الدراجات الهوائية رياضة تعافي الجسد والذهن
تستهوي رياضة الدراجات الهوائية الكثير من الشباب من الجنسين، ومن مختلف الفئات العمرية، ورغم أنها تعتبر من أسهل أنواع الرياضات ممارسة، لكنها تنضوي على الكثير من الفوائد الجسدية والنفسية، وقد يطلق عليها البعض «صيدلية الجسم»؛ فهي تقدم علاجاً للكثير من الأمراض الجسدية، مثل: السمنة، وأمراض القلب، والسكري، والتهاب المفاصل، فضلاً عن شفاء الروح والعقل، من خلال صفاء الذهن، وراحة البال، ومنح صاحبها أيضاً حياة اجتماعية بامتياز، من خلال تعارف اللاعبين إلى بعضهم، من مختلف الجنسيات والأعمار، وبالتالي تبادل الثقافات والخبرات الحياتية.
وفي الإمارات عامة، وأبوظبي خاصة، حظيت رياضة الدراجات الهوائية بدعم غير مسبوق، شمل تطوير بنية تحتية عالمية المواصفات، تضم مرافق رياضية ومجتمعية وفق أفضل المعايير، وتمكين الترابط بين العناصر الأساسية الثلاثة المتمثلة في: الصحة، والترفيه، والرياضة، لتكون أبوظبي وجهة عالمية رائدة في ركوب الدراجات، وتستحق - بجدارة - شعار «مدينة الدراجات الهوائية»، من الاتحاد الدولي للدراجات؛ لتصبح العاصمة الإماراتية أول مدينة آسيوية تحظى بهذا اللقب المرموق.
وبمناسبة اليوم العالمي للدراجات الهوائية، الذي يوافق 3 يونيو من كل عام.. التقت «زهرة الخليج» النخيرة الخييلي، المدير التنفيذي لنادي أبوظبي للدراجات الهوائية، ومجموعة من اللاعبات واللاعبين، مع مدربهم الخاص، في تحقيق نلقي بالضوء من خلاله على هذه الرياضة، ودور النادي في احتضانها، وأبرز ما تم إنجازه، وكيفية انضمام اللاعبين إلى هذه الرياضة، ورؤيتهم، وأفكارهم، وطموحاتهم المستقبلية:
البداية كشف الخييلي، عن استعدادات النادي للاحتفال باليوم العالمي للدراجات الهوائية، موضحاً أن هذا اليوم يهتم بتوعية أفراد المجتمع بالدراجات الهوائية، ونشأتها، وأهميتها في الحياة، ومساهمتها في استدامة البيئة والصحة العامة للفرد، وتشجيعه على ممارستها، مشيراً إلى أن النادي يحتفل بهذا اليوم دائماً، لكن هذا العام سيكون الاحتفال مختلفاً، حيث سيقام للمرة الأولى في المقر الرئيسي الجديد بمنطقة الحديريات، وسيشارك في الاحتفال مختلف فئات المجتمع، بمن في ذلك أصحاب الهمم، والمسؤولون بالجهات المعنية والحكومية، وسيكون يوماً حافلاً بالأنشطة والفعاليات.
ويدعو الخييلي مختلف الفئات العمرية، من النساء والفتيات والشباب من جميع الجنسيات والأعمار، إلى المشاركة في ممارسة رياضة الدراجات الهوائية، وحضور فعاليات النادي، والاطلاع على الخدمات التي يقدمها، مؤكداً أن الدولة قد وفرت البنى التحتية الكاملة في العديد من الأماكن، لممارسة رياضة الدراجات الهوائية. فمثلاً في أبوظبي، حالياً، مسارات متخصصة فقط لممارسة هذه الرياضة، منها: حلبة مرسى ياس، ومسار الوثبة، ومسار الكورنيش للدراجات الهوائية، وجزيرة الحديريات، ومسار العين للدراجات، وغيرها، وجميعها مناطق يسهل الوصول إليها.
أما عن الفعاليات المهمة، التي يقدمها النادي للنساء، فيوضح قائلاً: هناك الكثير من الفعاليات، منها فعالية «she rides» (هي تقود)، وتقدم للنساء كل يوم أربعاء، ويحتضنها النادي على مدار الموسم مجاناً للمواطنات والمقيمات، من الساعة الخامسة حتى التاسعة، وخلال الفعالية نوفر كل سبل الأمان، فضلاً عن تقديم المياه والفاكهة والعصائر المجانية، كما نوفر للمبتدئات ورشاً تعليمية، وأيضاً دراجات بثلاث عجلات، وتوجد مدربة متخصصة، وننصح السيدات كافة بحضور هذه الفعالية، التي نسعى إلى إقامتها على مدار العام، وليس فقط خلال الموسم الشتوي.
وينضم إلى النادي حالياً، بحسب الخييلي، حوالي 65 لاعباً ولاعبة من مختلف الأعمار، ويوضح: نختار من بينهم الموهوبين، ونقوم بتشجيعهم ودعمهم؛ ليصبحوا في المستقبل لاعبي بطولات دولية، مشيراً إلى أن مستقبل الدراجات في الإمارات واعد ومبشر، حيث يعمل النادي على التطور والتوسع؛ لزيادة أعداد اللاعبين واللاعبات مستقبلاً.
الحاجز النفسي
من جانبه، يقول الكابتن نور الدين حوشين مدرب اللاعبين في نادي أبوظبي للدراجات الهوائية: يقوم النادي بمهمة تنشئة اللاعبين، وتأهيلهم للعب في الفرق المختلفة على مستوى الدولة، مشيراً إلى أن النادي لديه منهج تعليمي خاص، وأنه يعتبر نفسه معلماً وأباً وصديقاً للاعبين، قبل أن يكون مدرباً.
ويشدد حوشين على أهمية أن يعمل المدرب على كسر الحاجز النفسي بينه وبين اللاعب؛ فرياضة الدراجات الهوائية تلعب فيها الأمور النفسية دوراً كبيراً، لأنها رياضة تحتاج إلى إنسان واعٍ، لا يملك قوة تحمل وبنية جسدية قوية فقط، بل نفسية أيضاً، لذا تحضير اللاعب نفسياً من الأمور المهمة.
ويرى أن الشروط الواجب توافرها في لاعب الدراجات الهوائية، هي: الذكاء، والصبر، والصحة، والجدية، والالتزام، فإذا توفرت في اللاعب الإرادة والعزيمة فلا نهتم بوزنه، فنحن نتصرف في عملية الوزن، ونعرف كيف نساعده على التخلص من الوزن الزائد. ورياضة الدراجات الهوائية لها مسافات، فهناك المضمار، ويضم 6 لعبات، ويعتمد على القوة المركزة، وهناك سباقات على الطريق، وتقام على الطرق «الإسفلتية»، وتضم أنواعاً من المنافسات، منها سباقات الطوافات، التي تُقام على 4 مراحل، وهناك سباق الدراجات الجبلية، وسباق دراجات الاختراق (بي إم إكس).
ويشدد حوشين على أهمية ممارسة رياضة الدراجات الهوائية، قائلاً: تمنح رياضة الدراجات ممارسها الشباب ذهنياً وبدنياً. لذلك، يطلق عليها «صيدلية الإنسان»، فبمجرد أن يحرك اللاعب قدميه وذراعيه، يتدفق الدم في الجسم كله، ويعمل القلب، وتنتظم دقاته، ويتجدد هواء الرئتين، ويتقد الذهن.. وهكذا، فكل حواس الجسم، وأعضائه، تعمل بشكل منظم وقوي، وهي رياضة تتميز بأنها تحافظ على منطقة الركبة والكوع والمفاصل.
طاقة بدنية.. ونفسية
اللاعبة مريم الزعابي (31 عاماً)، انضمت إلى نادي أبوظبي للدراجات الهوائية عام 2022، وتوضح قائلة: بدأت بكرة السلة، فالطائرة، ثم الفنون القتالية، واليوغا، منذ صغري، وركبت الدراجة من باب الفضول، وعمري 24 عاماً، ثم «أدمنتها»، وأصبحت لعبة تجري في دمي، لأنها وفرت لي المتعة، لكنني لم أترك رياضاتي الأولى، بالإضافة إلى رياضة الكروس فيت، وشغفي بالدراجات جاء كوني طوال حياتي إنسانة حركية، وأحب كل ما يدعم طاقتي البدنية والنفسية، ويصفي ذهني، لذا - إلى جانب رياضة الدراجات - تعلمت رياضتَي الجري والسباحة، فالرياضة بالنسبة لي أسلوب حياة.
وتلفت الزعابي إلى أن رياضة الدراجات تنمي مهارات الإنسان، فتساعده على النوم بشكل أفضل، فضلاً عن تقوية عضلات القدمين والساقين والفخذين والبطن والأرداف، لكنها رياضة تحتاج إلى التزام وصبر وإرادة قوية، وتنظيم الوقت، وبالنسبة لها يعد تنظيم الوقت غاية في الأهمية كونها تعمل، وأيضاً، عازفة بيانو، ولديها شغف بالفنون الجميلة.
طعام صحي
بدورها، تقول اللاعبة رناد اليافعي (15 عاماً): منذ صغري، أمارس رياضات مختلفة، مثل: كرة السلة، وكرة القدم، والجري، وقد رأى خالي، الذي يعمل لدى نادي أبوظبي للدراجات، حيوية قدراتي الحركية، فشجعني على الانضمام إلى النادي، والتحقت به عام 2018، ومنذ أن بدأت تألقت قواي البدنية، وأصبحت لديَّ إرادة لتحمل المصاعب، وقدرة على رؤية العالم بطريقة مختلفة، فضلاً عن شبكة العلاقات والصداقات المتميزة مع الجميع من مختلف الجنسيات، والتي كونتها خلال ممارستي للرياضة، الأمر الذي زاد أفق معرفتي، وانفتاحي على الثقافات الأخرى، وتنمية خبراتي ومهاراتي بالحياة، أيضاً تمكنت من التوفيق بين الدراسة وممارسة الرياضة وحياتي الخاصة. والجميل في الأمر أن والدي ووالدتي يشجعانني، ويوفران لي كل الدعم.
وتشير اليافعي إلى أن من أهم ما يتعلمه من يمارس هذه الرياضة لغة الإشارة الخاصة بها، لذا قبل بدء ممارستها، هناك ورش تدريبية، نتلقى فيها معلومات تساعد على تجنب الاصطدام والإصابة على المسار، فهناك مثلاً إشارة خاصة في حال قررت أن أشرب، أو أن أتوقف، أو غير ذلك، إذ يجب أن أقوم بها ليعلم من خلفي خلال السباق ماذا سيحدث.
وتتابع: ساعدتني هذه الرياضة على التوقف عن تناول الوجبات الجاهزة، والمشروبات الغازية، والسكريات، والنشويات، التي تؤثر سلباً في الصحة العامة، والتزمت بتناول الخضروات والفواكه والأسماك واللحوم؛ حرصاً على تألقي الرياضي، ودخول مستوى رياضي أعلى، وأيضاً المحافظة على صحتي بدنياً ونفسياً.
صبر.. وقوة تحمل
يقول اللاعب زايد سلطان العبيدلي (19 عاماً)، عن قرار انضمامه إلى رياضة الدراجات الهوائية: بدأت ركوب الدراجات الهوائية وممارستها كرياضة منذ 2017، وقد شجعني على ذلك إخوتي الأكبر سناً، حيث كانوا يمارسون هذه الرياضة، فكان قرار الانضمام إلى نادي أبوظبي للدراجات، والآن أتدرب ستة أيام في الأسبوع كل يوم ساعة أو ساعتين أو أربع ساعات، حسب برنامج التدريب في النادي، بصحبة المدرب الذي يقوم بالتوجيه كوضع الجسم على الدراجة، والحركة، والسرعة، وقوة التحمل. بالإضافة إلى ممارسة ركوب الدراجات في أيام الراحة والعطلات مع إخوتي، مشيراً إلى أن هذه الرياضة علمته الصبر، وقوة التحمل، والتحدي، فالبقاء على الدراجة لأربع أو خمس ساعات يحتاج إلى صبر، وقوة تحمل، وإرادة، لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة والمرتفعات. لذلك من يمارسها يصعب عليه التوقف عن ممارستها.
موهبة.. وطموح
أما اللاعب عيسى الثميري (19 عاماً)، فهو يتدرب منذ ما يقرب من ثلاث سنوات بالنادي، ويشير إلى أنه عرف النادي عن طريق أحد أصدقائه، فضلاً عن أن والده كان مهتماً بكل أنواع الرياضات، وقد قام بتشجيعه على ممارسة أنواع أخرى من الرياضات، مثل: الجودو، والمصارعة، والسباحة، والكروس فيت، وأخيراً الدراجات الهوائية. ويلفت الثميري إلى أنه مع جائحة «كورونا» توقف عن ممارسة معظم الرياضات، وركز جهده على رياضة الدراجات الهوائية، التي وجد شغفه فيها.
ويشير الثميري إلى أن رياضة الدراجات الهوائية قد تبدو «فردية»، لكنها في الحقيقة «جماعية»، ففوز أحد أعضاء الفريق فوز للجميع، وهذه الروح الرياضية تعلم اللاعب الصبر، وإيثار الزملاء، الأمر الذي يؤهل اللاعب للظهور بأفضل صورة.
منافسات.. وبطولات
وعن أهدافه وطموحاته، يقول اللاعب سعود المرزوقي: انضممت لممارسة رياضة الدراجات بالنادي أواخر عام 2018، لكنني كنت قد بدأتها مع والدي، الذي يمارس رياضة السباحة والجري، ثم انتقل إلى الدراجات الهوائية. لكن بالنسبة لي، كنت أمارس رياضة الدراجات الهوائية، وأحياناً الجري، وقد مكنني ذلك من أن يكون لي هدف أسعى إليه بكل ما أملك من إرادة، وهذا الهدف تمثل في أن ألتحق بالمنتخب الإماراتي، وخوض منافسات وبطولات دولية، لذا أتدرب يومياً؛ لتحقيق هذا الهدف.