الرحلة إلى مدينة فاس المغربية تشبه السفر إلى عالم مختلف، وزمن آخر، بسبب سحر شوارعها، ورائحة البهارات في أسواقها، وتقاليد شعبها، فهي ليست مجرد مدينة للمشاهدة، بل تجربة حقيقية للاطلاع على التقاليد والثقافة المغربية المضيافة، حيث تتجلى روعتها وجمالها الفريد في كل زاوية. وتعبق الأزقة المتعرجة بأسرار الماضي، وتحتضن الطرق الكثير من الأحياء المدهشة، بالإضافة إلى مئات المساجد، والقصور، والأكشاك ذات الطراز القديم. هناك، أيضاً، مبانٍ عصرية، وفنادق، ومطاعم فاخرة، ومتاجر ملونة. إنها المدينة، التي تجمع بين سحر المغرب وتراثه العريق، ويتألق فيها الحاضر بين البنايات التقليدية، والمعالم التاريخية المبهرة، حيث يمكنك أن تستمتع بكل ما تتوقعه من مغامرات وتجارب مذهلة، وتعد وجهةً لا بد من زيارتها لكل من يبحث عن السحر والجمال. تقع مدينة فاس في شمال المغرب، وتعد واحدة من المدن الملكية الأربع، وأهلتها مساحتها الضخمة، وموقعها الاستراتيجي؛ لأن تكون محط أنظار السياح من جميع أنحاء العالم. وقد وصفت هذه المدينة المغربية بأنها الأكثر قِدَماً وعراقة في العالم العربي. وتعتبر، أيضاً، تراثاً عالمياً معترفاً به من قِبَل «اليونسكو»، منذ 1981، حيث تجمع بين عناصر متنوعة من الثقافات المغربية والأندلسية والعربية والأفريقية، التي امتزجت فيها طوال 1200 سنة.
تاريخ عريق
تأسست مدينة فاس في القرن الثاني عشر، على يد الملك إدريس الثاني، و أصبحت مركزاً حضرياً وثقافياً رائداً في المنطقة. وتعتبر عاصمة الثقافة المغربية، وتُعرف بتاريخها العريق، ومعمارها التقليدي الجميل، وقد شهدت المدينة العديد من الفترات الحضارية المزدهرة، وكانت مركزاً للتجارة والعلم والفنون. تعد جامعة القرويين، التي تأسست في القرن التاسع عشر، من أقدم الجامعات في العالم، إذ تتميز ساحاتها الكبيرة، وأبوابها العتيقة، بفنون العمارة المغربية التقليدية، فتعكس تراثاً ثقافياً غنياً؛ فهي تضم مجموعة متنوعة من المعالم السياحية، التي تحكي قصة تاريخها العريق، وتعكس ثقافتها الفريدة.
روح المدينة
تعد المدينة القديمة في فاس (فاس البالي)، من أكبر المدن المحفوظة في العالم، حيث تمتد على مساحة واسعة، وتضم مجموعة كبيرة من الأزقة الضيقة، والساحات، والأسواق التقليدية، التي تعكس تراث المدينة، وروحها الأصيلة. ويمكن للزوار استكشاف أزقتها المتعرجة، والتجول في أسواق: «تانيريت»، و«البزار»، و«الذهب»، حيث يمكنهم الاستمتاع بشراء المنتجات المحلية، والحرف اليدوية الرائعة، في جو تاريخي، وروح أصيلة، ما يجعلها وجهة سياحية فريدة.
بوابات وأسوار
تطل بوابات وأسوار المدينة القديمة كأبرز معالم فاس، حيث تتميز هذه البوابات بتصاميمها العربية التقليدية، وتشكيلاتها الفنية الجميلة. ويعود تاريخ بعضها إلى العصور الوسطى، وتعد «باب بوجلود»، و«باب البهرة»، و«باب الفتح»، من أبرز البوابات التي تستحق الزيارة. كما تتميز فاس بعدد من البوابات التاريخية المهمة، التي تعكس تاريخ المدينة وأهميتها الاستراتيجية، وتضفي عليها جمالاً أخاذاً.
المدينة الجديدة
بجانب المدينة القديمة، الشهيرة بتراثها العريق، تقدم فاس، أيضاً، تجربة تجول ساحرة بين معالم حديثة، تضفي لمسة من الحيوية والتجدد على الرحلة السياحية؛ فهي تعكس جانبها الحديث، وتطورها. كما تضم المدينة الجديدة مجموعة من الفنادق العصرية، والمطاعم، والمقاهي، والمراكز التجارية.
مدرسة.. وجامعة
تعد المدرسة البوعنانية من أروع الأمثلة على العمارة المغربية التقليدية. وتم بناؤها في القرن الرابع عشر، وتتميز بمدخلها الجميل المزخرف، ورواقها الداخلي الذي يعرض الفنون الإسلامية المميزة. وتعد زيارة المدرسة البوعنانية فرصة للاستمتاع بالفن والجمال، واستكشاف العمق الثقافي للمدينة. أما حي القرويين في المدينة، فيعتبر واحداً من أبرز المعالم السياحية في فاس. ويتميز بتصميمه المعماري التقليدي والضيق، وهو مقر جامعة القرويين. كما يمكن للزوار استكشاف الحي، والتجول في أزقته الضيقة، والاطلاع على التراث الثقافي والعمراني للمدينة.
«الألف عمود»
وتعود أصول مدينة «الألف عمود»، وهي أحد أبرز المعالم السياحية في فاس، إلى القرن الثالث عشر، وتشتهر بمجموعة من الأعمدة المزركشة، والقصور الفاخرة. ويمكن للزوار التجول في أزقتها؛ لاستكشاف العمارة التقليدية، والاستمتاع بجمال المناظر الطبيعية.
الأطباق التقليدية
يشتهر المطبخ المغربي بتنوعه، ونكهاته الفريدة، ومدينة فاس لديها الكثير لتقدمه للسياح من حيث المأكولات، مثل «الطاجين»، الذي يعتبر من أشهر الأطباق في المطبخ المغربي، وهو مزيج من اللحم أو الدجاج والخضروات مع التوابل المغربية المميزة، ويُطهى في وعاء فخاري. يقدم «الطاجين» بشكل جميل، وعادة تتم مشاركته بين الأشخاص على الطاولة، بالإضافة إلى «الكسكس» وهو من الأطباق التقليدية، ويعتبر أحد رموز الثقافة المغربية. ويتكون من حبوب الكسكس المبخرة بشكل خفيف، ويرافقه اللحم أو الخضروات والصلصة. يقدم الكسكس، عادة، في آنية خاصة. كما يمكن للزوار تجربة أطباق، مثل: كباب اللحم المشوي، والكفتة المشوية، والكباب الحلو، والسمك المشوي الطازج.
أسواق.. وحمامات
تعد فاس وجهة ممتازة لعشاق التسوق، إذ تحتضن المدينة القديمة العديد من الأسواق، والحمامات التقليدية، والمقاهي، حيث يمكن اكتشاف الحِرَف اليدوية، والمنتجات التقليدية المغربية. وأسواق: «باب الجديد»، و«التنباك»، و«البسطة»، هي بعض المواقع المشهورة، التي تقدم مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك: السجاد، والجلود، والأقمشة، والحلويات، والتحف، إلى جانب الأسواق التقليدية. كما توجد، أيضاً، مراكز تجارية حديثة في فاس، مثل: «بورجوانيا»، و«فاس مول». وتحتوي هذه المراكز على مجموعة متنوعة من متاجر الماركات العالمية الشهيرة، إذ توفر تجربة تسوق مريحة ومتطورة. أما الهدايا التذكارية التي يمكن شراؤها في مدينة فاس، فتعد منتجات الحرف اليدوية من أفضل الهدايا التذكارية، حيث يمكن شراء السجاد المغربي التقليدي، والتطريز، والفخار، والخزف، والفضة المغربية الجميلة.
حي الدباغة تراث ثقافي
تاريخ دباغة الجلود في فاس يعود إلى قرون عدة، ولايزال العمل يتم بهذه الطريقة التقليدية حتى اليوم. وتعتبر هذه الصناعة جزءاً مهماً من التراث الثقافي المغربي، وتجذب الكثير من السياح الذين يرغبون في استكشاف ومشاهدة هذه الصناعة التقليدية الرائعة. عند زيارتك حي الدباغة في فاس، ستجد نفسك في متاهة من الأزقة الضيقة، المليئة بالورش والأحواض التي تستخدم لغمر الجلود بالمواد الطبيعية، مثل: ماء الأمونيا، والكالسيوم، للتنظيف وتثبيت الألوان.
ويمكنك مشاهدة عملية دباغة الجلود بنفسك، حيث تتم تنقية، وتحضير الجلود، وغمرها في الأحواض لمدة لا تقل عن أسبوعين؛ للحصول على نعومة وجودة عاليتين. بعد ذلك، يتم تلوين الجلود بألوان طبيعية مختلفة، بواسطة الصبغات النباتية، ثم تجفيفها في أشعة الشمس.إن زيارة حي الدباغة في فاس تعتبر تجربة ممتعة، تمنحك فرصة الاستمتاع بالروائح والألوان الزاهية، والاطلاع على عملية صناعة الجلود التقليدية. كما يمكنك شراء المنتجات المصنوعة من الجلود، مثل: الحقائب، والأحذية، والأحزمة، كهدايا تذكارية فريدة، تحمل طابع المدينة.
الجامع الكبير
يُعتبر الجامع الكبير، في فاس، واحداً من أهم المعالم الدينية والثقافية في المدينة. ويعود تاريخ الجامع إلى القرن التاسع الميلادي، ويتميز بتصميمه المعماري البديع، وديكوراته الداخلية الجميلة.