زادت الضغوط الحياتية وغابت معها الابتسامة بين الناس، وأصبحت «الضحكة» عملة نادرة وسط مشاغل الحياة، لكن «استرداد» الضحكة باتت له وسائل وأساليب مثل «يوغا الضحك» التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة في البلدان العربية، وأصبح لها مدربون محترفون مهمتهم إعادة الابتسامة إلى الوجوه.
مدربة يوغا الضحك، اللبنانية مايا حسن كركي، واحدة من هؤلاء اللاتي اتخذن من عبارة «اضحك تضحك لك الدنيا» شعاراً ومنهجاً في الحياة لإسعاد نفسها والمحيطين، فاتجهت إلى دراسة يوغا الضحك، وحصلت على شهادات معتمدة في هذا المجال.
مايا ترى أن الضحك لغة مشتركة بين البشر، ومن العلامات المتعارف عليها دولياً للسعادة، وبالتالي يقرب المسافات بين الناس من مختلف الجنسيات والأعمار.. في الحوار التالي، توضح مايا أهمية ممارسة «يوغا الضحك» بصفة مستمرة، للتخلص من ضغوط الحياة اليومية ومشاعر الإحباط والاكتئاب، واستبدال ذلك بالتفاؤل والبهجة والسعادة:
• ما مفهوم «يوغا الضحك»، وكيف ظهرت؟
ـ أطلق فكرة «يوغا الضحك» الطبيب الهندي، مادان كاتاريا، عام 1995، ومن الهند انتشرت إلى أنحاء مختلفة من العالم. وهي عبارة عن مجموعة من التمارين تعتمد على الضحك، و«يوغا الضحك» تناسب مختلف الأعمار والجنسيات، حيث يتم تدريب الأشخاص على ممارستها في مجموعات يراوح عددها بين 5 و25 شخصاً، يتم التواصل بينهم أثناء التمرين من خلال نظرات العيون، وتركز هذه التدريبات على التنفس العميق والاسترخاء، مع الكثير من الضحك المتواصل والبهجة. ويمكن أيضاً التدرب على «يوغا الضحك» عبر الإنترنت (أونلاين).
• هل ممارسة الضحك، من خلال اليوغا، تجعل الإنسان سعيداً؟
ـ لا يفرق عقل الإنسان بين الضحك الطبيعي والمفتعل، فسوف يحصل الجسم على الفائدة المرجوة من الضحك حتى لو لم يكن طبيعياً، لاسيما أن الضحك يساعد على تدفق المزيد من الأكسجين إلى الدم، وعند ممارسة «يوغا الضحك» يفرز الجسم هرمون الأندروفين الذي يطلق عليه «هرمون السعادة». أيضاً، عندما يضحك الشخص، فإن المحيطين سيقومون بمحاكاته، فالضحك عدوى إيجابية تنشر الفرح والبهجة في أرجاء المكان. ويعد الضحك وسيلة فعالة للتخلص من الضغوط النفسية التي تواجهنا يومياً، كما يساعدنا على فقد الكثير من السعرات الحرارية، وبالتالي التخلص من الوزن الزائد.
• كيف تساعد ممارسة «يوغا الضحك» على تخفيف الوزن الزائد؟
ـ تسهم كل 10 دقائق من الضحك في حرق حوالي 50 سعراً حرارياً. إذ إن كل ضحكة خلال التمرين تحرق 3.5 سعرات حرارية، لأننا عندما نضحك تكون الضحكة من خلال تحريك عضلات البطن بطريقة معينة، أيضاً خلال الجلسة نقوم بأداء بعض التمرينات الرياضية ونستخدم التصفيق، كما تتحرك خلال الضحك 53 عضلة في وجه الإنسان، وبالتالي هو وسيلة فعالة في حرق السعرات الحرارية، وتخفيف الوزن والتخلص من الدهون.
• ما فوائد الضحك للصحة النفسية والجسدية؟
ـ يعد الضحك من أهم الوسائل الفعالة لمواجهة الأزمات والتخلص من الضغوط النفسية والتوتر والقلق، أيضاً يسهم في التخفيف من حدة الشعور بالآلام بالنسبة للمرضى، كما أنه يساعد على تسريع عملية الشفاء. أيضاً تخفض تمارين «يوغا الضحك» من مرض الضغط المرتفع وتعزز صحة القلب والشرايين، كما تسهم ممارسة تمارين «يوغا الضحك»، كونها تتم في مجموعات، في تزايد التواصل الاجتماعي بين الأشخاص، وتزيد عدد الأصدقاء وتقوي علاقات القرابة بين أفراد العائلة، وتساعد على تخطي العقبات والتحديات التي قد تواجه الإنسان في حياته، لأنه بسببها يستطيع التفكير بشكل إيجابي.
• كيف تستطيعين مساعدة الناس من خلال «يوغا الضحك»؟
ـ منذ بدأت في تدريب الناس على «يوغا الضحك»، وأنا أفكر باستمرار في كيفية التخفيف عن الناس، حيث أقدم جلسات لنساء تعرضن للعنف، وبالفعل نجحت في التخفيف من معاناتهن، أيضاً أشارك في مساعدة الأطفال اللاجئين المتضررين من الحروب من خلال المنظمات الخيرية التي ترعى شؤونهم، كما أقدم جلسات تدريب «يوغا الضحك» لأشخاص من العائلة نفسها ما يزيد التقارب بينهم، ويحسن المزاج العام ويُخلص من الخلافات والمشاحنات التي يعانونها، فضلاً عن مساعدة مرضى السرطان وغيرهم ممن هم بحاجة لمن يمد إليهم يد العون ليتخلصوا من معاناتهم النفسية قدر المستطاع، ما يساعدهم على سرعة الشفاء، لاسيما أن الضحك يعزز مناعة الجسم.
• هل من الممكن أن يمارس الشخص «يوغا الضحك» منفرداً؟
ـ نعم، لكن تفضل ممارسة «يوغا الضحك» في مجموعات حتى تتحقق الأهداف المرجوة منها كاملة.
• كم عدد الجلسات المطلوبة، ومدة الجلسة؟
ـ تراوح مدة الجلسة بين 30 و45 دقيقة، منها حوالي 15 دقيقة للضحك المتواصل، ثم القيام بعمل يوغا الاسترخاء وتمارين التنفس، حتى يرتاح الجسم بعد المجهود الذي بذله بسبب الضحك لفترات متواصلة، ومن الممكن أن يمارس الشخص «يوغا الضحك» كل يوم؛ إذا أراد ذلك.
• هل تساعد «يوغا الضحك» على التخلص من الأشخاص السلبيين وتأثيرهم في حياتنا؟
ـ نعم، تساعد كثيراً في التخلص من الأشخاص السلبيين؛ لأن العقل بعد الجلسات لا يستقبل الأشياء السلبية ويستغنى عنها، ويُلقي بها جانباً.
اضحك باليوغا
لا تفضل المدربة مايا كاركي أن يتدرب الأشخاص على «يوغا الضحك» في المنزل من دون مدرب خاص، لأن الجلسة تحتاج إلى شخص دارس ولديه المعرفة الكافية حتى تتم الاستفادة من الجلسات، وتوضح بعض النقاط التي يجب على من يريد ممارسة «يوغا الضحك» من دون مدرب الالتزام بها، ومنها:
1. اذا كانت الجلسة في المنزل، فلابد أن ينتبه الأشخاص إلى أن يكونوا في غرفة معزولة، وبعيدة تماماً عن الجيران؛ لأنهم سيضطرون إلى إصدار أصوات عالية، وبعض الضجيج، وقد يتسبب ذلك في إزعاجهم، لذلك من الأفضل أن تكون الجلسة في الهواء الطلق خارج المنزل.
2. يجب ألا يقل عدد الأشخاص عن 5، ويقفون بطريقة عشوائية وليس في دائرة، وأن يكون هناك تباعد في المسافات بين هم، ويمنع التحدث خلال الجلسة؛ لأنها للضحك فقط.
3. تبدأ الجلسة بأن يسلم كل شخص على الآخر عن طريق الضحك فقط، ولابد أن تصدر الضحكة من البطن، وأن تكون متواصلة بلا انقطاع، ثم تبدأ المرحلة الثانية وهي أن يصفق قائد الفريق بيديه، إذ إنه لابد من تحديد قائد بدلاً من المدرب، وهو يقول: «هاهاها.. هوهوهو.. هي هي هي» لمرتين مع التصفيق ورفع اليدين إلى الأعلى، واستخدام كلمة «ياي ياي».
4. الانتقال إلى مرحلة جديدة، هي «الضحك الصامت»، الذي يساعد كثيراً في تحريك عضلات المعدة، وحرق الدهون مع استخدام عبارة «جيد جداً ياي، جيد جيداً ياي».
5. يقف الأشخاص في خط مستقيم مع فتح الأرجل قليلاً، والانحناء للأمام مع التظاهر بأنهم في حديقة يانعة يقطفون الزهور، وهنا نمارس تمرينات التنفس والشهيق من الأنف والزفير من الفم لمرات عدة.
6. يمكن لكل شخص أن يقف بشكل معاكس للآخر مع تلامس الأكتاف، ويقولون بصوت يشبه الصراخ: «هو هو هو»، ثم يلتفت الشخص إلى الآخر من الأمام وجهاً لوجه، وهما يصرخان بصوت مرتفع: «ها ها ها».
7. لابد من القيام بعمل بعض تمارين الاسترخاء، والنوم على الأرض على الظهر بعينين مغمضتين، والتنفس بعمق، وممارسة بعض تمرينات الاسترخاء المعروفة؛ حتى يستطيع الشخص التخلص من الإجهاد، الذي حدث خلال جلسة الضحك.