هي «لؤلؤة» الدراما الإماراتية، نجمة حافظت على تألقها رغم ابتعادها واعتزالها لمدة 5 سنوات، وبمجرد أن عادت حتى فتحت لها أبواب النجومية على مصاريعها، وهذا ما أثبتته بأول عمل عادت به في الموسم الرمضاني الأخير، وحققت من خلاله حضوراً مميزاً كأنها لم تغب.. إنها الفنانة سميرة أحمد، التي تتحدث عن مسيرتها الحافلة بالإنجازات الفنية والثقافية، ومسيرتها المشرفة في عالم الفن الإماراتي، وهي تفتح قلبها خلال هذا الحوار عن أسباب إحباطها وابتعادها، ثم عودتها:
• خلال الموسم الرمضاني، كان مسلسل «طوق الحرير» عودةً بعد غياب.. كيف كانت العودة، ولماذا في هذا التوقيت؟
- الزميل والصديق الفنان أحمد الجسمي كان يتصل بي سنوياً، ويقول لي: «لا تردينا، واقبلي العمل»، وكنت أقول له: «أنا اعتزلت.. يجب أن تصدق»، ويقول لي: «سأدفعك للعودة من جديد». وصادف أنه اتصل بي، وأخبرني بأن العمل جيد، وأنه يرغب في أن أكون موجودة، وطلب مني أن أفكر في الأمر، وربما في هذه الفترة كان لديَّ بعض الملل بسبب اعتزالي، فشعرت بالحنين للعودة، وشعرت بأن مكاني هو المسرح والتلفزيون، فهذا العالم الذي أحبه، وفي هذه اللحظة حدث كل شيء، وأرسل إليَّ النص فقرأته، وقال لي إنه ستكون هناك تعديلات على النص، فوافقت، فقال لي: «ألن تتراجعي؟»، قلت: «لا لن أتراجع، ولن أورطك»، فلم أكن مقررة الرجوع، لكن هذا ما حدث.
• ماذا تقولين عن فترة الاعتزال، وكم استمرت، وما سببها؟
- سبب الاعتزال كان معروفاً، فتلك الفترة التي قررت فيها الاعتزال كانت تشهد تغييراً في المديرين بالمؤسسات، والمعنيين بالدراما. شعرت حينها بغياب الاستراتيجية اللازمة لدفع الدراما الإماراتية إلى الأمام بشكل صحيح، وبأن كل جهة تعمل ضمن استراتيجية مختلفة، ولم تكن هناك رؤية واضحة، سواء في اختيار المبدعين أو النصوص. هذا التخبط أتعبني. لكننا الآن قطعنا شوطاً كبيراً في الدراما الإماراتية، وأسسنا حضوراً مهماً على قنواتنا، وحتى على القنوات الخليجية، ويجب أن نستمر في نجاحات أكثر. وكما قلت المسألة كلها هي غياب الاستراتيجية الخاصة بالدراما. الآن، سنوياً، لدينا أعمال بها نجوم كبار، ونصوص جيدة، بالإضافة إلى أن الميزانيات التي كانت توضع للمسلسلات الإماراتية تختلف عن المسلسلات الأخرى، وهذه جميعاً كانت أسباب اعتزالي. اليوم، نلمس اختلافاً في كل محطاتنا، وفي الجهات المسؤولة عن إدارة الدراما، ربما لم نصل بَعْدُ إلى الشكل المثالي، لكن هناك عمل جاد، وعلينا كفنانين ومنتجين وكتاب ومخرجين أن نساند هذا العمل؛ لنصل جميعاً إلى ما يرضينا.
حال الدراما
• هل إدارة الدراما أصابتك بالإحباط؟
- وقتها كنت، للأسف، مصابة بالإحباط، فلا أحد يشعر بنا كفنانين يجب أن نكون موجودين، أنا لست مجرد فنانة «أنا هوية وطن»، أنا أبقى فنانة إماراتية في ظل وجود عدد قليل من الفنانات الإماراتيات، والمفروض أن يحافظوا على هذه الهوية، وعلى هذه الأعمال، ونوعيتها، فكان هناك تجاهل تام، وكانوا يظهرون فنانات جديدات لا يعرفن كيف يمثلن، ولا علاقة لهن بالتمثيل، لكن السبب أنهم يعرفونهن، وهذا الأمر لا ينبغي أن يحدث، فهذا سبب إحباطي، وأخبرتهم بأنني اعتزلت، وكان بإمكاني أن أعتزل دون أن أخبر أحداً، وأبقي هذا الأمر بيني وبين نفسي، لكن كان لابد أن أعلن سبب اعتزالي ليعلم الجميع ذلك، فلا يوجد إنسان يُكرَّم ويمنح جوائز، وفي النهاية يعتزل، إذ يجب أن يعلم الجميع أن ما يحدث ليس لصالح الدراما الإماراتية، والخمس سنوات التي غبتها لم أشعر بالندم عليها؛ لأن الذي كنت أراه للأسف، بغض النظر عن بعض الأعمال، لم يكن جيداً.
• هل تمثل عودتك اليوم إعلاناً عن تفاؤل بالمرحلة القادمة؟
- التفاؤل موجود، فسنوياً نشاهد إنتاجات يقف خلفها صناع الدراما الإماراتية، وينجحون في تقديم مادة مميزة ومختلفة، وتبقى هذه مسؤوليتنا كفنانين بأن نختار نصوصاً جيدة، ومخرجاً رائعاً يضيف إلى العمل، كما فعل الأستاذ أحمد الجسمي بهذه التجربة «طوق الحرير»، حيث اختار مخرجاً بقامة أحمد يعقوب المقلة، وهذا أضاف إلى العمل الكثير، والنص أيضاً اشتغل عليه بطريقة جيدة، وهذا دليل اهتمامه، وأيضاً اختياره لفريق العمل، وهذا دور الفنان نفسه، والمنتج المنفذ.
• هل تعكس الدراما الإماراتية والخليجية حقيقة المجتمع، كون القصص المطروحة تقتصر على صراع المال دون غيره، رغم كثرة القضايا التي يمكن تناولها؟
- هذا صحيح، ومشكلتنا الأساسية هي قلة الكتّاب المتمكنين، وهذه المشكلة موجودة حتى بالعالم العربي، وليست فقط لدينا. بشكل عام، بعض الأعمال جيدة، وأنا أتابع الأعمال الخاصة بالأستاذة سعاد عبدالله، وهي ممتازة في اختيار النصوص التي تتناولها. عموماً، هناك بعض الأعمال التراثية التي نحبها، ولدينا أيضاً قضايا أخرى لا يجب تجاهلها، مثل قضايا الشباب والأسر والمجتمع والعالم، وما يدور حولنا من قضايا ومشاكل، وأنا لا أطالب بالابتعاد عن المسلسلات التراثية، وإنما أن يكون هناك توازن بالكم والكيف بينها وبين الأعمال المعاصرة التي تعكس الأحداث الآنية، التي نعيشها وتهمنا.
فريق متعاون
• هل سمح لك الوقت بمتابعة ما عرض في الموسم الرمضاني؟
- للأسف ضغوط التصوير خلال رمضان لم تسمح لي بذلك، فحتى عملي لم أشاهده، وبعد أن ينتهي رمضان سأتابع الأعمال كافة، ومن الأعمال التي أحب أن أراها مسلسل «مجاريح»، وهو من تأليف جمال سالم، وبطولة سعاد عبدالله، وطبعاً مسلسلي، والأعمال العربية التي سمعت عنها بعض الكلام سأتابعها أيضاً.
• بعد انقطاع خمس سنوات.. هل شعرت بالغربة عند عودتك إلى التمثيل، وكيف كانت أجواء التصوير؟
- كنت متخوفة جداً بعد الانقطاع.. كيف سأعيد إحساسي كفنانة وأدواتي، فكنت أخشى أن تخونني أدواتي، وكانت البداية صعبة قليلاً، فقد كنت متوترة جداً. لكن من خلالكم أشكر فريق العمل، فقد كان متعاوناً جداً معي، ومنهم المخرج أحمد المقلة، وأحمد الجسمي الأخ الزميل، والكاست بكامله كان متعاوناً معي، وأخذوا فترة التوقف هذه بعين الاعتبار، فقدمنا العمل بكل حب، وما أسعدنا حقاً أن نسب المشاهدات كانت كبيرة.
• بعد «طوق الحرير».. هل توجد مشاريع أخرى أم هناك فترة استراحة؟
- لا أعلم، سنرى القادم ماذا سيكون، وسأبحث عن نص يضيف إلى هذه التجربة، فالنص الجيد يفرض نفسه على الممثل.
• كرمت كثيراً أثناء عملك وحتى خلال اعتزالك.. ماذا يعني لك التكريم، وهل هناك جهة ما تنتظرين تكريمها أو تنبيهها إلى هذا الأمر؟
- تشرفت بتكريم سامٍ من المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، فاختزل هذا التكريم تعب وعطاء السنوات كافة. وأيضاً، تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، حفظه الله؛ كما أسعدني تكريم مجلة «زهرة الخليج» العريقة، في ديسمبر الماضي حيث إنني في هذه الفترة كنت معتزلة الفن، لكن أعجبتني هذه اللفتة الطيبة، بأن يتم تكريمي ضمن الفنانين، الذين لايزالون موجودين، لذلك أعتبر أنني أخذت حقي من التكريم، سواء من الحكومة أو المؤسسات أو الجمهور، وأنا راضية بذلك، ولا أنتظر تكريماً آخر، فتكريم الفنان من مؤسساته، وحكومته، وجمهوره؛ له مردوده الجميل الذي يسعده بعد هذه المراحل من العطاء والتضحيات.