بمزيج من الترف الموسيقي، والطابع الكلاسيكي العتيق، استعاد جمهور الفن في ليلة «روائع الموجي»، التي احتضنتها العاصمة الرياض ذكريات عمالقة الفن العربي، حيث استمتع الحضور بإرث ضخم من الألحان والمعزوفات الطربية، التي تغنى بها سبعة مطربين، في حفلة تاريخية لن ينساها محبو الفن، باحترافية ودقة أدائها، التي تجسدت في العدد الضخم من العازفين، وتنوعهم، إضافة إلى المطربين المشاركين، ومناسبة أصواتهم للأغاني المؤداة.
ضمن فعاليات تقويم الرياض، اكتسى مسرح أبوبكر سالم، في منطقة بوليفارد رياض سيتي، طابعاً كلاسيكياً ينتمي في تصميمه إلى الستينات والسبعينات، لتمكين الجمهور من المواءمة بين الذائقتين السمعية والبصرية في الحفل الذي حضره معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، ومعالي نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز، والرئيس التنفيذي لبرنامج «جودة الحياة» خالد البكر، وعدد من نجوم الفن والإعلام.
وبكل بهاء، استعرض الموسيقار وليد فايد، من خلال فرقته التي يشارك بها 130 عازفاً، إبداعات أسطورة اللحن وإنتاجه الذي لوّن به النوتة الموسيقية العربية، بمجموعة من الألوان والألحان العبقرية، التي اشترك فيها مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، ابتداء من رائعة «جبار»، التي افتتح بها الرباعي الليلة الاستثنائية، إضافة إلى «صافيني مرة»، و«كامل الأوصاف»، و«قارئة الفنجان»، وعدد من الأعمال الغنائية المميزة.
الموجي الذي ترك القرية، واتجه إلى القاهرة; ليزرع في القلوب أنغاماً خالدة، عادت أبرز أعماله في حفلة الرياض، التي استذكر فيها الجمهور رموز الغناء العربي، مثل: «كوكب الشرق» أم كلثوم، عبر أغنيتها «اسأل روحك»، والشاعر الأمير عبدالله الفيصل، من خلال قصيدته «يا مالكاً قلبي»، وطلال المداح بأغنية «لي طلب»، التي كتبها الأمير بدر بن عبدالمحسن، وفايزة أحمد التي اشتهرت بصوتها في رائعة «أنا قلبي لك ميال»، إضافة إلى مجموعة من الأعمال التي وثقتها الذاكرة بألحان الموسيقار محمد الموجي، التي كتبها أبرز الشعراء، وتغنى بها أفضل المطربين.
واكتملت لوحة الفن والنغم، في الأمسية التي تعد واحدة من أكثر الأمسيات العربية أهمية، خلال الفترة الأخيرة، بتسلم أسرة الفنان الراحل درعاً تذكارية من الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه المهندس فيصل بافرط، وتقديم نجله الموسيقي يحيى الموجي، بمشاركة الموسيقار العالمي رمزي يسّي، وصلة طربية، أمتعت الجمهور الذي ملأ المسرح تصفيقاً وتفاعلاً.
وتميزت ليلة «روائع الموجي» باستعادة عدد من الأغاني، التي تمثل جزءاً من تاريخ الفن العربي، حيث لامست ذائقة الجمهور في لحظات الفرح الذي عمَّ أرجاء الحفل، وانتقل إلى بقية العالم، عبر 10 قنوات فضائية، وثلاث إذاعات، ومنصتين رقميتين.
وشكلت «ليلة الموجي» طابعاً مختلفاً عن بقية الحفلات، حيث استمتع الحضور بأعذب الألحان الموسيقية الكلاسيكية، عبر مجموعة من الأصوات المميزة، المتمثلة في: صابر الرباعي، وأنغام، وزينة عماد، وعبادي الجوهر، وشيرين عبدالوهاب، وماجد المهندس، ومي فاروق، إضافة إلى قائد الأوركسترا الموسيقار وليد فايد.
وكانت «ليلة الموجي» قد استُبقت بمجموعة من الاستعدادات والبروفات، حيث تم تطبيق أكثر من 30 بروفة، لما تحتويه الليلة من ألحان صعبة مليئة بالتفاصيل الموسيقية، التي توضح غزارة وعمق النغم الشرقي الأصيل، والأسماء الفنية المشاركة اختيرت بعناية، نظراً لإمكاناتها الصوتية الفريدة، ويأتي تنظيم الحفلة برعاية الهيئة العامة للترفيه، بالتعاون مع هيئة الموسيقى، وبرنامج «جودة الحياة».
الموجي.. أبرز المجددين
ولد محمد الموجي في 4 مارس 1923، وتوفي في الأول من يوليو 1995، وهو أحد أبرز المجددين في الموسيقى والغناء، حيث يحمل في رصيده أكثر من 1500 لحن. ومدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ في مصر، هي مكان مولد محمد أمين محمد الموجي، الذي كان والده عازفاً على الكمان والعود، ما جعله يتقن عزف العود في سن الثامنة. وهو حاصل على دبلوم الزراعة، وعمل في وظائف عدة، ثم ظهر ميله إلى الغناء، وبدأ مشواره الفني بالعزف على العود في فرقة «صفية حلمي»، ثم فرقة «بديعة مصابني»، قبل أن يتجه إلى التلحين عام 1951، عبر الإذاعة المصرية، وكانت أولى أغنياته «صافيني مرة»، التي غناها العندليب، وكان الموجي ملحناً موهوباً وطموحاً، وقد ساهم في اكتشاف بعض الأصوات الغنائية المهمة، مثل هاني شاكر.