رغم كل التعليقات الإيجابية، التي وردت بحق فيلم "أوبنهايمر"، للمخرج البريطاني - الأميركي، كريستوفر نولان، ووصفه بأنه الفيلم الأقوى لهذا العام، فإنه وقع في فخ الأغلاط التاريخية، ما جعله في مرمى الانتقاد بعد نحو أسبوعٍ من عرضه.
وفي التفاصيل، وجه الجمهور صفعةً تاريخيةً قوية إلى المخرج نولان، المعروف بدقته، متهمين إياه بأنه لم يكن دقيقاً هذه المرة في نقل التاريخ كما يجب، حيث أخطأ في علم الولايات المتحدة الأميركية، والحقبة الزمنية التي يرويها. ففي أحد المشاهد، يظهر العالم الفيزيائي الشهر، أوبنهايمر، الذي يجسد شخصيته النجم كيليان مورفي، وهو يدخل قاعة وسط تصفيق حار من الحضور، عقب إلقاء القنبلة الذرية التي طوّرها أوبنهايمر على كلٍّ من: هيروشيما وناغازاكي، وكانت السبب في انتصار الولايات المتحدة على اليابان.

وفي المشهد، الذي يعود إلى عام 1945، يحمل الجمهور الموجود داخل القاعة أعلام الولايات المتحدة، إلا أن تلك الأعلام لم تكن صحيحة، حيث أشار مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن علم الولايات المتحدة الموجود في المشهد يضم 50 نجمة أي خمسين ولاية، إلا أنه في تلك الفترة كانت الولايات المتحدة تضم 48 ولاية، أي قبل انضمام ولايتَيْ: "ألاساكا، وهاواي"، وإضافتهما كنجمتين إلى العلم، إذ حدث ذلك بعد عام 1959.
ولم يكن عدد النجوم في العلم هو الأمر الذي كشف تلك الغلطة التاريخية، وإنما شكلها، إذ إن شكل النجوم في العلم قبل ضم الولايتين كان مختلفاً عن ضمهما لاحقاً.
والمفارقة العجيبة في هذا المشهد تحديداً، الذي رُصدت فيه الغلطة التاريخية، أنه المشهد ذاته الذي قال الجمهور عنه إنه يستحق عنه جائزة الأوسكار، حيث يجمع بين السعادة والحزن، فبينما يصفق الحضور بشدة؛ فرحاً بانتصار الولايات المتحدة، يدخل ذلك العالم الفيزيائي في عالمٍ مظلمٍ، ويظهر عليه الندم، خاصةً بعدما أودت القنبلة التي طورها بحياة نحو 200 ألف شخص في اليابان، أي أنه ربما أدرك أوبنهايمر وقتها غلطته بصناعة هذا السلاح الفتاك.

لكن، رغم وجود هذا الخطأ التاريخي، فإنه لا يمكن إنكار أن الفيلم الذي يمتد لثلاث ساعاتٍ، ويحكي حياة أوبنهايمر مع علم الفيزياء والسياسة والانتقام والندم، ويغوص بمشاعره في كل لحظة عاشها منذ اختراع القنبلة حتى تحقيق الانتصار، استطاع تقديم مادة دسمة للمشاهد الذي لن يشعر بالملل ولو للحظةٍ واحدة، واستطاع أن يترك انطباعاً إيجابياً لدى الجمهور والنقاد على حدٍّ سواء، حتى وصلت إيراداته إلى 82 مليون دولار على شباك التذاكر في أسبوعه الأول.
كما تمكن نولان، ومدير تصوير الفيلم، من تقديم تجسيد رائع للاضطراب الداخلي، الذي عاشه أوبنهايمر لحظة أدرك حجم المعاناة البشرية، التي يعد مسؤولاً عنها، بسبب اختراعه ذلك.
وكان المخرج البريطاني، الذي قام بإخراج وكتابة الفيلم، قد استند في روايته إلى كتاب "بروميثيوس الأميركي"، للكاتبَيْن: كاي بيرد، ومارتن جيه شيروين.