يؤمن سفير "اليونيسف" في "COP28"، ابن الإمارات الشاب أحمد المطوع، بأن مفهوم الشهرة يختلف من شخص إلى آخر، مؤكداً أنه، ورغم كل النجاحات التي حققها وهو في مقتبل العمر، وبعد أن بات شخصاً معروفاً على مستوى العالم، أن الشهرة لم تكن هدفاً له في يوم من الأيام.

ويؤكد المطوع، خلال حديث خص به "زهرة الخليج"، أنه يرى أن الأهم دائماً هو تقييم الإنسان لنفسه، وقدرته على نيل سمعة حسنة، وفعل ما هو مفيد له ولمجتمعه، وأن يفكر دائماً كيف سيتحدث الناس عنه عند ذكر اسمه، رافضاً بالمطلق نيل الشهرة على حساب الكرامة والسمعة.

ويكمل إننا اليوم بأمس الحاجة لمشاهير يتركون الأثر الطيب والإيجابي في الناس، ويتمتعون بالكفاءات الوطنية، كما أننا بحاجة لأشخاص مبدعين ومؤثرين بشكل إيجابي، خاصة أن أكثر هؤلاء يشكلون قدوة للأطفال، والأجيال الناشئة، وهو الأمر الذي يلقي عليهم مسؤولية مضاعفة؛ ليكونوا قدوةً حسنة لهم.

يقول المطوع: "نحتاج، اليوم، لمزيد من القدوات الحسنة، الذين يساعدون على التطور والتقدم، ويمثلون اسم الإمارات بشكل جاد، ويكونون مثالاً يحتذى للأجيال الجديدة".

ويصف المطوع التأثير الصحي في الأطفال واليافعين بالقوة الناعمة، التي يمتلكها بعض البشر، ويمكنها إحداث تغيير إيجابي في حياة الآخرين، متمنياً أن تزداد هذه النماذج في المجتمعات العربية.

مسؤولية كبرى:

يقدر الشاب الإماراتي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، باختياره سفيراً لليونيسف في "COP28"، مبيناً أن هدفه الرئيسي من هذا التشريف، هو صنع التغيير، خاصة لدى الأطفال واليافعين، ونشر الوعي بينهم، في ما يتعلق بمجالات: البيئة، والاستدامة، والتغير المناخي.

ويضيف أن غرس بذور عاداتٍ جديدةٍ، يجب أن يبدأ من الأطفال والشباب دائماً، وكما يقول المثل الشهير: "العلم في الصغر، كالنقش على الحجر"، لأن المفاهيم التي تغرس في نفوس هؤلاء سيحملونها معهم، ويقاتلون لأجلها، وهو أكثر سهولة من تغيير أشخاص قضوا أكثر من خمسين أو ستين عاماً في نمط حياة معين.

ويبين أن من أكثر إيجابيات تعليم الأطفال عن تلك الأمور: (البيئة، المناخ، الاستدامة.. إلخ)، أنهم أكثر قدرة على التأثير في عائلاتهم ووالديهم، خاصةً أن الآباء والأمهات والإخوة الكبار سيخجلون من الإتيان بتصرفات مضرة بالبيئة، عندما يجدوا أطفالهم الصغار يشيرون إليهم بأنها خطأ لا يمكن ارتكابه.

ويكمل المطوع حديثه بأن نتائج هذا الجهد لن تظهر بشكل آني، وستبدو واضحة عندما يحمل أطفال الإمارات وشبابها الراية من الذين سبقوهم، مؤكداً تفاؤله الكبير بظهور أدوار ريادية كبرى.

وزاد المطوع أن أصوات الأطفال باتت مسموعة اليوم، خاصة في دولة وفرت لهم منصات عديدة، ومنحتهم الفرصة لمخاطبة العالم أجمع، لإيصال أفكارهم التي من شأنها إحداث تغيير إيجابي في العالم.

ويضيف أن اختياره سفيراً للمنظمة العالمية يحمله مسؤولية نشر الوعي، ليؤمن الناس بأن قضية البيئة هي قضيتهم التي يجب الدفاع عنها بشتى الطرق، منوهاً بأن الأمر ليس سهلاً، أو نتائجه مضمونة، لكن تغيير الأطفال كفيل بتغيير المجتمع بأكمله.

حلم طفولتي تحقق.. متحفي يجمع الفن بالتراث والحداثة:

كان حلماً وتحقق.. بهذه الكلمات يصف الشاب أحمد المطوع متحفه المميز "متحف أحمد المطوع.. ذكريات الإمارات"، راوياً قصة إنشائه.

يقول المطوع إن فكرة تأسيس المتحف كانت بهدف جمع العملات والطوابع بداخله، خاصة أنه عرف حبه وتعلقه بهذه الهواية، بعد أول سفرٍ له خارج الإمارات بعمر الست سنوات، وأنه بعد أن رأى اختلاف العملات من دولة إلى أخرى، بدأ يسأل كطفلٍ يستكشف الدنيا: لماذا تختلف هذه العملات؟

ويكمل المطوع أنه بدأ منذ تلك اللحظة حب جمع العملات، ثم جال بخاطره أن يجمع عملات دولة الإمارات قبل الاتحاد وبعده، من مختلف الفئات، والبحث عن حكايات هذه العملات وقصصها.

ويزيد سفير "اليونيسيف" أنه طور عمله بعد ذلك، وبدأ يتشعب في مجال الطوابع والمقتنيات والوثائق القديمة، مع تزايد شعوره بحب التكنولوجيا، التي يبدو ظاهراً أنها تناقض التراث المنهمك في جمعه، وأنه بدأ يفكر في إنشاء معرض يجمع بين القدم والتراث والتكنولوجيا في آنٍ. فأنشأ "متحف أحمد المطوع.. ذكريات الإمارات"، الذي يدمج الفن بالتاريخ والتكنولوجيا، وتم سرد قصص العمل والطوابع والقطع المعروضة من خلال التكنولوجيا الحديثة، وبطرق مشوقة وجاذبة للزوار.

الإمارات تدعم البيئة منذ القدم:

لم يكن إنشاء هذا المتحف بعيداً أبداً عما يقدمه المطوع من توعية بالبيئة والمناخ والاستدامة، فقد اكتشف - حسب قوله - أن بعض البطاقات الهاتفية والعمل الإماراتية القديمة، نقشت عليها قبل أكثر من 50 عاماً عبارات تحث على الاستدامة، والحفاظ على البيئة، وهي رسائل مهمة جداً، تبين مدى اهتمام الدولة بالحفاظ على البيئة منذ زمن بعيد.

ويضيف أن إحدى العملات الإماراتية نقشت عليها عبارة: "لزيادة المحاصيل الغذائية"، وأخرى: "نظافة البحار تعني المزيد من الغذاء للبشر".

الروبوتات طريق النجاح المليء بالعثرات:

تشكل قصة المطوع مع الروبوتات مثالاً للإرادة الحقيقية، والسعي الدؤوب حتى الوصول إلى الهدف المنشود، وهي التي بدأت بتحصيل علامة صفر خلال مشاركته الأولى في أولمبياد الروبوت الوطني بدولة الإمارات.

يقول المطوع إنه، ولسنوات متتالية شارك خلالها في هذا الأولمبياد، ظل تحصيله فيها صفراً، ولم يكن فريقه ينجز أي مهمة مطلوبة منه، لكنه كان يتعلم كل عام من أخطائه السابقة، ويعمل على إصلاحها، ويراكم خبراته بالعمل، حتى جاء عام 2017، الذي حرص خلاله على التدرب الكثيف لعدة شهور، والمشاركة من جديد، وعندما جاء إعلان أسماء الفائزين بالمسابقة، ولأول مرة بالتاريخ، أعلنت اللجنة أنها حجبت الجائزة الثانية والثالثة، إذ إن جميع المشاركين عدا الفائز بالمركز الأول حصلوا على علامة "صفر"، وكانت المفاجأة السارة أنه تم الإعلان عن فوز فريق "أحمد المطوع".

يكمل المطوع أن هذه اللحظة كانت فارقةً في حياته، واستطاع يومها أن يشعر بلذة النجاح، وينتشي فرحاً بهذا الفوز الذي جاء بعد طول انتظار، ففتح له آفاقاً جديدة في الحياة، إذ إنه مثل دولة الإمارات عام 2017 بالأولمبياد العالمي الذي أقيم في كوستاريكا، وتم اختياره في 2019 محكماً تقنياً في بطولة الروبوت والذكاء الاصطناعي العالمية في دبي، ليكون أصغر محكم تقني بتاريخ هذه المسابقة، وكان يبلغ في ذلك الوقت 18 عاماً فقط.

وقد كان لهذه الأحداث تأثير واضح في حياته حسب قوله، فقد اختار بعد ذلك دراسة هندسة أنظمة الروبوتات والميكاترونكس، وهو تخصص جديد غير موجود في الإمارات.

يقول المطوع: "كنت ضمن أول دفعة إماراتية تدرس هذا التخصص، وأنا واحد من أصل ثلاثة إماراتيين في بريطانيا، ولم يتبقَّ لنا سوى شهر للتخرج بإذن الله". وبين أن هذا التخصص يشمل: مجال الكهرباء والميكانيك والبرمجة والذكاء الاصطناعي والإلكترونيات، ويعلم طلابه الكثير الكثير.

تأثير الذكاء الاصطناعي في التغير المناخي:

يؤكد أحمد المطوع أن للذكاء الاصطناعي تأثيراً في التغير المناخي، فهو أداة قوية في مكافحة تغير المناخ، وتحقيق تغير إيجابي، من خلال تحليل البيانات الكبيرة، وتعلم الآلة، والتنبؤات الدقيقة.

ويضيف أنه يمكن للذكاء الاصطناعي دعم اتخاذ قرارات استدامة وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، كما يمكن استخدامه أيضًا في رصد ومراقبة الظواهر البيئية، مثل: تغير المناخ، والتآكل البيئي، ما يساعد في تحقيق أهداف حماية البيئة والاستدامة.

ويكمل أننا، ومن خلال الذكاء الاصطناعي، قادرون على تحسين نظم الطاقة الذكية، وتخفيف انبعاثات الكربون في مختلف القطاعات، إضافة إلى تحسين توجيه الموارد، والتخطيط الحضري السليم.

ويختم المطوع حديثه بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يعد أداة قوية ومبتكرة في مكافحة تغير المناخ، وتعزيز الاستدامة، ويمكن أن يسهم في إحداث تغيير إيجابي في قضايا التغير المناخي.