اتخذت مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أحد أكبر المستشفيات في دولة الإمارات العربية المتحدة للرعاية الجادة والمعقدة، والمشروع المشترك بين شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، و"مايو كلينك"، قراراً بالتوقف نهائياً عن استخدام مادة الديسفلوران الضارة بالبيئة في عمليات التخدير.
وتتماشى هذه المبادرة مع أهداف دائرة الصحة - أبوظبي لتحقيق الاستدامة في قطاع الرعاية الصحية، والتي تم الإعلان عنها في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، كما تُمثل خطوة سباقة ومهمة في مسيرة مدينة الشيخ شخبوط الطبية لتحقيق الاستدامة، من خلال اتخاذ إجراءاتٍ إيجابية، للحد من الآثار البيئية السلبية للعمليات الجراحية.
وتعد مادة الديسفلوران مخدراً متطايراً، يؤخذ عن طريق الاستنشاق، ويشيع استخدامه في العمليات الجراحية. وعلى الرغم من أن الديسفلوران عامل مخدر فعّال، فإنها ضارة بالبيئة؛ لأنه تسبب انبعاث غازات الاحتباس الحراري. وعند إطلاقها في الغلاف الجوي، تحبس الديسفلوران الحرارة، وبالتالي تتسبب في الاحتباس الحراري، وما ينتج عنه من آثار بيئية سيئة.

 

 

التخدير مرحلة حساسة:
حول هذه الخطوة، علّق الدكتور منذر حسن صادق، رئيس قسم التخدير، قائلاً: "يُعد التخدير مرحلة مهمة وحساسة قبل وأثناء وبعد العمليات. وأثناء العملية، قد يختلف نوع التخدير الذي يتم استخدامه حسب ما يقرره الطبيب، وملاءمته للمريض. ويتم إخضاع المريض للتخدير العام التقليدي باستخدام غاز التخدير، أو المادة المُخدرة عن طريق الوريد لوضعه في حالة النوم. لكننا قررنا استبدال هذه الطرق عن طريق إبقاء المريض مستيقظاً ومرتاحاً أثناء إجراء العملية باستخدام تقنيات التخدير الموضعي، وهي التخدير فوق الجافية (إبرة الظهر أو الإبيديورال)، أو الحقن النخاعي، أو التخدير بإحصار العصب".
وتُساهم غازات التخدير، المُستخدمة أثناء التخدير العام التقليدي، بنسبة تصل إلى 5% من البصمة الكربونية، ويعتبر غاز أكسيد النيتروز والديسفلوران أكثرها ضرراً على الإطلاق.
يصف مقياس إمكانية الاحترار العالمي الضرر الناجم عن هذه الغازات على البيئة، التي توازي قيمتها كمية الحرارة المحبوسة خلال فترة 100 عام داخل الغلاف الجوي، مقارنةً بالكتلة المُماثلة من ثاني أكسيد الكربون، التي لها قدرة احترار عالمي واحدة. ويُعد الديسفلوران أقوى بـ2540 مرة من غازات الاحتباس الحراري، مقارنةً بكتلة مكافئة له من ثاني أكسيد الكربون. وتنتج زجاجة بسعة 240 مل من الديسفلوران مُبخرة بالكامل ما يعادل 886 كغم من ثاني أكسيد الكربون. وتوازي هذه الانبعاثات يومياً القيادة لمسافة 4943 كيلومتراً في سيارة بمحرك يعمل بالبنزين.
وأضاف الدكتور صادق: "لقد قررنا التوقف عن استخدام مادة الديسفلوران بالعمليات الجراحية في مدينة الشيخ شخبوط الطبية كجزء من التزامنا بخفض بصمتنا الكربونية. وهذا القرار لا يُعد مكسباً للبيئة فحسب، بل أظهرت الأبحاث أن أدوية التخدير الأخرى، التي يتم استنشاقها تمتلك الفاعلية ذاتها، وهي أقل خطورة من حيث التسبب بمضاعفات في الجهاز التنفسي، وبالتالي تُعزز سلامة المرضى".

 

 

نهج استباقي:
من جانبه، أوضح الدكتور ماثيو جيتمان، المدير الطبي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أن الوعي البيئي هو مبدأ أساسي، حيث قال: "بصفتنا مستشفى يقدم رعاية طبية للحالات المعقدة والحرجة، ندرك تماماً أن خياراتنا يمكن أن يكون لها تأثير كبير على البيئة، محلياً وعلى مستوى العالم. لذا، نحن ملتزمون بممارسة سياسة المشتريات المُستدامة، أي عملية اختيار السلع والخدمات الخضراء، التي تُقلل الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية السلبية. إن تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من التخدير المُستنشق، مثل الديسفلوران، مجرد مثال على كيفية اتباعنا لنهج استباقي، للحد من انبعاثاتنا من الكربون". 
وأضاف الدكتور جيتمان: "نحن فخورون باتخاذ هذه الخطوة، ونتمنى أن نُلهم الآخرين تبني المزيد من التغييرات الإيجابية، لتحقيق الاستدامة بقطاع الرعاية الصحية، في دولة الإمارات وخارجها".