يحتفي العالم، في 17 يونيو من كل عام، باليوم العالمي لمكافحة التصحر؛ للتذكير بأهمية الحفاظ على التربة الخصبة، ومواجهة التحديات التي تواجه الأراضي الجافة والصحراوية.
ويعد التصحر والجفاف من أبرز المشكلات التي تواجه العديد من بلدان العالم خلال السنوات الماضية، ويرجع ذلك إلى تغيرات المناخ، وغيرها من العوامل، لكن هناك بعض الدول التي تكافح من أجل إيقاف هذا التصحر، والحفاظ على البيئة.
ومن بين هذه الدول، الإمارات التي تتميز بطقسها الحار والجاف، ونقص المياه والتغيرات المناخية القاسية بسبب موقعها الجغرافي، ما يؤدي إلى تلف الأراضي، وتدهور البيئة، لكن عملت الحكومة الإماراتية بجدية على مكافحة التصحر، والحفاظ على بيئتها، بل وتعزيزها عن طريق الاستفادة من التكنولوجيا.
التصحر في الإمارات:
يعرف التصحر بأنه عملية تحول الأرض التي كانت خصبة إلى قاحلة، ما يصعب الزراعة فيها، وبالتالي لا توجد تربة خصبة لإمكانية زراعة الأطعمة الضرورية لحياة الإنسان، وتعتبر مشكلة التصحر أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم، إذ يعد من أخطر الأمراض البيئية، التي تؤثر على البشرية، كما يتسبب التصحر في فقدان التربة الخصبة والموارد المائية، وتدمير الأراضي الزراعية والغابات، وزيادة تلوث الهواء والمناخ، ما يؤدي إلى تردي الحياة البشرية والنباتية والحيوانية.
التصحر مشكلة كبيرة تواجه دولة الإمارات، لكن عملت الحكومة الإماراتية على تنفيذ العديد من الخطط والبرامج لمكافحة التصحر، تشمل هذه الجهود: زراعة الأشجار، وإنشاء الحدائق والمتنزهات، وإدارة المياه بشكل فعال، كما تستخدم الحكومة التقنيات الحديثة؛ لمراقبة الأراضي، والتنبؤ بالتغيرات الجوية والتصحر.
كيف واجهت الإمارات التصحر؟
خلال السنوات الماضية، جسدت الإمارات معنى النجاح، وكتبت قصة كفاحها بسطور من ذهب، حيث تمكنت من تحويل الأرض الصحراوية الخالية من البشر إلى عالمية، تضم ملايين الجنسيات على أرضها، إلا أن أزمة زحف الصحارى لاتزال تهدد تطورها، ولهذا السبب قررت الدولة أن تستفيد من تقدمها وابتكاراتها الحديثة لمواجهة هذه الأزمة.
استراتيجيات الإمارات في مواجهة التصحر:
1. الزراعة المستدامة:
لقد قامت دولة الإمارات بتحويل الكثير من الأراضي الصحراوية إلى زراعية، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، والري الذي يعتمد على تقنيات الري بالتنقيط، التي تتيح للمزارعين استخدام كميات صغيرة من المياه، وتحقيق أعلى معدلات الإنتاجية.
2. التحول إلى الطاقة المتجددة:
إحدى الطرق الرئيسية لتخفيف تأثير التصحر، هي استخدام الطاقة المتجددة، حيث تقوم الحكومة بتشجيع استخدام الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية في العديد من المشاريع الزراعية والتنموية، وذلك لتوفير الطاقة الكافية للمزارعين والمواطنين، وخفض استخدام الوقود الأحفوري.
3. الحفاظ على البيئة:
يعد حفظ البيئة والتنوع البيولوجي أمراً حيوياً، للحد من تأثير التصحر، لذلك قامت الحكومة بتأسيس العديد من المحميات الطبيعية والحدائق العامة، للحفاظ على التنوع الحيوي، والحفاظ على النظام الإيكولوجي في المنطقة.
4 . تحلية المياه:
تعتبر تحلية المياه من الاستراتيجيات الرئيسية، التي تستخدمها الإمارات لمواجهة التصحر، حيث إن الدولة تعتمد بشكل كبير على المياه المالحة، لذلك تستخدم تقنيات التحلية، لتحويل المياه المالحة إلى صالحة للشرب والزراعة.
5. الطاقة الشمسية:
من طرق مواجهة التصحر الاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث تستخدم الدولة التقنيات الحديثة والمتطورة، لتوليد الطاقة الشمسية، وتوفيرها للاستخدام في الري والزراعة.
6. مسح التربة:
مشروع استخدام الطائرات بدون طيار، لمسح شامل للمناطق الزراعية، واحد من أساليب الإمارات في مواجهة التصحر، حيث تحاول الدولة تعزيز المناطق المتدهورة، وحماية المساحات الزراعية الموجودة، لذلك وظفت تقنيات الطائرات بدون طيار في نثر وزراعة 6 ملايين و250 ألفاً من بذور الأشجار المحلية (الغاف، والسمر) في 25 موقعاً بجميع أنحاء الدولة.
7. أشجار القرم:
تعد زراعة أشجار القرم من بين طرق الإمارات في مواجهة التصحر، حيث تعمل على زراعة 30 إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، لأنها تساهم في حماية التربة، والموائل الطبيعية، بالإضافة إلى دورها الكبير في مواجهة تحديات تغير المناخ، وخفض مسبباته.
8. الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر:
كانت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2014-2021 في الإمارات، إحدى الخطوات المهمة للتصدي لمشكلة التصحر، وتعتبر نموذجاً يحتذى للحفاظ على البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تم تحويل مساحات شاسعة من الصحارى إلى أراضٍ زراعية وغابية، وتم تنفيذ العديد من المشاريع البيئية والزراعية في الدولة، كما تم تحسين جودة الهواء والتربة والمياه، وزيادة الوعي البيئي لدى المجتمع.
9. برنامج الزراعة الصحراوية:
انطلق برنامج الزراعة الصحراوية في الإمارات عام 1999، بهدف زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين جودة المحاصيل في المناطق الصحراوية، واعتمد البرنامج تقنيات الزراعة الذكية، مثل: الري بالتنقيط، والمحافظة على الرطوبة في الأرض. وبفضل هذا البرنامج، تم تحقيق إنجازات كبيرة في زيادة الإنتاج، والحد من التصحر، حيث تم استخدام أكثر من 200 مليون متر مكعب من المياه المعالجة، وتمت زراعة أكثر من 40 مليون شتلة.
10. محمية الزراعة الصحراوية:
تعتبر محمية الزراعة الصحراوية أول محمية زراعية في العالم، وتقع في منطقة العين بالإمارات، وتهدف المحمية إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي، والحفاظ على الموارد الطبيعية في المنطقة، وتستخدم تقنيات الزراعة الحديثة والمستدامة لتحقيق هذه الأهداف.
وتشمل المحمية أكثر من 13 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، حيث تم تطبيق أساليب الزراعة الذكية والمستدامة، مثل: الزراعة بالهيدروبونيك، والزراعة بالملح.
تعد تجربة الإمارات في مكافحة التصحر نموذجاً يحتذى في العالم، حيث نجحت الدولة في تطبيق استراتيجيات فعالة ومبتكرة، للحد من هذه المشكلة البيئية الخطيرة، وتشمل هذه الاستراتيجيات: استخدام تقنيات الزراعة الذكية، وإنشاء محميات طبيعية، وتحويل المناطق الصحراوية إلى مساحات خضراء، ويجب على الدول الأخرى الاستفادة من هذه التجربة، وتطبيق استراتيجيات مشابهة؛ للحد من التصحر، والحفاظ على البيئة.