لا بد أن الكثيرين منا سمعوا، مراراً وتكراراً، عبارة تطلق على بعض الأشخاص، فيصفونه بأنه الآن في "وضع التنبيه"، ما يعني أنه يقظ لكل ما يحصل حوله، وشديد الحراسة والمراقبة، لكن هذا الأمر لن يكون إيجابياً دائماً، فاليقظة المفرطة قد تضر أكثر مما تنفع في العلاقات الزوجية، وربما تكون سبباً في هدم العلاقات الصحية، وتحويلها لعلاقات سامة، وفق خبراء الزواج.

وحسب ما أورد بعض خبراء الصحة النفسية، فإن اليقظة الشديدة والدائمة، في العلاقات الزوجية، تولد الكثير من التوتر السلبي بين الزوجين، وربما تكون سبباً في إبعاد الشريك.

لكن ما "اليقظة المفرطة" حقاً؟.. ولماذا يمكن أن تكون مشكلة في العلاقة الزوجية؟

"اليقظة المفرطة":

هي مصطلح يستخدم لوصف الشعور المتزايد بالوعي واليقظة، ويظهر غالباً كرد فعل مبالغ فيه، يقوم به الإنسان تجاه محيطه، وربما يكون تركيزاً مفرطاً على أشياء محددة في البيئة، حتى إن بعض الخبراء يقولون إنه قد يرتقي - في بعض الأحيان - لدرجة اضطراب "الوسواس القهري".

وفي الزواج، إن هذا السلوك المستمر يحرم الزوجين الاسترخاء والانفتاح في علاقتهما، ويبقيهما في توتر دائم، ويدفع الطرف الآخر إلى التوتر والاستياء، ما يؤدي لنتائج سيئة على الأغلب.

أعراض "اليقظة المفرطة" في العلاقات الزوجية:

غالباً تُبقي "اليقظة المفرطة" الشخص في حالة تأهب تام، كأنه يبحث عن خطر يحيط به، وهو أمر شائع فعلاً بين كثير من الأشخاص، الذين يعانون القلق، ويمكن أن يسبب الأمر مشاكل كبرى، أبرزها المبالغة في رد الفعل تجاه الأشياء العادية، وغير الضارة.

ومن أبرز الأعراض الشائعة لـ"اليقظة المفرطة"، ما يلي:

1. الشعور كأنك تراقب دائماً سلامة شخص ما.

2. القلق كثيراً بشأن نفسك وسلامتها.

3. عدم القدرة على الاسترخاء أو الراحة.

4. مواجهة مشاكل في النوم ليلاً.

5. الشعور باستمرار بالتوتر.

6. عزل نفسك عن الأصدقاء وأفراد الأسرة.

7. القلق المتكرر ونوبات الهلع.

8. فقدان الشعور بالوقت، خاصة مع إحساسك الدائم بأنك شخص مشغول.

ينصح الأطباء النفسيون بعدم تجاهل أيٍّ من هذه الأعراض، وضرورة مراجعة أخصائي نفسي على الفور، لمعرفة "اليقظة المفرطة"، واتباع الطرق اللازمة للتخلص منها.

أسباب تنمي "اليقظة المفرطة" لدى الشخص:

لا توجد أسباب رئيسية للإصابة بـ"اليقظة المفرطة"، لكن قد تكون هنالك بعض العوامل، التي تنمي هذا الشعور لدى الشخص، منها:

تغيير المسكن:

يمكن أن يشكل الانتقال إلى مكان جديد مصدراً مهماً للتوتر في العلاقات الزوجية، ويحفظ اليقظة الزائدة لدى أحد الزوجين، خاصة أنه لن يكون على دراية بمحيطه، ويشعر بفقدان شبكة الدعم من الأصدقاء والعائلة، التي كان يمتلكها سابقاً في مسكنه، وبيئته الأصلية.

تجارب ماضية:

يمكن للتجارب الصادمة السابقة أن تجعل الناس يشعرون بالضعف، وعدم الأمان العاطفي، وقد تدفعهم تلك التجارب للقلق والحساسية المفرطة تجاه بعض المواقف، ما يؤدي إلى انخراطهم في سلوك شديد اليقظة، لحماية أنفسهم مما يعتقدون أنه خطر على علاقتهم.

القلق والتوتر:

الأشخاص الذين يتعرضون بشكل دائم للتوتر والقلق، يبدؤون غالباً بمراقبة محيطهم باستمرار، للتأكد من أن كل شيء على ما يرام، ويصبحون أكثر يقظة تجاه محيطهم؛ خوفاً من الإصابة بمشاعر سلبية، وتعريض أنفسهم للتعب، والإرهاق النفسي. وغالباً، تكون تصرفاتهم هذه سبباً مباشراً في انعدام الثقة بالطرف الآخر.

طبيعة الشخص:

تحكم طبيعة الأشخاص سلوكهم بشكل عام، ويرى الخبراء أن الأشخاص الأكثر انطوائية هم أكثر عرضة لممارسة سلوك "اليقظة المفرطة"، وأكثر شكاً في من حولهم، خاصة أنهم - على الأغلب - لا يعبرون عما يدور في رأسهم. فيما يعتقد الخبراء أن الأشخاص الأكثر انفتاحاً، على الأغلب سيكونون أقل شكاً، وبالتالي هم، غالباً، بعيدون عن الانخراط في مثل هذا السلوك.

طرق تساعدك على التخلص من "اليقظة المفرطة":

- كتابة اليوميات:

تعد كتابة المذكرات واحدةً من أفضل الطرق، التي تعلمنا إيقاف "اليقظة المفرطة"، إذ إنها تجعل الإنسان يطلع على تصرفاته ويقرأها، ويكون قادراً على تحديد سلوكه السلبي، الذي يسبب له مشاكل مع شريكه، ويستطيع من هنا أن يبدأ بحل المشكلة.

- التعبير عن المشاعر:

من المهم أن تعبر عن مشاعرك لشريكك، علماً بأن أولئك الذين يعانون "اليقظة المفرطة" يميلون، غالباً، للانعزال، ومن المعروف أن عدم إيصال الرسائل للشريك، وعدم السماح له بمعرفة ما يزعجنا، سيزيدان المسافة بينهما، ويضاعف حجم التوتر، وقد يؤدي إلى نهايات لا نتمناها.

- الرعاية الذاتية:

تعد الرعاية الذاتية من الأمور الرئيسية للابتعاد عن الانخراط في السلوك السلبي، ومن ذلك فرط اليقظة، ولا يتوقف الأمر على أخذ إجازة من العمل على سبيل المثال، بل من المهم، كذلك، ممارسة الرعاية الجسدية، مثل منح نفسك ساعات كافية من النوم ليلاً، وتناول الأطعمة الصحية، وممارسة الرياضة، خاصة أن الرعاية الذاتية الصحيحة تحسن المزاج كثيراً، وتدفع الإنسان - بشكل عام - إلى البحث عن الأمور الإيجابية.

- الحدود الصحية مع الشريك:

إن وضع حدود صحية مع الشريك أمر مهم جداً، خاصة تلك المتعلقة بالتواصل والاحترام المتبادل، لأن اعتياد مثل هذه الحدود يجنبك - على الأغلب - الوقوع في انفجارات عاطفية، يمكن أن تؤدي إلى انقسامات عميقة في علاقتك. وغالباً سيمنعك اعتياد تلك الحدود، التي وضعتها في علاقتك، من السماح لمشاعرك السلبية بالسيطرة عليك.

- الثقة بالشريك:

إذا كنت تبحث، فعلاً، عن علاقة صحية طويلة المدى، فعليك أن تثق بشريكك، حتى لو كنت من الأشخاص الذين مروا بتجارب مؤلمة في الماضي. ومن المهم التحلي بالصبر، وطيب القلب، والرأفة مع أنفسنا وشركائنا، ويجب أن نتخلى عن أي مشاعر استياء أو عدم ثقة، قد تعترض طريق سعادتنا.

وفي النهاية، وباختصار.. عليك العلم واليقين بأن "اليقظة المفرطة" في العلاقة تصعب حقاً تكوين علاقة صحية عميقة مع أي شخص، ويمكن أن تؤدي، غالباً، إلى صراعات، وسوء فهم.

لذلك، ولتجنب حدوث هذه الأشياء في المستقبل، تعلم كيفية التخلص من خوفك وشكوكك، وبناء الثقة مع شريكك، بدلاً من ذلك.