فؤاد صدقي: الادخار جدار حماية أمام التقلبات المالية
قد تمر الأزمات المالية بسلام عند البعض، لكنْ كثيرون قد يتعثرون مادياً، ويخفقون في تأمين مستقبلهم بسبب الإنفاق، والاستمتاع بمباهج الحياة بطريقة غير مسؤولة، دون الاكتراث لما قد يسببه التبذير من مشكلات، إذ يعتبر الادخار مصدر أمان وتحصين للإنسان، يساهم في حمايته من الاستدانة، وطلب المساعدة من الآخرين، كما أنه يمثل جدار حماية أمام أي تقلبات مالية قد يمر بها، فالشخص الذي يدخر جزءاً من دخله الشهري هو شخص واعٍ بالقدر الكافي للتخطيط لمستقبله. وللحصول على الوصفة السحرية للادخار، وإدارة المال بطريقة صحيحة.. التقت «زهرة الخليج» المستشار المالي فؤاد صدقي، الذي يمتلك باعاً طويلاً في مجال الاستشارات المالية لأكثر من 20 عاماً، حيث حصل على مجموعة من الشهادات العلمية في التخطيط المالي من إنجلترا، وغيرها، ويعمل حالياً في شركة «نكسس»، التي تعتبر من كبرى الشركات المالية في منطقة الخليج، وهو أيضاً صانع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، وبسبب بساطة أسلوبه، وتلقائيته في تبسيط المعلومة، يتابعه الآلاف على صفحاته.. ونسأله:
• ما الطريقة المثلى لاستثمار المال؟
- لا توجد وسيلة لاستثمار المال تناسب الجميع، لذلك لابد من الرجوع إلى مستشار مالي، وأخذ مشورته، لاسيما أن المستشار المالي شخص درس وتعمق في حالة السوق، ولديه الخبرة الكافية لإسداء النصيحة المناسبة لكل حالة، وكمثال على ذلك إذا مرض الإنسان فإنه يحتاج إلى طبيب لتشخيص حالته، ووصف الدواء المناسب، وهكذا المستشار المالي يدرس حالة كل مستثمر، ويرشده إلى ما يناسبه، ويتناسب مع حالة السوق، وبالتالي يستطيع أن يستثمر بشكل أمن، وبأقل الخسائر.
• ما رأيك في استثمار المال بشراء الذهب؟
- يلجأ البعض إلى الاستثمار في الذهب كوسيلة فعالة للاحتفاظ بالمال، لكن حتى هذه الوسيلة كأي استثمار آخر تنضوي على مخاطر، إذ إن الذهب من الأشياء المتوقع تغير أسعارها من وقت إلى آخر، فعلى سبيل المثال: وصل سعر الذهب عام 2021 إلى سعره نفسه تقريباً في 2011، وهذا يعني ضرورة حساب نسبة المخاطرة، سواء كان الاستثمار في الذهب أو غيره، إذ لا يوجد نوع من الاستثمار دون مخاطر، فكلما زاد السعي وراء ربح أكبر، زادت نسبة المخاطرة.
• ما الطريقة الصحيحة للاستثمار في الذهب؟
- الطريقة المثلى للاستثمار في الذهب دون خسائر هي تخزين الذهب لفترة زمنية طويلة، تضمن ارتفاع سعره إلى الحد الذي يجعل المستثمر يجني أضعاف ما دفع فيه.
• هل الاستثمار في العقارات مربح؟
- نعم الاستثمار في العقار مربح؛ لأن المستثمر يمكنه تأجير العقار، والاستفادة من أرباح الإيجار، ويمكن أيضاً أن ترتفع قيمته مع الوقت، ومع غلاء الأسعار؛ فيصبح استثماراً ناجحاً، لكن ما يعيبه أننا لا نستطيع تسييل المال بسهولة إذا رغبنا في ذلك لأي سبب، فبعض العقارات تستغرق مدة زمنية طويلة حتى يستطيع صاحبها إيجاد مشترٍ بسعر مناسب، كما أن العقار لا يمكن تجزئته، فمثلاً إذا احتاج صاحب العقار مبلغاً معيناً من المال، وليس سعر العقار بالكامل، فسيضطر إلى بيعه بالكامل، للحصول على المبلغ المطلوب.
• ماذا عن الاستثمار عن طريق ادخار الأموال في البنوك.. هل هناك عملة أنسب من غيرها؟
- بالتأكيد قوة نوع العملة تجعل الادخار أكثر أماناً، خاصة من التضخم وغلاء الأسعار، ومن هذه العملات الدولار الأميركي، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، فالادخار باستخدام هذه العملات آمن، ولا ينضوي على مخاطر، لأنها احتفظت بقيمتها خلال عشرات السنوات الماضية، وبعض العملات أضعف ولا تستطيع الصمود أمام التضخم، وبالتالي سيخسر المستثمر المال مع مرور الوقت، وليس العكس.
• ما التفسير المبسط للتضخم، وكيف يمكننا السيطرة عليه؟
- التضخم ببساطة هو الغلاء، بمعنى أنني كنت أقوم بشراء سلعة ما منذ سنة ماضية بمبلغ محدد من المال، واليوم لم يعد هذا المبلغ كافياً لشراء السلعة نفسها، وتقاس نسبة التضخم من سنة إلى أخرى بحسب القوة الشرائية التي يتم استعمالها، ويمكننا السيطرة على التضخم، وعدم خسارة الأموال بدراسة حالة السوق، واختيار الاستثمار الأمثل لكل شخص على حدة، ويفضل تقسيم المال في استثمارات عدة، بجزء في الذهب، وجزء في العقارات، وآخر في البنوك، وهكذا حتى إذا لم يربح الاستثمار في أي جزء لا تكون الخسارة فادحة.
• ما أهم عوامل التخطيط المالي الصحيح؟
- من المهم جداً أن يكون لدى الشخص مصدر دخل شهري، أيضاً وضع ميزانية للمصروفات الشهرية، وادخار جزء بصفة مستمرة من هذا الدخل الشهري، ومن ثم في المستقبل سيكون لديه مبلغ مالي مناسب للاستثمار بطرق مختلفة، ونصيحتي للادخار هي أن يتم تقسيم الدخل بطريقة (50: 30: 20)، بمعنى 50% للمصروفات الشهرية من مأكل وملبس ومسكن، وغير ذلك من الأمور الحياتية الشهرية الثابتة والأساسية، و30% للكماليات، ومنها: التنزه، والسفر، والأشياء التي يمكن الاستغناء عنها إذا أردنا ذلك. أما الـ20%، فينبغي ادخارها بصفة شهرية؛ إذ إنها ستفيد جميع أفراد الأسرة في المستقبل.
• ما الخطأ الذي يقع فيه البعض، ويسبب فشل ادخار مبلغ مالي من الدخل الشهري؟
- الخطأ الذي يقع فيه كثيرون، هو أنهم يقومون بصرف المال على الأشياء الاستهلاكية أولاً، ثم ادخار ما تبقى، وفي الأغلب ينفد المبلغ، لكن الطريقة الصحيحة هي اقتطاع مبلغ الادخار أولاً في بداية الشهر، وعدم استخدامه إلا للضرورة القصوى، بمعنى أن يخصم الشخص 20% من دخله الشهري، ويبدأ في التعامل بعد ذلك بناء على المبلغ المتبقي، وليس العكس.
• البعض يسايرون الموضة بشراء أحدث الهواتف، أو الحقائب، لماركات عالمية، وغيرها من السلع الباهظة، وقد يستدينون للوصول إليها.. ماذا تقول لهم؟
- بعض الأشخاص يعتقدون أنهم إذا قاموا بشراء الأشياء الاستهلاكية الباهظة؛ لأنها ماركات عالمية، فلن تخسر مادياً على المدى البعيد، إذ يمكن بيعها مرة أخرى، والاستفادة بسعرها، لكن هذا الأمر ينافي الواقع، وأنصح الجميع بعدم الانجراف نحو هواية صرف المال، التي قد تصل إلى حد الاستدانة لشراء المنتجات الاستهلاكية للتفاخر، ودون حاجة فعلية إليها، مع ضرورة الحذر عند استخدام البطاقة الائتمانية، لأن الشخص قد يخسر الكثير من المال بسبب الفوائد المضافة عليها.