ينطلق مفهوم عام الاستدامة، الذي اختارته دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ليكون شعارها لعام 2023، تحت عنوان "اليوم للغد"، من فكرة أن التنمية المستدامة هي التي تلبي احتياجات الحاضر، دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتهم الخاصة والمستقبلية، دون استنزاف الموارد الطبيعية.

ولهذا السبب، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، رعاه الله، على 2023 "عام الاستدامة"، وذلك لإيجاد استراتيجيات مبتكرة وفريدة، تحافظ على النعم التي وهبها الله عزَّ وجلَّ لدولة الإمارات، وتمكن الأجيال المقبلة من الاستفادة من التفوق الحضاري والفكري والتكنولوجي، الذي تعيشه دولة الإمارات حالياً.

ويتكئ مفهوم الاستدامة على فكرة الموازنة في الاحتياجات المتنوعة، مع ضرورة إيلاء القيود البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها العالم أهمية خاصة، في ظل قلة ومحدودية الموارد الطبيعية، ورغم أن أمر الاستدامة خاص بكل دولة على حدة، فإن الشعور بالواجب تجاه البشرية والإنسانية يجعل من سعي دولة الإمارات نحو تطبيق الاستدامة عالمياً، مثالياً لتحقيق الرفاهية والحياة الكريمة لكل الناس.

وتهدف مبادرات الاستدامة، في دولة الإمارات، إلى معالجة المشاكل التي تنشأ عن قلة الموارد الطبيعية العالمية، والاستعاضة عنها بحلول تجعل المدن أكثر استدامة وآمناً على مستوى العالم.

وكثيرة هي المبادرات والاستراتيجيات، التي أقرتها دولة الإمارات، لتكون بمثابة أهداف تتحقق على أرض الواقع، من أجل الحفاظ على مستقبل الدولة، وديمومتها، منها: "رؤية الإمارات 2023"، و"مركب الإمارات العربية المتحدة 2071"، و"استراتيجية الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة 2050"، وهي الاستراتيجية التي تحدد 50 هدفاً للطاقة النظيفة في البلاد، فضلاً عن أهداف التنمية المستدامة في الإمارات، التي تعمل كمبدأ إرشادي لمعظم المشاريع القادمة.

ومن أجل تحقيق هذه الاستراتيجيات والرؤى والمبادرات، تبذل الدولة جهودها لإيجاد بيئة مستدامة؛ لضمان نجاح التطور للوصول نحو مدن مستدامة بشكل كامل، حيث تم إنشاء 46 محطة لمراقبة جودة الهواء، و33 محطة تحلية لتوفير احتياجات الماء، وأيضاً القضاء نهائياً على استهلاك مركبات الكلوروفلوركربونات بحلول عام 2040.

ومن أبرز النجاحات، التي تحققت على أرض الواقع، استجابة لرؤية دولة الإمارات في الوصول إلى مدن مستدامة ونظيفة، هو مشروع مدينة "مصدر"، التي انطلقت عام 2006، كأحد أبرز المشاريع العمرانية المستدامة في الشرق الأوسط، إذ تعد من الشركات الرائدة في ممارسات الاستدامة، حيث تستخدم في مبانيها التكنولوجيا والطاقة الشمسية، للمساعدة في تقليل استهلاك الطاقة والمياه للحفاظ على البيئة، كما يشمل التطوير مساحات تعليمية وترفيهية وسكنية وتجزئة وتصنيع، ومساحات مكتبية تعمل بالطاقة المتجددة، فضلاً عن طريقة إنشائها بواسطة الألمنيوم، والفولاذ المعاد تدويره بنسبة 100%، حيث يتم ضمان استهلاك المياه في المنازل، باستخدام الأجهزة العالية الكفاءة، ووحدات الدفق المنخفض التدفق وتعرفة المياه، وأيضاً عدادات المياه الذكية، وحتى المياه العادمة المعالجة، التي تتم إعادة تدويرها، لاحقاً، لري النباتات.