بعيداً عن منصات عروض الأزياء، والعالم المخملي، ووسائل التواصل الاجتماعي التي غزت العالم، هناك - في مكان ما من هذا العالم - فتاة تبلغ من العمر 26 عاماً، حاصلة على شهادة جامعية في مجال البيولوجيا الحيوانية، عشقت النحل، وأسست لنفسها مشروعاً لتربيته، وهي أول امرأة عربية تستخرج سمَّ النحل دون قتله.. «زهرة الخليج» التقت هالة بوبكر، خلال وجودها بمزرعتها الصغيرة في ضواحي العاصمة تونس، مع نحلها الذي تخصص له كامل وقتها؛ فكان لنا معها هذا الحوار:
• بدايةً.. حدثينا عن سر اهتمامك بتربية النحل!
- مشروعي لتربية النحل بدأ بتحدٍّ، حيث اكتشفت ذات يوم أنني مصابة بحساسية شديدة من النحل، والطبيب قال لي إن دواء هذه الحساسية هو «سم النحل»، أي التعرض للسعات النحل، ومن هنا بدأت القصة؛ فعندما بدأت في رحلة التداوي اكتشفت هذا العالم عن قرب، وقررت أن أخوض فيه أكثر، وأكتشف أسراره، وأصبح النحل من وقتها كل حياتي، ومصدر رزقي.
• ما أبرز التحديات التي تواجهك في هذا المشروع؟
- من أبرز التحديات المحافظة على سلامة النحل من المبيدات الحشرية أولاً، ثم الاهتمام به، ونقله من مكان إلى آخر كلما سنحت الفرصة، فنحن ننقله دائماً لتوفير المراعي المناسبة له، ونضطر إلى نقله في الليل، لأنه يكون هادئاً، ونجنب أنفسنا بذلك إزعاجه، وبالتالي ثورانه.
• هل هناك مواقف طريفة حصلت معك أثناء اهتمامك بمشروعك؟
- كنت أدرب مجموعة من الشباب على التداوي بلسعات النحل، وكانت هناك متدربة تمسك بالنحل، وتضعه على يدها بهدف تلقي اللسعة، ثم بدأت تصيح بصوت عالٍ: لماذا يرفض النحل قرصي، فذهبت إليها مسرعة لأجد أنها تختار ذكور النحل وليس الإناث، فدخلنا في نوبة هستيرية من الضحك.
• ما الصفات المميزة للنحل؟
- تتميز ملكة النحل بأنها حساسة وحنونة وديكتاتورية في الوقت ذاته. ويشعر النحل بمرض صاحبه، وعندما يكون مهموماً، حيث يلتف حول مربيه، ويُصدر أصواتاً مريحة جداً، كما يُصدر ذبذبات تمدُّ صاحبها بطاقة إيجابية هائلة. علاقتي بالنحل الذي أربيه متطورة؛ لدرجة أنني أبكي بحرقة؛ إذا اضطررت إلى بيع أحد بيوته.
• كيف نفرق بين العسل الطبيعي والمغشوش، خاصة أن هناك طرقاً عدة للغش؟
- لا يمكن أن نعرف العسل الطبيعي من المغشوش إلا بالتحليل في المختبر، والكثير من الوصفات والطرق التي تنتشر على الإنترنت غير مجدية فعلياً، ومن الأفضل أن يشتري الشخص النحل والعسل من شخص له المراعي الخاصة به، حتى يتأكد من جودته.
• ما أجود أنواع العسل؟
- العسل الحرُّ كله ممتاز، ولا يوجد عسل جيد وآخر غير ذلك؛ فكل قطرة من قطرات العسل تعتبر دواءً، وفيها شفاء بإذن الله، وتختلف أنواع العسل من بلد إلى آخر، وحتى في البلد الواحد تختلف من منطقة إلى أخرى، حسب نوع المرعى.
• في تونس لم تقم فتاة من قبلُ بتربية النحل؛ فهذه المهنة مقترنة دائماً بالرجال.. كيف استطعت الاندماج فيها؟
- لم أفكر، أبداً، في أن هناك عملاً يصلح للرجال، وآخر يصلح للنساء، إذ كنت دائماً أفكر في الآفاق التي يمكن أن يفتحها هذا المشروع.
سمٌّ نافع
• حصلت على براءة اختراع لاستخراج سم النحل دون قتله.. حدثينا عن ذلك!
- نعم، فقد صنعت آلة يدوية صغيرة، أقوم من خلالها باستخراج السم من النحلة دون أن أضطر إلى قتلها، ثم أبيع هذا السم للمختبرات وللصيدليات، إذ يدخل في صناعة العديد من الأدوية.
• كيف تحمين نفسك من اللسع؟
- عن طريق اللباس الخاص بتلك المهنة، فأنا ألبسه دائماً لأحمي نفسي.
• هل تتذكر النحلة صاحبها أو مربيها؟
- نعم، النحل يحس بمربيه، ويتعود على رائحته، ويعاقبه باللسع عندما يأتي المربي حاملاً روائح مختلفة. أصبحت أفهم النحل الذي أربيه، وأشعر به، وأعرف متى يكون في حالة هيجان، وأشعر به إذا رغب في القيام بانقلاب داخل الخلية لعزل الملكة، وهكذا.
• ما الأسرار التي لا يعرفها الناس عن النحل؟
- معظم الناس يعرفون أن النحل يُنتح العسل فقط، ويجهلون أن معجزة النحل تكمن في سمه، الذي يعالج الكثير من الأمراض المستعصية، كما لا يعرفون أن «غذاء الملكة» صيدلية، وأن «العكبر» (مادة صمغية ينتجها النحل) مهم في بيوتنا، كما تعد حبوب اللقاح مضاداً حيوياً خاصةً للأطفال. تنتج خلية النحل سبعة منتجات، وكل منتج منها يعتبر دواء نافعاً لأمراض عدة.
• متى يصبح هذا الكائن مزعجاً؟
- يصبح النحل شرساً؛ عندما يفتقد صاحبه أو يشتاق إليه. دائماً أقول: «أكرم النحل يكرمك»، فالنحل هو حياتي، وقطعة من قلبي.