حامد الحامد: نجحت في الزراعة المستدامة
يقود رائد الأعمال الإماراتي، حامد الحامد، رئيس مجلس إدارة جمعية رواد الزراعة الإماراتية، ومؤسس مجموعة «غراسيا»، مشروعاً فريداً، يتخطى المتعارف عليه من المشاريع الزراعية؛ فهو مبادرة تجمع أسباب التفاعل الإيجابي مع البيئة، والنهوض بالإنسان وارتقائه؛ فتتفجر معها خصوبة الأرض مزارع خضراء مليئة بالحياة، نابضة بالوعد والأمل، حيث تضم أقسام الزراعة والثروة الحيوانية كافة، ويعد الأمن الغذائي إحدى أهم أولوياتها، وهو ما يتماشى مع استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة في هذا المجال، ممهداً الطريق لقطاع زراعي أكثر استدامة، وتغيير كوكبنا إلى الأفضل.. في هذا الحوار، اطلعنا على تجربته الاستثنائية، غير المسبوقة:
• صنعت لنفسك اسماً لامعاً ورائداً في مجال الزراعة.. كيف كانت البدايات وما الخيارات التي كانت أمامك؟
- بدأت حكايتي مع هذا المشروع، بعدما أهداني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قطعة أرض في الباهية؛ فحولتها إلى مزرعة، فارتبط حبي للزراعة بالتراث الإماراتي، ونظم الشعر؛ فتعلقت بهذه الأرض لارتباطها بذكرى الشيخ زايد؛ فهو قائدي وملهمي. عندما وصلت إلى مرحلة الدراسات العليا، قررت السفر إلى بريطانيا؛ لتكملة دراستي في القيادة الاستراتيجية وإدارة التغيير. خلال دراستي هناك، اكتشفت أن بإمكاني تطبيق مهاراتي الإدارية والاستراتيجية في مجال الزراعة، وتحديداً في إدارة تغييرات هذا القطاع. فبعد دراسة جدوى استغرقت عاماً كاملاً، استثمرت عام 2015 لشراء أحدث نظام زراعة مائي من إسبانيا، لأظهر للعالم بأسره أننا قادرون على مواجهة التحديات الزراعية، ورد الجميل إلى بلدنا الذي أعطانا الكثير. بدأت مشروعي من هذه المزرعة، فحولتها إلى مزرعة شاملة؛ حتى انطلقت بها إلى العالمية، واليوم نقوم بإدارة أكثر من 100 مزرعة في الإمارات.
• ما مفهوم «المزرعة الشاملة»، وكيف يرتبط بالاستدامة؟
- «المزرعة الشاملة» تعد مفهوماً حديثاً في الزراعة المستدامة، إذ تتميز بنمط جديد، يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل البصمة البيئية، ويتحقق ذلك من خلال تطبيق مبادئ إعادة التدوير، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة. تجسدت هذه الفكرة في مشروع وطني هو مجموعة «غراسيا»، التي نجحت في تغيير خريطة الإنتاج إلى أبعاد مختلفة، وساهمت في ارتفاع المؤشرات الوطنية بوتيرة متسارعة. تركز فكرة «المزرعة الشاملة» على التحول الاستثماري إلى الزراعة المستدامة، وهي جزء من الثقافة الزراعية والاجتماعية في دولة الإمارات، ومن القيم التي ورثناها عن الوالد الراحل المغفور له الشيخ زايد، بضرورة تعمير الأرض، وجعلها خضراء.
• كيف تعاملت مع التحديات، التي واجهتك، وما طبيعتها؟
- في البداية، كان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو قلة الدعم المعنوي من المحيطين بي، إذ يظن الناس أن الأحلام الكبيرة لا تتحقق، لكنني خضت تجربتي، وأثبت أن لا مستحيل مع الطموح. والتحدي الماثل، الآن، هو تحقيق النجاح التجاري، فرغم أن لدينا محصولاً رائعاً، يتوافق مع معايير أوروبا، فإن الموارد البشرية والتسويق لاتزال التحدي الأكبر في قطاع الزراعة على مستوى العالم. سبق أن واجهت صعوبات في تسويق المحاصيل بأسعار عادلة، حيث حاول بعض سماسرة الخضروات شراء المحاصيل بأسعار منخفضة. لكن، بفضل القيادة الرشيدة، تم إرشادي إلى فتح منافذ بيع مباشرة من المزارع إلى المستهلك، في الأسواق والمطاعم والفنادق، ما ساعدني في تحقيق النجاح تجارياً.
• ما أهمية مجموعة «غراسيا» في تحقيق هذا المفهوم؟
- تعد «غراسيا» الابتكار الأكثر قوة وشمولية على المستوى العالمي في مجال الزراعة المستدامة، حيث تجمع أركان الزراعة كافة في باقة شاملة؛ لتمكين الجميع من تحقيق أقصى استفادة من الزراعة الحديثة، بما في ذلك: التعليم الزراعي، وبناء الأنظمة، والخطط الإنتاجية، والإدارة، والإشراف، والتسويق، وبالإضافة إلى تطوير المزارع بأحدث التقنيات، ودعم السياحة الزراعية، والصناعات التكميلية والغذائية، نجحنا في رسم خارطة طريق لهذا الهدف، وكيفية استثمار الإمكانيات والأصول.
• حدثنا عن جهود «غراسيا» في تعزيز القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وما الذي يميزها؟
- تعمل مجموعة غراسيا على استغلال الإمكانات المتاحة كافة، لتعزيز القطاع الزراعي، والثروة الحيوانية، عن طريق نقل المعارف والثقافات اللازمة؛ لتمكين المهتمين بالدخول إلى هذا المجال من الوصول إلى أعلى مستويات الريادة في الجانبين النظري والعملي، ما يزيد مهارات المتدربين، ويساعدهم على تحقيق طموحاتهم في هذا المجال. ويتميز عمل «غراسيا» بشموليته في توفير كل ما يلزم لتحقيق الريادة في هذا القطاع، حيث تقدم المجموعة خدمات متنوعة وشاملة، تتضمن: جوانب الزراعة، والثروة الحيوانية، والابتكار، والتقنيات الحديثة، والاستشارات الزراعية، والإدارة الفعالة، والتسويق، وغيرها، لتلبية احتياجات العملاء، وتمكينهم من تحقيق أهدافهم، وتطوير أعمالهم بنجاح. نزرع، اليوم، كل المحاصيل، لكن الأهم أننا نقوم بمفهوم الاكتفاء الذاتي، والاستدامة، بطرق مبتكرة.
• ما دور الابتكار في أعمالكم، وما أهم نتائجه؟
- عالم الأعمال، اليوم، يتميز بالابتكار؛ لأنه يمثل الفارق بين الشركات المنافسة. لقد عملنا بجدٍّ على استخدام التكنولوجيا، والاستثمار فيها؛ لتطوير القطاع بشكل شامل، ما ساهم - بشكل كبير - في تحقيق نجاحنا. وكان هدفنا الرئيسي هو ابتكار منظومة شاملة لحل مشاكل الزراعة، وتوفير كل ما يحتاج إليه المستهلك في مكان واحد. وتميزت مجموعة غراسيا بالعمق الشمولي، ما ساعدنا على تحقيق النجاح والتميز، وتوسيع نطاق تأثيرنا. وتمكنا من تقديم باقة متنوعة، تناسب جميع فئات المجتمع واحتياجاتها، فحققنا الأهداف في أقصر وقت، وبأقل تكلفة.
• ما خطوتكم القادمة؟
- بعد أن أكملت دائرة المزرعة الشاملة على الأرض، التي ستؤثر - بلا شك - في مستقبل آلاف الأشخاص، سأنقل أحلامي وخططي إلى البحر، حيث إنني في بداية تأسيس «غراسيا البحرية»، التي تحمل النمط الشامل نفسه، لكن في البحر.