كل مخرج يستطيع ترويج أعماله الفنية، وتحقيق انتشار وتوزيع أكبر خارج نطاق المحلية.

 

 

مشاريع مقبلة
* كيف ترين المشهد السينمائي المحلي عامة؟ 
- رغم غياب المهرجانات السينمائية في الإمارات، فإن هناك تطوراً ملحوظاً في السينما الإماراتية، بفضل بعض المخرجين والمخرجات، الذين اعتبروا الأمر تحدياً كبيراً لإثبات وجودنا، واحتضان القصص الإماراتية، وبلورتها بصيغة عالمية من حيث الإنتاج والتصوير والإخراج، وبالفعل خرجت - في الآونة الأخيرة - بعض الأفلام المتميزة، التي استعرضت ثقافتنا الغنية بالقصص والحكايات، واحتلت مراكز متقدمة في شباك التذاكر، بل وشاركت في مهرجانات دولية، حاصدة العديد من الجوائز.

* أخيراً.. ماذا عن مشاريعك السينمائية المقبلة؟
- أعمل - في الوقت الحالي - على مشروع جديد، يُعتبر ثاني أفلامي الروائية الطويلة بعنوان «باب»، من تأليف مسعود أمر الله، وإشراف المنتج سلطان سعيد الدرمكي، ويقوم بتأليف الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار العالمي إيه. آر. رحمان، الحائز جائزتَيْ: «أوسكار»، و«غولدن غلوب»، ومن المقرر أن أبدأ تصويره في مارس 2024 بإمارة رأس الخيمة. يتناول العمل قصة أختين (توأم)، تموت إحداهما، لكن يظل حضورها طاغياً على حياة أختها، التي تعيش «واقعيتها السحرية»، بعد معاناتها مرض «طنين الأذن المزمن»، وسط أحداث مليئة بالأحلام والكوابيس والمخلوقات الغرائبية، المرتبطة بالتراث الإماراتي القديم، وبالأساطير، و«الخراريف»، والمرويات الشفهية، لاكتشاف أسرار رحيل الأخت، وفك العديد من الألغاز؛ حتى تظهر حقائق صادمة.