وضع الممثل والمؤلف ومقدم البرامج، أحمد أمين، بصمة خاصة في المشهد الفني؛ فالاختلاف والحضور الطاغي كانا عنواناً لتميزه.. «ما وراء الطبيعة»، و«الصفارة»، و«الوصية»، و«جزيرة غمام»، وغيرها من الأعمال التي قام ببطولتها، قدمها بأفكار «خارج الصندوق»، وتنقّل - خلالها - بين الأدوار الكوميدية والجادة؛ ليثبت أنه موهبة من طراز خاص. اعتمد أمين - في أغلب أعماله - الكوميديا الهادفة، وطوعها لخدمة القضايا المجتمعية، وتوعية المشاهد، وفي كل موسم رمضاني يحقق نجاحاً ملحوظاً. ورغم أنه قدم، هذا العام، بطولة مسلسل من 15 حلقة (الصفارة)، فإنه تصدر «ترند» مواقع التواصل الاجتماعي.. في هذا الحوار، يتحدث أمين إلى «زهرة الخليج» عن نجاح مسلسله الأخير، ورأيه في المسلسلات القصيرة، وأسباب ابتعاده عن السينما:

• بعد النجاح الذي حققه «الصفارة» في رمضان الماضي، ومع تداول جملة «إيه اللي حصل في جمصة؟»، التي كانت تيمة كوميدية خلال أحداثه، وتصدرت «ترند» مواقع التواصل، يتوقع الكثيرون تجهيز الجزء الثاني من المسلسل.. فهل تفكر في ذلك؟

ـ حتى الآن لم نصل إلى فكرة؛ لتقديم موسم ثانٍ، لا يقل جودة أو اختلافاً عن الجزء الأول؛ فأنا لا أحب استغلال نجاح العمل الفني، وتجهيز مواسم أخرى منه ليست ذات مضمون جيد، لأن هذا الأمر قد يؤثر سلباً في النجاح الفعلي الذي حققه العمل. لذلك، إن التأني في تحضير نص مغاير، وأحداث مختلفة، تخدم تقديم مواسم من المسلسل، وتحقق النجاح نفسه، بل وأعلى، يحتاج إلى بعض الوقت.

• هل كنت تتوقع النجاح الكبير، الذي حققه «الصفارة»؟

- الجميع يحبون النجاح، ويتجنبون الفشل، لكن لا أحد يستطيع أن يتوقع حجم النجاح ونوعه، فأنا أقوم بتنفيذ العمل من خلال إحساسي الشخصي، وما تعلمته في هذا المجال، وأنطلق مجتهداً لتقديم كل ما هو جديد، ويليق بالجمهور العربي، فالنجاح يزيد ثقة الجمهور بالفنان، ويحمّله مسؤولية أكبر، ويفتح له آفاقاً أوسع.

السفر عبر الزمن

• العمل مأخوذ عن الرواية الأجنبية «sound of thunder»، وتم تقديم تيمة السفر عبر الزمن في أعمال سينمائية ودرامية عدة.. ألم تخف من المقارنة؟

- أعتقد أن اقتباس العمل من هذه الرواية نقطة قوة، لاسيما أن معظم الأعمال السينمائية أو الدرامية المأخوذة عن روايات حققت نجاحاً كبيراً، وانتشاراً واسعاً، وحصدت جوائز عالمية، كما أن تيمة السفر عبر الزمن فكرة مثيرة، وقابلة للتقديم في أكثر من عمل فني. بكل تأكيد، كنت أحاول تجنب المقارنة مع أعمال مشابهة، من خلال تقديم أحداث مختلفة، وقصص درامية متنوعة، ما جعلني أجسد أكثر من شخصية، وأقدم أكثر من قصة، خلال 15 حلقة فقط.

• ألم تجد صعوبة عند تقمص كل هذه الشخصيات في عمل واحد، وعلى أي أساس تم اختيارها؟

- اختيار الشخصيات جاء بناءً على اختيار بطل الحكايات (شفيق) - الذي جسدته - الشيء الذي يظن أنه سيمثل له السعادة، مثل: المال، أو الشهرة، أو العائلة. حقيقةً، لم يكن تقمص الشخصيات أمراً معقداً بالنسبة لي؛ لأن «شفيق» كان يتغير ظاهرياً وحياتياً فقط، لكنه يعيش بشخصيته الأصلية.

• معظم مسلسلات رمضان الماضي ذات الـ15 حلقة، نالت رواجاً كبيراً على المنصات الرقمية، فهل تعتقد أن هذه المسلسلات ستسحب البساط من الأخرى ذات الـ30 حلقة؟

- أؤيد فكرة حرية الإبداع من حيث القصص المختارة، والقضايا المتنوعة، والجرأة في الطرح، والخروج عن المألوف، والتفكير «خارج الصندوق»، بغض النظر عن عدد الحلقات وزمنها، فهذا الأمر يمنح الكاتب مساحة ليختار القالب الأنسب لفكرته، ورغم الحضور الطاغي للمنصات الرقمية في السنوات الأخيرة، فإنني أرى أنه لن يسحب أيُّ قالب البساط من آخر، لأن هناك قصصاً يجب أن تقدم في حلقات قصيرة، وأخرى في حلقات طويلة، وفي النهاية لكل منها جمهورها ومتابعوها.

• ضمن أحداث المسلسل، يحاول «علاء» سرقة أحلام «شفيق»، فهل تؤمن بـ«سرقة الأحلام»؟

- أنا شخصياً لا أومن بذلك، وهذا جزء من رسالة العمل، فحلمك لك وليس لغيرك، عليك فقط أن تؤمن به، وبقدراتك، وتنطلق بقوة نحو تحقيقه.

دراما مختلفة

• ما رأيك في الأعمال الفنية التي تعرض القضايا الاجتماعية بشكل ساخر، وتقدم إسقاطاً على الواقع؟

- تلعب الأعمال الكوميدية دوراً مهماً في تفكيك الواقع، وإعادة طرح قضايا المجتمع، وتسليط الضوء عليها في إطار كوميدي محبب، ما يجعل الملتقي يتقبل النقد، بل وفي بعض الأحيان ينتقد الأشخاص أنفسهم في الأعمال كخطوة في طريق التغيير.

• «الوصية» عمل مميز جمعك مع الفنان أكرم حسني على «قناة أبوظبي»، ألا تفكران في التعاون مجدداً، فأنتما «ثنائي فني كوميدي» بامتياز؟

ـ العمل مع أكرم من أمتع التجارب الفنية التي خضتها، وتجمعني به «كيمياء فنية» رائعة، ولا شك في أننا سنعيد التجربة قريباً، لاسيما أننا نقرأ مجموعة من القصص، التي ستجمعنا في أعمال مهمة، ومختلفة.

• في «جزيرة غمام»، و«ما وراء الطبيعة»، ظهرت بعيداً عن الكوميديا.. ألم تخف من هذا التغيير، وكيف وجدت نفسك في الأدوار الجادة؟

- أحب الفترة التي يقضيها الممثل في البحث عن شخصيات جديدة، والظهور على الشاشة بغير المعتاد، فهذه الأدوار تمثل لي تحدياً كبيراً وممتعاً في الوقت نفسه. بلا شك كنت خائفاً من عدم تقبل الجمهور لي في هذه النوعية من الأدوار، لكنني كنت أحاول، دائماً، أن أجعل هذا الخوف دافعاً لمزيد من الاجتهاد لتحقيق التميز، وإثبات قدرتي على تجسيد أدوار مختلفة.

• مؤخراً.. حضرت فعاليات «معرض أبوظبي للكتاب»، وشاركت بجلسة تحدثت فيها عن مسلسل «ما وراء الطبيعة»، وعالم الماورائيات، فهل تستعد لتحضير جزء ثانٍ من المسلسل؟

- تشرفت بحضور الدورة الـ32 من «معرض أبوظبي للكتاب»، الذي يُعتبر منصة ثقافية؛ لتعزيز صناعة النشر محلياً وإقليمياً وعالمياً. «ما وراء الطبيعة» كان تجربة فريدة، فقد دخل - بعمق - في عالم دراما الرعب والتشويق، من خلال إحدى روايات الدكتور أحمد خالد توفيق، المأخوذة عنها أحداث المسلسل، التي تمحورت حول «رفعت إسماعيل»، الذي يتعرض لسلسلة من الحوادث الخارقة للطبيعة، فمثل هذه الأعمال المهمة تؤكد قدرتنا على تنفيذ مختلف النوعيات الدرامية، وبأحدث التقنيات الفنية والإخراج، وبصراحة أنا أنتظر بشدة تقديم موسم جديد منه.

• لماذا أنت بعيد عن السينما؟

- لم أتعمد الابتعاد، لكن كل تركيزي، في السنوات الماضية، كان منصباً على الدراما التلفزيونية، لكنني أفكر بجدية في أن يعرض فيلمي الأول كبطولة العام المقبل، خاصة أنه عرضت عليَّ بعض المشاريع السينمائية في الآونة الأخيرة، وأنا في مرحلة دراستها حالياً، منها فيلم جديد بعنوان «سوبر زيرو»، مع الفنان هشام ماجد، وهو في مرحلة التحضير حالياً.