يشهد العالم تطورًا سريعًا ومذهلًا في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فقد بدأت الآلات بالتحول إلى كائناتٍ ذات قدراتٍ متقدمة ومتعددة، وأصبح للذكاء الاصطناعي دورٌ أساسي في حياتنا اليومية. إنها ظاهرةٌ تراوح بين الإثارة والتحدي. وفي ظل هذا التطور الهائل، يتساءل الكثيرون عن العلاقة بين الإنسان والآلة، وما يمكن أن ينشأ بينهما. وتزداد تلك العلاقة تعقيدًا مع كل تقدم تكنولوجي، حيث تصبح الآلات أكثر ذكاءً وقدرة على التعلم والتفاعل. يتبادل الإنسان والآلة المعلومات والبيانات، وتنمو التكنولوجيا لتلبية احتياجاتنا وتحسين حياتنا. ومع ذلك، فإن هناك تساؤلات حول التوازن بين الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي والآلات، وبين التأثيرات السلبية المحتملة على البشرية والمجتمع. ووسط هذه الأجواء، يأخذنا المعرض الفردي الجديد، للفنان ناصر نصر الله، في 421، والذي يقام في الفترة بين 18 مايو - 27 أغسطس، تحت عنوان " شاعرية الآلات"، في رحلة إلى عوالم من كائنات آلية تعيش في فضاء زماني مجهول، ليخبرنا عن علاقة الإنسان والآلة من منظور أسطوري، وعبر تشكيلة متداخلة من الرسومات واللوحات والنصوص المكتوبة والمنسوجات والأعمال التركيبية.
تفيض الرسومات واللوحات بالتفاصيل، التي تصوّر مجموعة متنوعة من الأشكال الروبوتية الفريدة، معروضة ضمن جماعات تشبه مجتمعاً مترابطاً من الآلات. يشكّل المعرض منصة أو مسرحاً مجهزاً لعرض سرديات مرتجلة، تجسد روح التواصل والحوار والتفاعل بين مجتمع الآلات، في محاولة لالتماس حياة محتملة فيما لا روح فيه، والعكس بالعكس، فيشير بذلك إلى تأثير الآلات على حياتنا اليومية، وعلاقتنا دائمة التجدد مع هذه الكائنات الآلية.
ولا تقتصر تصورات نصر الله - عن الآلات - على خواصها الميكانيكية، بل يعمل على إضفاء نوع من الشخصية والعاطفة وحتى روح الدعابة عليها، حيث يمر الزائرون أثناء تجوالهم في المعرض من أمام جهاز فاكس يستقبل رسائل آنية، وأريكة مماثلة لتلك الموجودة في مرسم الفنان، فتنشئ هذه العناصر إحساساً بالألفة، كأنها ترحّب بالزوار في عالم الفنان الشخصي. نال نصر الله جائزة دورة 2023 من برنامج التطوير الفني، ويمثل هذا المعرض نتاجاً مباشراً لهذا البرنامج الذي ينظمه معرض 421، بالشراكة مع معهد الفن الناشئ.