يقال إن: «لبن الإبل يدخل، ولا يُدخل عليه»، أي أنه يغني عن غيره من الأغذية، التي لا حاجة إليها بعد تناوله، والأبحاث الحديثة أظهرت فوائده الصحية المختلفة، بالإضافة إلى خصائصه الغذائية، واختلافها عن غيره من الألبان.
ولبن الإبل أبيض اللون، ويتباين مذاقه من الحلو إلى الحاد والمالح، حسب عمر الناقة، ومرحلة الإنتاج ونوع العلف، وطبيعة ماء الشرب. تقول أخصائية التغذية، سارة الهاملي، إن لبن الإبل يحتوي على 3 أضعاف كمية فيتامين (ج)، و10 أضعاف معدن الحديد، مقارنة بحليب الأبقار. كما أنه غني بمضادات الأكسدة، ومصدر مهم للبروتين، وغير مثير للحساسية الناتجة عن عدم القدرة على هضم الحليب.
الأغذية الوظيفية
لأهمية لبن الإبل العلاجية، تم ترشيحه لدخول قائمة الأغذية الوظيفية، وهو مفهوم ظهر نتيجة تطور العلم والبحث في الأغذية، ليس فقط كمصدر للعناصر الغذائية، وإنما لمعرفة المواد الفعالة والحيوية، التي تسهم في العلاج والوقاية، والحد من الأمراض.
وتشير الهاملي إلى أن الاهتمام الحالي بألبان الإبل ليس حديثاً، فكثير من المجتمعات والقبائل حول العالم تستعين بهذه الألبان منذ القدم، حيث إن للبن الإبل الطازج أو المخمر (الرائب) فوائد علاجية مختلفة، كما في اليرقان، والسل الرئوي، واللشمانيا، وغيرها من الأمراض، ما جعل العلماء يجرون بحوثاً مستفيضة عن مركبات هذا اللبن، وكيف يمكن استخدامه في السيطرة على بعض الأمراض، وعلاج بعضها الآخر.
خصائص علاجية
وفقاً لأخصائية التغذية سارة الهاملي، يتميز لبن الإبل بخصائص علاجية عدة، ومن بعض الأمراض التي لوحظ تأثير ألبان الإبل فيها:
• خفض الكوليسترول: أظهرت التجارب تأثير لبن الإبل المخفض للكوليسترول، وقد وضعت نظريات كثيرة منها وجود حمض الأورتيك والبروتينات المتوفرة فيه.
• ضبط سكر الدم: أثبتت الدراسات أن لبن الإبل له تأثير مخفض لسكر الدم، حيث لوحظ أن القبائل التي تستخدم ألبان الإبل لديها معدل ضئيل من الإصابة بمرض السكري، مثل قبيلة الرايكا الهندية، وأظهرت دراسات أن لألبان الإبل مقدرة على ضبط مستويات السكر من النوع الأول، نظراً لوجود مركبات طبيعية شبيهة بالأنسولين، الذي يساعد الجسم البشري على المحافظة على مستويات طبيعية لسكر الدم. ولصغر حجم البروتينات المناعية في هذا اللبن، يؤثر إيجاباً في خلايا بيتا المفرزة والمنظمة لهذا الهرمون، ما يؤثر في ضبط مستويات السكري، خاصة النوع الأول منه.
• مضاد للأحياء الدقيقة: يعزى هذا لوجود مركبات مانعة لنمو الجراثيم، مثل: إنزيم اللايسوزيم، وبروتين اللاكتوفيرين، والبروتينات المناعية المختلفة، وتوجد بكميات أكبر في لبن الإبل بالمقارنة مع لبن البقر, ويمكن القول بأن لبن الإبل مضاد فعال لحالات الإسهال.
• ضغط الدم المرتفع: وجود البروتينات في ألبان الإبل يؤثر في إنزيم معين، يعمل على رفع ضغط الجسم، من خلال حبس السوائل، ومنع خروجها، ويزداد تأثير لبن الإبل عند تخميره (لبن رائب)، حيث تسهم البكتيريا النافعة في التخمر بالتأثير في هذا الإنزيم.
• التحسس الغذائي: يعتبر لبن الإبل الخيار الأفضل للأشخاص الذين يعانون حساسية اللاكتوز، والمسبب للتلبك المعوي، وهو أفضل من حليب فول الصويا، حيث تبين أن هذا الأخير قد يسبب التحسس لبعض الأشخاص. ويمكن الاستعانة بألبان الإبل في علاج مشكلة التحسس من الأغذية الأخرى، والسيطرة على مضاعفاتها على الجسم.
• تحسين السلوك والإدراك: نظراً لغنى لبن الإبل بمضادات الأكسدة، فهو يخفف - بشكل كبير - الإجهاد التأكسدي، ما يحسن بشكل ملحوظ حالات التوحد، وتحسين السلوك والإدراك.
ولاتزال الدراسات قائمة؛ لاكتشاف سر الكنز الأبيض الصحراوي، الذي يبشر بعلاجات مهمة لكثير من أمراض العصر المزمنة.