تبحث التشكيلية العمانية، عالية الفارسي، عن الجمال الروحي في الألوان والأشكال؛ لتبلغ مدىً تتكشف فيه حقائق أخرى أشد سطوعاً ودلالة، وهي تمارس لغة بصرية متميزة، تؤسس لمجالات ومناخات تقترح آفاقاً جديدة لخطاب مرئي كما في الصوفية؛ إذ تنقل إلى الذائقة شيئاً من جوهر روحانية الحياة وعمقها. ومن خلال مشروعها الثقافي «رواق عالية»، تحاول إيجاد حوار إبداعي بين محبي الفن في العالم، وبين وطنها الثري بجمالياته.. في هذا الحوار، كشفت لنا ملامح من تجربتها الفنية الراقية:
• من خلال منجزاتك الفنية، هل تمكنت من إبداع لغة بصرية ميزت أسلوبك؟
- رغم أنني مستمرة في استكشاف أساليب فنية جديدة، وتطوير أساليبي المتعارف عليها، فإنه من السهل تمييز لغتي البصرية؛ فمعظم أعمالي ليست بحاجة إلى توقيع لمعرفة من قام برسمها. أعتقد أنه، مع مرور الوقت، واكتساب خبرات أكبر؛ تصبح ضربات الفرشاة وحركة اليد مألوفة جداً، وينصب تركيز الفنان - بشكل أكبر - على تقديم رسالة أكثر من استعراض مهاراته الفنية.
• ما أهم مصادر إلهامك؟
- عمان؛ فمزيج الثقافات الذي تزخر به، والألوان المبهرة التي نجدها في تراثنا المعماري وأزيائنا التقليدية، دلالة على أن الفن متأصل في هذا البلد. فكلما واجهت صعوبة في الرسم، أنطلق بسيارتي؛ لأستكشف جبالاً وأودية وسواحل ساحرة ونائية؛ لأغذي إلهامي، وهذا التنوع البيئي شديد الندرة يمنح الفنانين فرصة عظيمة للتأمل، وتجديد طاقاتهم. كما أن للفكر الصوفي أثراً كبيراً في تشكيل شخصيتي، وعلاقتي بمن حولي؛ لذا أحرص على إبراز ذلك في معظم أعمالي، حيث إنني أحب رسم الأشخاص في حالات التأمل والعشق.
• كيف ترين التشكيل.. كتجربة حياة خاصة بك ومهنة؟
- ساعدني التشكيل في فهم الناس والمواقف بشكل أكثر عمقاً، وكلما عرفنا أكثر؛ زاد احتياجنا إلى العزلة والتأمل والرسم أكثر. أما مهنياً، فالفن التشكيلي فتح لي أبواباً كثيرة في شتى القطاعات؛ فمع تطور قطاعات الفندقة والضيافة والخدمات؛ زاد الطلب على الفنون الجميلة، وبالتالي يحصل الفنان على فرص كثيرة لالتقاء صناع القرار من مختلف القطاعات، كما تتاح له الفرصة - باستمرار - للمشاركة في معارض عالمية، ومشاركة الخبرات مع فنانين وقيمين من مختلف دول العالم
• كيف ساهمت صالتك الفنية في تركيز الزخم التشكيلي حول المنطقة؟
- صالتي الفنية «رواق عالية» تعد أكبر معرض شخصي في السلطنة، وبعد افتتاحها بدأت تتوافد إلينا مئات بل آلاف المجموعات السياحية، وعشاق الفن من العمانيين والوافدين، للاطلاع على تجربتي الفنية، ومشاهدة مرافق المكان. أردت للرواق أن يكون قبلة لكل متذوقي الفن والأدب، وهذا ما حصل، ويسعدني أن يصير فني مصدر إلهام لجيل واعد من الفنانين.
• ما تقييمك لمسيرة الفنانة التشكيلية العربية عامة، والعمانية خاصة؟
- أعتقد أن الفنانة العربية نجحت - بشكل كبير - في إثبات قدرتها على الصعيد التشكيلي، وفي عمان نجد تكافؤاً كبيراً في المستوى والحضور بين الجنسين في جميع المحافل التشكيلية، وهذا ينطبق على جميع الفنون البصرية.
• «المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه».. إلى مدى يمكن تطبيق هذه المقولة على الفن؟
- هذه المقولة حمالة أوجه، لكن ما أستشفه منها، هو أن الفنون بكل أشكالها سهلة التأنيث، فلا فن من دون مشاعر، ولا مشاعر من دون امرأة.