يعدُّ «التصلب المتعدد» أحد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً؛ إذ إنه يصيب أكثر من 2.1 مليون شخص حول العالم، ويشيع بين النساء 2 - 3 مرات أكثر من الرجال، وقد يتلف الأعصاب بشكل دائم، ومن أهم أعراضه: التعب، والإرهاق، والشعور بالوخز والخدر، بالإضافة إلى ضعف المثانة، وصعوبة حركة الأمعاء، وأيضاً مواجهة صعوبات في الحركة، والتشنج، والتعلم، والذاكرة، وضعف البصر، والاكتئاب، وهو مرض غير معروفة أسبابه أو كيفية علاجه حتى الآن، لكن العوامل المناعية والبيئية والوراثية لها دور في أسباب الإصابة.
وهنا، يقف المصابون حائرين حول كيفية التعامل مع المرض، وبما أن هذا المرض يتأثر بالمناعة؛ فعلينا - في هذه الحالة - الانتباه إلى الغذاء؛ حتى نصل إلى العلاج.. قدر المستطاع.
خبيرة الغذاء والتغذية، ندى زهير الأديب، الأمين العام لجمعية الإمارات للتغذية، وعضو اللجنة العليا لحماية المستهلك، توضح - في السطور التالية - علاج «التصلب المتعدد»، من خلال وضع خطة غذائية مناسبة.
بحسب أخصائية الغذاء والتغذية، ندى الأديب، لا توجد إرشادات غذائية رسمية، أو استراتيجية غذائية للمرض، لكنها تؤكد أن إجراء تغييرات في النظام الغذائي قد يساعد على إدارة أعراضه، ومنع، أو السيطرة عليها، وتقليل النوبات، وفرص تطور الإعاقة، من خلال استيفاء مكونات النظام الغذائي الصحي، من كربوهيدرات، وبروتينات، ودهون، وفيتامينات، ومعادن، وألياف، وبعض العناصر الغذائية، مثل: فيتامين (ب12، ود)، والكالسيوم، والأحماض الدهنية الأساسية، ومضادات الأكسدة.
نظام غذائي
وعن الأطعمة، التي يجب أن يتضمنها النظام الغذائي لمريض «التصلب المتعدد»، توضح ندى قائلة: «هناك أطعمة يجب تضمينها في النظام الغذائي الصديق للمرض، مثل: الفواكه والخضروات، والحبوب الكاملة التي يمكن أن تمنع طفرات الطاقة، وتساعد على الشعور بتعب أقل، وتساعد أليافها على التحكم في الوزن، وتجنب الإمساك، وكذلك المكسرات والبذور ذات الدهون غير المشبعة ذات الخصائص المضادة للالتهابات، التي تحمي الأعصاب، إضافة إلى الأسماك الدهنية الغنية بأحماض أوميغا 3، التي قد تساعد في تقليل الالتهاب، واللحوم الطازجة، والبيض، ومنتجات الألبان، والدهون الصحية مثل زيت الزيتون، والأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، والماء والشاي الأخضر والأعشاب والتوابل، مثل: الكركم، والزنجبيل».
أطعمة يجب تجنبها
تقول خبيرة الغذاء والتغذية ندى الأديب: «ينبغي على مريض (التصلب) تجنب الأطعمة المرتبطة بالالتهابات المزمنة، مثل: الدهون المشبعة، المرتبط تناولها بزيادة خطر الانتكاس والإعاقة، وتوجد في: الحليب، والجبن الكامل الدسم، والمعجنات، واللحوم المعالجة، وقطع اللحم الدهني والمقدد والمعلب والمملح والمدخن والمعالج، وبعض الأطعمة النباتية مثل: زيت جوز الهند، وزيوت النخيل، وزبدة الكاكاو، وأيضاً الدهون المتحولة التي توجد في الأطعمة المقلية والدونات والمخبوزات التجارية والبيتزا المجمدة والسمن النباتي والزيوت المهدرجة جزئياً، والسكر المكرر في المشروبات المحلاة، والشاي المحلى، والحبوب، والبسكويت، والكعك».
تباين النتائج
تشير الأديب إلى تباين نتائج الدراسات حول تأثير بعض الأطعمة على حدة المرض، منها:
الألبان: حيث وجدت بعض الدراسات أن مرضى «التصلب»، الذين يستهلكون المزيد من منتجات الألبان، يميلون إلى الإصابة بمرض أكثر حدَّة، لكن دراسات أخرى أفادت بعكس ذلك تماماً.
الملح: توجد صلة بين تناول الملح العالي الصوديوم، ومرض «التصلب» الأكثر شدة، ورغم ذلك أظهرت دراسات أخرى عدم وجود صلة.
الغلوتين: مريض «التصلب العصبي» قد يكون أكثر عرضة للإصابة بمرض الاضطرابات الهضمية؛ عند تناول منتجات تحتوي على غلوتين، مثل: المخبوزات، والمعكرونة، والبسكويت.
حميات غذائية
تشير خبيرة الغذاء والتغذية إلى بعض الحميات المهمة، مثل:
• «سوانك»: وفي هذه الحمية، ينبغي الحد من تناول الدهون بشكل صارم، مع التركيز على منتجات الألبان القليلة الدسم، والحبوب الكاملة، والفواكه، والخضروات، والاستغناء عن اللحوم الحمراء، والأسماك الزيتية، ويُوصى باستخدام زيت كبد سمك القد، ومكملات الفيتامينات؛ لضمان تلبية جميع المتطلبات الغذائية للمرضى.
• «Best Bet»: يعتمد هذا النظام على فكرة أن الجزيئات الموجودة في أطعمة معينة، قد تتسرب من الأمعاء، وتزيد تفاقم الهجوم الالتهابي المسبب للمرض، وهو نظام صارم يوصي بالاستغناء عن جميع منتجات الألبان، والحبوب، والبقوليات، والأطعمة الغنية بالسكر، وأي أطعمة قد تسبب تفاعلاً تحسسياً، مثل: البيض، والخميرة، وتقليل تناول الدهون المشبعة، والمتعددة غير المشبعة، والملح، ويعتمد هذا النظام على تناول السمك، واللحم الخالي من الدهن، والكثير من الفواكه، والخضروات، وزيت الزيتون، والمكملات الغذائية، مثل: فيتامين (د)، والكالسيوم، والمغنيسيوم، وأحماض أوميغا 3.
• «الكيتونية»: في هذه الحمية، لابد من الاعتماد على تناول أطعمة منخفضة الكربوهيدرات، وغنية بالدهون، ما يدفع الجسم إلى استخدام الدهون كمصدر رئيسي للطاقة، وهذا النظام يساعد على إدارة بعض الاضطرابات المسببة للنوبات وتخفيف التعب والاكتئاب وتحسين نوعية الحياة، وبالرغم من ذلك قد يكون لهذا النظام بعض الآثار السلبية كنقص الفيتامينات أو اضطراب الجهاز الهضمي، وقد يسبب مشاكل خطيرة في البنكرياس والكبد.
• «البحر المتوسط»: تعتمد هذه الحمية على الأطعمة الشائعة بالثقافات المحيطة بالبحر الأبيض، وتشتمل على الكثير من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون، وكمية معتدلة من منتجات الألبان القليلة الدسم، والأسماك والدواجن، وتضمين كميات محدودة من اللحم الأحمر والحلويات والدهن الحيواني.
• «الصيام المتقطع»: تتضمن هذه الحمية الحدَّ من كمية السعرات الحرارية المستهلكة، ويكون فيها المقدار الذي يأكله الشخص محدوداً في أوقات معينة، بينما يأكل بقية الوقت وفقاً لعاداته الطبيعية، وقد يساعد هذا النظام في تقليل علامات الالتهاب والاكتئاب، وقد لا يلبي جميع الاحتياجات الغذائية، مسبباً فقداً للوزن، وضعفاً في صحة العظام.