بروح ملؤها التواضع والقوة، تمكنت رائدة الأعمال الإماراتية، رشا الظنحاني، من تحويل حلمها بالتحليق في سماء ريادة الأعمال العالمية إلى واقع ملموس، مستندة إلى خبرتها التي اكتسبتها من توليها العديد من المناصب بالقطاعَيْن الحكومي والخاص؛ ليقودها شغفها بالمأكولات والحلويات غير التقليدية إلى تذوق كعكة «البن» الشهيرة، خلال رحلتها إلى ماليزيا؛ فانبهرت بمذاقها الرائع، وقررت التعاقد لأخذ العلامة التجارية في العالم برؤية استشرافية وفكر إبداعي.

من هنا، انطلقت قصة نجاحات سلسلة «باباروتي»، التي بدأت من محل في «دبي مول»، لتتوسع وتنتشر وتغزو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وأوروبا، في رحلة مملوءة بالعزيمة والإصرار، والتحدي النابع من إيمانها الصادق بقدرة المرأة على ترك بصمتها الخاصة بالحياة؛ مادامت تمتلك الرغبة والإرادة المخلصة لتحقيق شغفها.. «زهرة الخليج» التقت رشا الظنحاني؛ لتعرف - عن قرب - قصة نجاحها، التي تمثل مصدر فخر وإلهام لسيدات الوطن العربي، خلال الحوار التالي:

• بدايةً.. كيف تشكلت خبراتك الواسعة، التي مكنتك من تسجيل هذه الإنجازات المبهرة؟

ـ كان لديَّ شغف كبير بمجال ريادة الأعمال منذ الصغر، وكنت أهوى قراءة المقالات الخاصة برجال الأعمال المميزين، ومعرفة قصص نجاحهم؛ حتى تخرجت في الجامعة، والتحقت بالعمل في العديد من الجهات الحكومية والخاصة بالدولة، ما منحني خبرة كبيرة بالمجال الإداري، وغيرها من المهارات اللازمة لاقتحام مجال ريادة الأعمال، إلى أن قررت - بجدية - البحث عن فكرة مبتكرة خارجة عن المألوف؛ أبدأ بها مشروعي التجاري الخاص.

البداية صدفة 

• لماذا اخترت مجال الأغذية لتفتتحي به مسيرة نجاحك المشرفة في مجال ريادة الأعمال؟

- يأتي ذلك من قناعتي بأن مجال الأغذية من أكثر المجالات التي تحظى باهتمام واسع من المستهلكين، وفرصة النجاح فيه كبيرة؛ لذلك كنت دائمة البحث عن الأكلات والحلويات الجديدة، التي تتمتع بشكل ومذاق غير تقليديين، وأقوم بتصويرها؛ حتى قادتني الصدفة، خلال إحدى رحلاتي خارج الدولة، خاصة لماليزيا، إلى تذوق كعكة «البن»، والانبهار برائحتها وطعمها اللذيذ، الأمر الذي استوقفني لساعات بجانب المتجر الصغير، الذي يبيعها في أحد الأسواق؛ لمشاهدتهم وهم يعدونها ويخبزونها، إلى أن عدت للفندق، وبدأت أفكر في سبل نقل هذا المنتج إلى دولة الإمارات. وفي الصباح اختمرت الفكرة بذهني، وكبر حلمي بأن أغزو العالم بهذا المنتج الرائع.

• كيف بدأت خطواتك الجدية؛ لتحقيق هذا الحلم الكبير؟

- توجهت مباشرة إلى المتجر، وطلبت مقابلة صاحب المنتج الأصلي، الذي كان ينتابه استغراب شديد؛ بعدما طلبت منه أخذ العلامة التجارية، وقال لي حينها: «إنه تحدٍّ كبير بالنسبة لكِ؛ كونك امرأة تقرر بمفردها دخول هذا المجال الصعب بكل تأكيد». لكن ما قاله زادني إصراراً وتحدياً؛ لإثبات قدرة المرأة على تحقيق ما يظنه البعض مستحيلاً. وبالفعل وقعت معه على وكالة لأكون صاحبة الامتياز في منطقة الخليج والشرق الأوسط؛ حتى تمكنت من التوسع في شمال أفريقيا وآسيا وأوروبا؛ لينتشر المقهى في نصف العالم.

أسباب النجاح

• «دبي مول» كان بداية انطلاق مقهى «باباروتي».. لماذا؟

- لا شك في أن «دبي مول» من أكثر المولات شهرة، ليس فقط داخل الإمارات بل في العالم كله؛ لذلك قررت أن يكون نقطة الانطلاق، رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها حينها؛ لصعوبة عمل دعاية للمشروع؛ نظراً لنفاد رأس المال على الإيجار والديكورات والتحضيرات. ومع ذلك حقق المنتج نجاحاً مبهراً، وصل إلى درجة اصطفاف العملاء بالطوابير أما المتجر من كثرة الإقبال عليه، وفي بضع سنوات توسع المشروع ليصل إلى 410 مقاهٍ حول العالم.

• كيف يمكن تحقيق النجاحات العملية والأسرية في الوقت نفسه؟

- يمكنني القول بأنني عملت بجدٍّ طوال حياتي، لكنني كنت - دائماً - أجيد استثمار كل دقيقة في حياتي؛ فقد تعلمت مبكراً أن الحياة الحافلة لا تقتصر فقط على العمل، فنحن بحاجة إلى الأسرة، والراحة، والاهتمامات الخارجية، والوقت لمتابعة ذلك؛ لهذا أرى أن الأمر كله يعتمد على قدرة المرأة على تطبيق مفهوم جودة الوقت؛ فبناء العلاقات مع الأبناء، وتعزيز لحظات التواصل معهم، لا يرتبطان بمقدار الوقت بقدر ما يرتبطان بلحظات زمنية تفاعلية؛ لذلك أنصح كل امرأة بألا تقلق كثيراً على مشكلة مقدار الوقت، بقدر قلقها عند البحث عن كفاءة وطبيعة الوقت الذي تمضيه مع أبنائها.