لطيفة بن حيدر: صعدت إلى النجاح على سلم الإخفاقات
من خلال مشروعات استثنائية ملهمة، سطرت لطيفة بن حيدر، رائدة الأعمال الاجتماعية الإماراتية، ومؤسسة منصة «بَيتُكِ»، قائمة مضيئة من الإنجازات في سفر الابتكار، ودفعها إيمانها بضرورة التغيير إلى اكتشاف شغفها؛ فمهدت الطريق في سبيل تمكين المرأة الإماراتية اقتصادياً، ونشر ثقافة الإدارة المالية الشخصية.. في هذا الحوار نضيء على تجربتها وإنجازاتها، وقصتها الملهمة كرائدة أعمال عبر رحلة من النجاح والتميز، وكيف تخطت التحديات، وطورت مشاريعها، ووفرت فرصاً للنساء للاستثمار، وتحقيق الازدهار المالي، وتغيير حاضرهن إلى غدٍ أفضل:
• ما الذي جذبك إلى مجال الأعمال؟
- أنا أحب هذا المجال لأنه غير مقيد، وأمتلك رؤية يمكنني تنفيذها، فلا أحب أن أكون محصورة في زاوية معينة. عادة، عندما نحاول طرح فكرة جديدة، نسمع: «لكننا لسنا متعودين على هذا الشيء»، أو «هذا هو الشيء الذي تم دائماً فعله، ولا داعي لتغييره أو تحسينه». أنا أحب إنشاء مشاريع تضيف قيمة للمجتمع، وتساعد الناس على أن يحظوا بحياة أفضل. وريادة الأعمال هي الوظيفة الوحيدة التي تمكنني من عيش شغفي.
• كيف كانت استجابتك للتحديات التي واجهتك؟
- عندما كنت في الجامعة، وأنا أعدّ الطريق لبدء هذا المسار كرائدة أعمال، قيل لي: في هذا المسار ستجدين الفشل أكثر من النجاح، وإذا لم تجدي الفشل فهذا يعني أنك لا تعملين بالشكل الصحيح، ولم آخذ هذا الكلام بجدية، بسبب خبرتي المحدودة آنذاك. بعدما بدأت، كان الأمر صعباً عندما واجهت الإخفاقات، وقد كنت محبطة وغاضبة ومشوشة؛ لأن الأمور لم تسر وفقاً للخطة الموضوعة. عندما كانت عليّ إعادة عمل الحسابات في «إكسل»، أو إعادة عمل العرض التقديمي مراراً وتكراراً، أو ممارسة الخطاب كثيراً، أو تلقي تعليقات سلبية على عملي الشاق، كنت أعتبر ذلك شخصياً إلى حدٍّ ما. واعتبرتها نقاط فشل بدلاً من نقاط تعلم. ومن ثم فهمت أن كل تلك «الإخفاقات» كانت كتل بناء صغيرة، سمحت لي بالصعود والوصول إلى هدفي. وأخيراً محاولة النظر إلى الوراء، وفهم أن ذلك كان بالضبط ما كنت بحاجة إليه للوصول إلى هنا. فجميع هذه العوائق كانت مقدرة؛ لأخوض منحدر التعلم الحاد، وأكون قادرة على النمو، وتحمل المسؤولية، والظهور بثقة كقائدة. لذا، لعب كل واحد منها دوراً في نجاحي، ولم أعد أربط كلمة «الفشل» بمشاعر سلبية؛ لأن مقياس النجاح هو التعلم التدريجي من كل فشل.
مسار صعب
• ما أهم محطات مسيرتك في ميدان العمل الحر؟
- بالنسبة لي، إن أهم اللحظات المحورية كانت عندما فزت في مسابقات ريادة الأعمال، التي حصلت بموجبها على ما يكفي من المصادقات؛ للحصول على أول استثمار في «بيتك». أيضاً، عندما ألتقي الناس للحديث عن «بيتك»، وأرى عيونهم تلمع، كما لو أنهم وجدوا، أخيراً، ما كانوا يبحثون عنه أو ينتظرونه، فالشعور دائماً رائع؛ لأنني أشعر حقاً بأن تعبي لم يذهب سدى. وفي كل مرة يستثمر فيها شخص ما من خلال «بيتك» هي لحظة مهمة بالنسبة لي.
• من الذين كان لهم التأثير والدعم في قصة نجاحك؟
- والداي، وعائلتي، ومرشدي، وفريق «بيتك» المذهل. هذا المسار صعب جداً، لكن عندما تعرف أن لديك دائرة داعمة حولك، يصبح أسهل بكثير.
• ما الذي جذبك إلى مجال العقارات؟.. أعني: لماذا العقارات تحديداً؟
- نحن نتحدث عن الاستثمار في أصل تتزايد قيمته، وعوائده مستقرة نسبياً من دخل الإيجار؛ لذا يمكن القول بأنها مصدران للدخل؛ فعندما تبيع تلك العقارات تحقق أرباحاً من زيادة رأس المال، كما أن العقارات ليست شيئاً مؤقتاً، وليست شيئاً محفوفاً بالمخاطر. فالناس يحتاجون دائماً إلى مكان للعيش فيه.. الذي جذبني إلى دعم المرأة بالذات في مجال العقارات، هو الطلب والرغبة في البدء، لكن وجود العقبات والمخاوف قد منع الكثيرات من ذلك.
• مؤخراً.. قمت بإطلاق منصة حدثينا عنها، وما الدافع إلى ذلك؟
- «بيتك» هي منصة تمويل جماعي للاستثمار في العقارات، تمكّن النساء من الاستثمار بميزانياتهن الخاصة، وهي منصة مسجلة في مركز دبي المالي العالمي، ومرخصة ومنظمة من قبل سلطة دبي للخدمات المالية، لقد جعلنا الأمر سهلاً لعميلاتنا للاستثمار في العقارات وفقاً لميزانياتهن. لنقل إن لديك 20 ألف درهم، وقمت بادخارها، فهل ستبقى كما هي؟.. استثمريها في عقار، واتركي العناء والمشقة علينا.
استدامة مالية
• ما الذي ألهمك البدء في هذا المشروع؟
- قبل أن أختار اسم هذا المشروع، تحدثت مع مئات النساء لفهم سبب عدم استثمارهن في العقارات بشكل عام (ومع الأسف، أظهرت الدراسات أن المستثمرات أقل بكثير من المستثمرين لأسباب كثيرة)، أردت الاستماع إليهن شخصياً، وأدركت ساعتها أن «بيتك» ستقدم شيئاً قيماً لحياة هؤلاء النساء، من خلال إزالة هذه العقبات من طريقهن، وتزويدهن بفرصة الاستثمار.
• كيف ترين أثر ذلك في النساء والمشهد العقاري؟ وما نوع التأثير الذي تحققه «بيتك»؟
- تهدف المنصة إلى إنشاء جيل من النساء لديهن الخبرة والثقافة المالية؛ للوصول إلى الازدهار المالي.
• ما الذي يمكن أن تضيفه المرأة إلى هذا القطاع؟
- يمكن للمستثمرات المساهمة في النمو الاقتصادي، وتحسين خيارات السكن، وتحقيق المساواة بين الجنسين، واتخاذ قرارات أفضل. وزيادة عدد النساء يمكن أن تحقق تأثيرات إيجابية عدة، من خلال جلب التنوع والابتكار ووجهات النظر المختلفة إلى أي مجال. وهذه هي الحال في مجال العقارات والاقتصاد، والاستقلال المالي؛ فيساهمن في صنع القرارات. والتأثير الاجتماعي، حينما يمكن للمستثمرات المساعدة في إيجاد مجتمع أكثر إنصافاً وازدهاراً. وسوف يستفدن من العوائد، ويقمن ببناء خبرتهن كمستثمرات في العقارات. فإيجاد هوية مالية، وتحقيق الاستدامة المالية، يعودان بالفائدة على الفرد والاقتصاد.