من الصعب أن يخشى الإنسان أقاربه، فلا يقدر على مشاهدتهم والجلوس معهم تحت أي ظرف من الظروف، وهو الأمر الذي قد يدفعه للاختباء والهروب، وحتى الانعزال التام عن الآخرين؛ خشية مصادفته أحد أفراد عائلته أو أقاربه.
هذا الخوف، هو الذي يعرفه الأطباء والأخصائيون النفسيون بــ"رهاب الأقارب"، أو "فوبيا العائلة"، وهو الذي يجعل المصابين به يشعرون بقلق وخوف بالغين، في حال لقائهم أياً من أفراد عائلتهم، أو علموا بقرب حلول موعد زيارة عائلية، وقد يتطور موضوع القلق إلى نوبات كبيرة من الهلع، ترافقها بعض الأعراض الجسدية الكبيرة، التي تؤثر حتماً وبشكل كبير في مسار حياة الشخص المصاب بهذه "الفوبيا".
ما "فوبيا الأقارب"؟
كغيرها من أنواع الرهاب تدفع المصابين بها للشعور بالخوف الشديد، وغير المتوقع، وغير المنطقي من أفراد أسرهم وأقربائهم، مهما اختلفت درجة القرابة بينهم.. بعدت أو قربت.
ولا يصاب الشخص الذي يعاني هذا الرهاب بأعراضه لمجرد لقاء أقاربه فقط، بل إن أعراضه قد تطاله بمجرد التفكير فيهم، أو الإقامة معهم في مكان واحد، أو أن يكون منزله بقرب أحدهم على سبيل المثال.
ويرفض هؤلاء على الأغلب حضور المناسبات العائلية، ويبتعدون عنها؛ ويقاطعونها تماماً، فلا تشاهدهم في حفلات الزفاف، أو أعياد الميلاد، أو حتى المناسبات الحزينة مثل العزاء وغيره.
وتؤثر هذه الإصابة بشكل مباشر في مسار حياة الإنسان، الذي قد يقاطع الناس خوفاً من مصادفة أحد من عائلته وهو مع الآخرين، ما يعني أن حياته قد تشل تماماً.
أسباب "فوبيا الأقارب":
لهذا الرهاب أسباب كثيرة، من أبرزها: وجود سيرة مرضية عقلية للآباء أو الأجداد، خاصة في حال كان أحد الأهل مصاباً بوساوس مختلفة، قد تتطور مع الأبناء حتى الوصول إلى "رهاب الأقارب"، كما أن التجارب المؤلمة مع أحد الأقارب قد تكون سبباً مباشراً في الإصابة بهذا النوع النادر من الرهاب.
أبرز أعراض "فوبيا الأقارب":
أبرز أعراض هذا الرهاب الإصابة بنوبات قلق وهلع مفرطة، مع المرور بمراحل تفكير غير عقلانية، وقد يصاب الشخص أيضاً بنوبات من الغضب، ويعاني عصبية شديدة بسبب شعوره الدائم بالذنب، لانقطاعه عن عائلته.
وتتطور الأمور في بعض الحالات للإصابة بأعراض جسدية حقيقية، مثل: زيادة سرعة دقات القلب ومعدلات التنفس، ومعاناة الرجفة والتعرق المفرط، وزيادة ملحوظة في معدلات ضغط الدم، ولا يمكن نسيان نوبات الهلع الشديدة التي تصيب هذا الشخص في حال تعرض لرؤية أحد أفراد أسرته أو أقاربه.
علاج "فوبيا الأقارب":
كغيرها من أنواع الفوبيا، لا يمكن إيجاد علاج نهائي لها، لكن يمكن التدرج في الأمر وتخفيف أعراضه، من خلال الاستعانة بأخصائي نفسي، ووضع برنامج علاجي وسلوكي واضح، يطبق خلال فترة زمنية معروفة.
وينصح آخرون بالبدء في تمارين اليوغا والتنفس والاسترخاء، مؤكدين أنها تساعد بشكل كبير على الشفاء من هذا المرض، مع أهمية الانتظام في ممارسة أنواع الرياضة المختلفة.
ويشدد أطباء على أهمية تقليل تناول الكافيين للمصابين بهذا الرهاب، مؤكدين أنه يساهم في مضاعفة التوتر لديهم.