استطاع المخرج الإماراتي، محمد سعيد حارب، أن يحقق نجاحاً ملحوظاً بنقل خبراته الفنية من عالم الكرتون ورسوم التحريك، إلى السينما، وخاض تجربته الأولى في فيلم «راشد ورجب»، بعد تعاقده مع «إيمج نيشن – أبوظبي»، والذي حقق صدى كبيراً بعد عرضه على «الشاشة الذهبية»، وانتشاراً واسعاً بعد عرضه على منصة «نتفليكس»، الأمر الذي شجعه على خوض تجربة جديدة من نوعها، حيث عُرض له، مؤخراً، في صالات السينما السعودية فيلمه الثاني «ملك الحلبة»، وهو فيلم إماراتي - سعودي - مصري مشترك، ينتمي إلى أفلام الأكشن والمصارعة. فكيف وجد ردود الأفعال على الفيلم، ولماذا اختار بطلاً يخوض تجربة التمثيل للمرة الأولى، وما حكايته مع فيلم الأنيميشن، وهل سيعود إلى المسلسل الكرتوني الشهير «فريج».. أسئلة كثيرة تطرحها «زهرة الخليج» على المخرج الإماراتي في هذا الحوار، والتفاصيل في السطور التالية:
• مؤخراً.. تم عرض «ملك الحلبة» في صالات السينما السعودية، كيف وجدت ردود الأفعال؟
- لقد حضرت العرض الأول للفيلم في الدورة الماضية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، وحضرت العرض الخاص له بالرياض، قبل طرحه في صالات السينما السعودية، وبصراحة وجدت ردود أفعال إيجابية على قصة الفيلم، وسرده موضوعاً عائلياً وشبابياً، حول فكرة عدم الاستسلام، والسعي إلى تحقيق الأحلام، وتطوير الذات، وتعلّم الخروج من المآزق، من خلال قصة الشاب الطموح «مصعب»، الذي يجسده ياسين غزاوي، حيث يحلم بأن يصبح بطل مصارعة، لكن من حوله يسخرون من إمكاناته الجسدية، فيما يعتبره البعض فاشلاً في حياته المهنية، بمن فيهم عائلته، وأقرب الناس إليه، لكنه لاحقاً يلتقي مدرب مصارعة وبطلاً سابقاً، يلعب دوره الممثل محمد لطفي، يبدأ تدريبه مع دعم أبناء المدرب، خاصة أنهم وجدوا لدى هذا الشاب من الإصرار والعزيمة ما يؤهله للوصول إلى هدفه، وسط مفارقات كوميدية.
• متى سيُعرض هذا الفيلم في صالات السينما.. محلياً وعربياً؟
- «ملك الحلبة» خلطة عربية، فهو فيلم إماراتي - سعودي - مصري، يشارك في بطولته: ياسين غزاوي، محمد لطفي، شادي الفونس، حكيم جمعة، سلمى أبو ضيف، مهيرة عبدالعزيز، عزام النمري، تركي الكريديس، فيصل كردي، عزام النمري، وسناء بكر يونس؛ لذلك من المتوقع عرضه في سوق السينما العربية، لكن يبقى قرار طرح العمل تجارياً بعد عرضه في السعودية، للشركات المنتجة، وهي: «إيمج نيشن – أبوظبي»، و«أم بي سي»، و«فوكس سينما».
رسالة إلى الشباب
• يُعتبر «ملك الحلبة» إنتاجاً ضخماً لأفلام الأكشن والمصارعة، فما الرسالة التي يتضمنها العمل؟
- يتطرق الفيلم إلى صراع الإنسان مع مثله الأعلى، ومع المستوى الذي يحاول بلوغه، أو المكان الذي يجد نفسه فيه. فالمشكلة تكمن في أن بعض الناس يضعون لأنفسهم أهدافاً صعبة، أو مستحيلة؛ فيصبح طموحهم سبباً في كسر شخصياتهم، وبطل القصة يحاول تغيير كل شيء في حياته، فـ«مصعب» شاب يفتقد احترام الناس له، ويواجه العقبات في كل مفاصل حياته، إضافة إلى صراعات العمل والمنزل، فكل ذلك يضعه في حالة من الضياع، إلى أن يجد في المصارعة فرصته، التي لطالما حلم بها، والتي يستعيد من خلالها احترام الآخرين له، عبر التحوّل إلى شخص قوي وناجح. فالفيلم يطرح رسالة للشباب، مفادها أنه لا للمستحيل طالما أن الإنسان مؤمن بنفسه، وواثق بقدراته.
• يخوض ياسين غزاوي (مصعب) تجربة التمثيل للمرة الأولى.. ألم تخف من هذه التجربة؟
- على العكس تماماً، فهذا الدور مُفصل على ياسين، لكن مخاوفه من خوض التجربة كانت تظهر عليه أثناء تصوير المشاهد، وهو ما كنت أحتاج إليه في تعابير شخصية «مصعب»، ضمن أحداث الفيلم، كما أنني وجدت لديه من الموهبة والإمكانات التمثيلية ما يؤهله لدخول مجال التمثيل، وتحقيق النجاح، وتقديم قصة مؤثرة إلى عشاق السينما.
• كيف كان تعاونك مع الممثلين، خاصة أنهم من جنسيات عربية مختلفة؟
- صورنا «ملك الحلبة» في أبوظبي في «عز كورونا» عام 2020، ورغم صعوبة التصوير في تلك الفترة، فإننا قررنا تنفيذه مع الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية المتبعة في الإمارات، من أجل صحة وسلامة الجميع، وانتهينا من التصوير من دون أي إصابات. بشكل عام، لقد تعودت - خلال مسيرتي - على التعامل فنياً مع الأطفال والشباب وعمالقة الفن من جنسيات مختلفة، لذلك أشعر، دائماً، بأنني «ملك الحلبة»، وأستطيع التعامل مع الجميع، وبدا هذا واضحاً خلال تعاملي في الفيلم مع فنانين من الإمارات والسعودية ومصر، كما تشرفت، أيضاً، بالعمل مع المخضرمَيْن: محمد لطفي، وسناء يونس.
• كيف ترى مشهد صناعة السينما الإماراتية، والفيلم الخليجي عامة، وهل هناك منافسة على شباك التذاكر؟
- المعادلة اختلفت عن السابق، خاصة مع وجود المنصات الرقمية، فقد كان الاعتماد الرئيسي لصناع الفيلم على «الشاشة الذهبية»، وأرباح شباك التذاكر. لكن، حالياً، مشوار الفيلم ينطلق من السينما، ثم يعرض على مختلف المنصات، لذلك هناك أفلام لم تحقق أرباحاً في شباك التذاكر، لكنها حققت الصدى المطلوب على المنصات، وأكبر دليل على ذلك فيلمي الأول «راشد ورجب»، الذي حقق رواجاً وانتشاراً كبيرين، بعدما عُرض على منصة «نتفليكس» العالمية. من جهة أخرى، يجب أن نكسب ثقة الجمهور بالفيلم الخليجي، بتقديم أعمال راقية فنياً وتقنياً، خاصة أن هناك تجارب لمخرجين اتجهوا إلى تصوير أفلام بكاميرا تلفزيون، وهذه محاولات يمكن أن تؤثر سلباً في الصناعة عامة. لكن، بشكل عام، لا أحد ينكر أن الفيلم الإماراتي والخليجي حقق حضوراً قوياً، خاصة مع تنوع القصص والقضايا والأفكار، حتى إنني لاحظت، أيضاً، أن الدراما الإماراتية، التي تعرض في موسم رمضان تشهد تطوراً كبيراً على جميع المستويات.
عودة «فريج» قائمة
• هل تؤيد الأعمال الفنية المشتركة؟
ـ بكل تأكيد، فمثل هذه الأعمال تسهم في تبادل الثقافات، واكتساب الخبرات، والتعلم من مدارس فنية مختلفة.
• بعد «راشد ورجب»، و«ملك الحلبة».. ما جديدك؟
- أستعد، حالياً، لتنفيذ فيلم كرتون أنيميشن، ليس فقط لعرضه سينمائياً وعلى المنصات الرقمية، إنما ليكون قابلاً لتحويله إلى لعبة إلكترونية، وتنفيذه كعرض مسرحي، وقد استغرق مني هذا العمل في تحضيره وإعداد النص الخاص به عاماً ونصف العام تقريباً، وبعد الحصول على الموافقة من الجهات الفنية المختلفة على بدء تحضيره، سأعلن بقية تفاصيله.
• من الكرتون إلى السينما.. كيف وجدت الانتقال؟
- لقد عملت في «فريج» 5 مواسم، وحقق المسلسل الكرتوني الشهير انتشاراً ورواجاً كبيرين، وعندما عَرَضَتْ «إيمج نيشن – أبوظبي» التعاقد معي، بتشجيع من المنتجين والمخرجين: علي مصطفى، وماجد الأنصاري، ورامي ياسين، الذين يُعتبرون من أهم صناع السينما في المنطقة، على الانتقال من الكرتون إلى السينما؛ لتنفيذ الفيلم الكوميدي «راشد ورجب». كانت خطوة جريئة وتحدياً كبيراً بالنسبة لي، لكن مع الدعم الكبير الذي حظيت به من الجميع، استطعت أن أنقل خبراتي الإخراجية من عالم الرسوم المتحركة إلى «الشاشة الذهبية»، وبعد النجاح الذي حققه العمل، تم ترشيحي لـ«ملك الحلبة»، وشعرت بأنه يجب أن أكون على قدر ثقة هذه الشركات الإنتاجية والسينمائية الكبرى، التي منحتي الفرصة لتنفيذ فيلم مصارعة وأكشن، وهذا أكبر دليل على علمهم بأنني أملك الأدوات والإمكانات التي تؤهلني لذلك.
• ألم تخف من مقارنة «ملك الحلبة» بأفلام عالمية، مثل: «روكي»، و«كريد»، و«ذا فايتر»؟
- تقنياً وفنياً «ملك الحلبة» لا يقل أهميــــــــة عن الأفلام العالمية التي تم ذكرها، رغم الفارق الكبير في الميزانية، فلقد أصبحنا ننفـذ العديد من الأفلام الخليجية بكل احترافية، ونحرص - كصناع سينما - على التعلم، وتطوير الذات، وإذا بالفعــــل تمت المقارنــة، فهذا يعني أننا وصلنا.
• أخيراً.. هل تشتاق إلى مسلسل «فريج»؟
- كنت أفكر بجدية في العودة إلى «فريج» مجدداً، لكن تأجلت الفكرة بعد وفاة ماجد الفلاسي (أحد الأبطال الرئيسيين، وصاحب صوت «أم سعيد»). منذ أن فكرت في تنفيذ «فريج»، كنت على دراية تامة بأن هذا المسلسل «لن يموت» ولن ينتهي؛ لذلك مشروع العودة قائم، لكن بشكل مختلف، حيث لن يشاهد الناس «فريج» على شاشة التلفزيون مجدداً، يل ستعرض حلقاته الجديدة على المنصات الرقمية، بحيث يستطيع الجمهور مشاهدته في أي مكان وزمان.