في رحلة ذات مناظر خلابة حول العالم، جعلت فيها المشهد الحضري ملعبها المثالي؛ لفهم الإيقاع واللون والعناصر الهندسية؛ قدمت المصورة السعودية، هناء تركستاني، نظرة قريبة وآسرة عن العمارة، وتلاقح الثقافات والحداثة؛ لتروي بها القصص والحكايات عبر صور قادرة على إيقاظ الوعي، والاهتمام بالمدينة ومبانيها، كما تلتقط عدستها مجموعة واسعة من المشاعر والتجارب البشرية، تعكس شغفها بالتصوير في مواضيع متنوعة، وتستكشف لقطاتها النادرة علاقة الناس ببيئتهم، وتتناول أسئلة جادة من خلال مزيج من الممارسة الوثائقية، والابتكار، والمغامرة.. في حوارنا معها؛ حدثتنا عن تجربتها، ومصادر إلهامها الإبداعي:

  • هناء تركستاني

•  حدثينا عن نفسك.. كيف نشأ شغفك بالتصوير، وأي مسار فني اتبعتِه؟

- أنا فنانة تشكيلية، درست التصوير الفوتوغرافي عام 2005، ثم دخلت ميدان التدريب الأكاديمي، والآن أعمل مدربة. حبي وشغفي بالفنون جعلاني أعشق أي مجال بصري؛ فتعلمت النحت، والحفر، والرسم، والتصوير الضوئي، ومن خلال ذلك كنت أسعى إلى فهم الفضاء والقياس والحجم، وإدراك الضوء والظل.

• يَعْرِفُكِ البعض بأنك مصورة معمارية، فإلى أي حدّ أثرت المدينة في تكوين صورك؟

- تخصصت، مؤخراً، في التصوير المعماري؛ لأنني عاشقة للهندسة، وهي جزء من دراستي الجامعية في الفنون. هذا المجال فتح ذهني حقاً على المقدار الهائل من الإمكانات الإبداعية، وفرص نقل الأفكار، وبالتالي ترجمتها إلى صور. تمكنت، بمرور الوقت، من المزج بين الهندسة المعمارية، والتصوير الفوتوغرافي، وجعلتهما هدفي. وأحب أن تحمل صوري معالم، أو قصصاً، أو توثق بعض المشاريع المعمارية، لكن برؤيتي؛ فالرؤية تولد الصور التي يصنعها المصور؛ ليضع فيها بصمته الخاصة.

إثارة المشاعر

• عندما تسجلين الحركة بعدستك، أين يكون الهاجس الجمالي في عملك؟

- الهاجس هو السؤال: كيف، ولماذا، وأين، ومتى؟.. بالإضافة إلى ذلك أخطط جيداً قبل وأثناء التقاط الصورة؛ فالجمال في الصورة لا يظهر دون مقوماتها، حيث المزج، والمزيد من الأفكار والمساحات، وإذا لم توظف تلك العناصر بشكل جيد ومثالي؛ فمن المحتمل أنك لن تكون قادراً على تحقيق المفهوم الذي تفكر فيه، وأنا أبذل قصارى جهدي للبحث عن أفضل زاوية، وما أفعله هو أنني أجمع كل شيء، وأظهر جوهر كل شيء.

• ما أهم مقومات لغتك البصرية؟

- الفهم الجيد لعناصر الصورة من أهم مقوماتي؛ إذ إنني أفكر دائماً في كيفية جذب المشاهد إلى المشهد، وتستهويني دائماً اللقطات النادرة. أعتقد أن الصور الرائعة يجب أن تثير مشاعر إيجابية، وتجعل متلقيها يشعر كأنه يعيش المشهد بشكل مباشر. لقد تطور أسلوبي حول هذه الفكرة، بالتركيز على التوثيق، وإعطاء المكان حقه مع اللمسات الخاصة التي أضيفها بتعديل الصور لاحقاً، ببرامج التعديل المتقدمة؛ لإنتاج صور جميلة.

• إلى أي مدى تشعرين بالرضا عن تحقيق الأفكار الرائعة وراء صورك؟

- نقطة الإبداع مهمة عندي، وبحكم تخصصي في الفنون؛ أجد نفسي أفكك الألغاز في الصورة الفوتوغرافية إلى لوحة فنية؛ فالتصوير - في حدِّ ذاته - فنٌّ يرتقي بكل مصور، ولاشك في أن تطور مجالات التصوير، وأيضاً أدواته المعاصرة والمتطورة، جعل من المصور باحثاً محباً للاطلاع في هذا الإطار؛ إذ إنها اللغة التي يستخدمها للتواصل مع العالم، وهي بالتأكيد رسالة سامية وإنسانية قبل كل شيء.

قصة لقطة

• أخبرينا بقصة لقطة مفضلة لديك، ولماذا؟

- هذا السؤال صعب؛ لأن المصور يحب جميع صوره دون استثناء، فكل صورة انعكاس لمشاعره وأفكاره وفنه. أما الصورة التي تجعلني، دائماً، فخورة؛ فهي التي فازت بالمركز الأول في مسابقة أمن الطرق بدبي، بالتعاون مع جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي.

• ماذا قدمت إلى التصوير، وماذا قدم إليك؟

- التصوير عالم مليء بالمفاجآت، إذ يمكن لممارسه أن يجد قدراً هائلاً من الإلهام ممن حوله، وتعمل الكاميرا كأداة لتحويل هذا الإلهام إلى صور. وقد سعيت، دائماً، إلى الحصول على تجارب ملهمة، والتواصل مع أكبر قدر ممكن من المعرفة؛ فقدمت مسابقات مجانية عدة؛ لدعم المصورات والمصورين بالوطن العربي، تقريباً حوالي 18 مسابقة غير ربحية، وكان لها أثر جميل في الساحة الفوتوغرافية، كما حكّمت في مسابقات محلية ودولية عدة، وآخر إنجازاتي مشاركتي في أكبر احتفال فوتوغرافي عالمي للمصورين في «إكسبوجر الشارقة 2023»، في معرض فوتوغرافي مميز بعنوان «فن التأثير الحركي»، وكنت المصورة السعودية الوحيدة التي لها معرض ضمن مجموعة مصورين عالميين.

• ماذا عن أنشطتك الأخرى؟

- أقدم ورشاً فنية، بالتعاون مع مدرسة «نيكون» داخل المملكة وخارجها، وأخرى مع شركة عبدالواحد للتصوير داخل السعودية. أيضاً، أحب ورش «الأونلاين» التدريبية؛ فهي دليل ممتاز لنقل الخبرة باختصار للزمان والمكان.

• نصيحتك للمصورين المبتدئين؟

- على كل مصور، يرغب في دخول واحتراف مجال التصوير، أن يخطط جيداً، ويتعلم ويثري نفسه ومعلوماته في المجال قبل اقتناء الكاميرات الغالية؛ فلا قيمة للصورة الحقيقية إلا بفكر ورسالة المصور.