تحلم الشابة الإماراتية، بشاير عصام، بأن تقوم بصناعة مسلسلها الكرتوني الخاص بها، بعد أن قدمت محتوىً مميزاً، بدأ يحظى بمتابعة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر "يوتيوب".
ولم يمنع تخصصها الجامعي في الكيمياء من إكمال مسيرتها في الرسم وصناعة الرسوم المتحركة، التي بدأتها في عمر صغير جداً.
تقول بشاير، التي تكمل عامها الدراسي الثالث بجامعة الإمارات العربية المتحدة بمدينة العين، في حديثها لـ"زهرة الخليج"، إنها بدأت تميل للرسم منذ نعومة أظافرها، إذ كانت تجرب كل الأقلام والألوان خلال مرحلة الروضة، وتتابع كل الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال، ثم كانت تأتي بالأوراق، وترسم الشخصيات التي تظهر أمامها على الشاشة، وتقلد كل ما تراه.
ومع تقدمها في العمر، اكتشفت حبها وعشقها للرسوم والقصص المتحركة "الأنيميشن"، التي تعرف عالمياً باسم "المانجا" أو "الكوميكس". أيقنت الرسامة الإماراتية أن هذا هو الطريق، الذي تريد أن تسير به، وبدأت تسعى لتطوير موهبتها، فشهدت مهارتها في الرسم تحسناً كبيراً.
وتضيف بشاير أنها، ومع نهاية المرحلة الإعدادية، اكتشفت وجود صنّاع محتوى متخصصين بالرسوم المتحركة، وكان معظمهم من السعودية والأردن ومصر، ولم تمنحها الفرصة مشاهدة أي إماراتي مختص بهذا الفن، ورأت أن الفرصة سانحة أمامها؛ لتكون من أوائل الإماراتيين، الذين يقدمون محتوىً خاصاً بالرسوم المتحركة والقصص، ما دفعها للبدء بإنشاء شخصيتها الكاريكاتيرية الخاصة بها.
بداية متواضعة:
كانت بداية بشاير عادية جداً، كأي إنسان ينطلق من الصفر. فلم تكن تملك تخطيطاً أو نهجاً واضحاً لما ترسمه، كما أنها كانت تجهل استخدام برامج المونتاج الخاصة بإنشاء الفيديوهات، لكن وبعد تلقيها نصائح عدة بضرورة نشر ما ترسمه على "إنستغرام"، قررت أن تخوض هذه التجربة.
تقول الرسامة الشابة: "بدأت فعلاً أنشر كل رسوماتي في (إنستغرام)، الأمر الذي فتح لي المجال للتعرف على رسامين من كل أنحاء العالم، وبدأت أتابع مسيرتهم، وكيف طوروا أنفسهم، وطريقة تعاملهم مع جمهورهم، ثم قررت أن أتخذ مساري الخاص، وتعلمت كيفية إدارة حسابي بطريقتي الخاصة، وكيفية التفاعل مع جمهوري الخاص".
وتكمل بشاير، حديثها، بأنها أنشأت قناتها على "يوتيوب"، رغم قلة ما كانت تشاركه بها، بسبب انهماكها في الدراسة، وأنها لم تكن تحظى بفرصة للرسم سوى في أوقات الفراغ والإجازات، وتضيف: "بما أنني أمتلك القدرة على الرسم، وإيصال رسالتي بصوتي، مع حبي الكبير للتحدث مع الناس وإيصال أفكاري للجمهور، قررت أن أبدأ نشر القصص والمواعظ، التي أعبر عنها من خلال الرسم".
وحسب ما بينت صانعة المحتوى الشابة، فإن بدايتها كانت بتقديم سلسلة سمتها "الحكايات العجيبة"، وكانت فكرة عابرة نفذتها، وروت فيها حكايات بعض الأمثلة الشعبية، وكيف جاءت إلى مجتمعنا، وكانت تحرص على إيصال تلك القصص بطريقة مبسطة جداً، ولاقت هذه السلسلة تفاعلاً كبيراً جداً، وساعدها البحث عن قصص الأمثال بتوسيع ثقافتها ومداركها.
وتبين أنها أحبت أن تنقل المواقف المضحكة، التي تحدث معها في حياتها اليومية، أو تراها بحياة الآخرين من خلال "الكاركتر" الخاص بها، والرسوم التي تقوم بتحريكها.
نقطة تحول:
ورغم كل ما قدمته سابقاً، فإن بشاير لم تكن ترى نفسها صانعة محتوىً على الإطلاق، وإنما فتاة تملك موهبة وتقدمها في عالم الإنترنت، لكنها بعد أن بدأت تحظى بتفاعل كبير جداً في "يوتيوب"، وأصبح لديها متابعون كثر من الأطفال، شعرت بمسؤولية كبرى تجاههم، خاصةً أن كثيرين منهم صارحوها بأنهم يرونها قدوة لهم في الحياة، الأمر الذي ضاعف مسؤوليتها بشكل كبير.
وتكمل: "بعدما بدأ الأطفال يأخذون بنصائحي، ويتابعون أعمالي بشكل مكثف، شعرت بعظم كلمة (قدوة) وبت حريصةً جداً، أن أزن كل ما أقوم به، وأن أفكر بالمحتوى الذي أقدمه، لأن المسؤولية الملقاة على عاتقي كبرت، فبت أحرص بشكل كبير على ألا أقدم أي أمر قد يسبب الأذية للأطفال، ويعلمهم أي أمر سلبي". وتزيد بشاير: "آمل أن أكون على قدر هذه المسؤولية، وأن أقدم كل ما هو مفيد، وأن أنتقي ألفاظي جيداً، وبات اهتمامي بالمتابعين يأخذ جل تفكيري، لأن الكثيرين منهم سيتأثرون بما أصنعه لهم، وما يشاهدونه من إنتاجي، وقد تغيّر أي فكرة حياتهم بشكل كبير"، وتضيف أن إيمان معلمتها، موزة النعيمي، بموهبتها وتشجيعها الدائم لها، كان له أكبر الأثر في خطواتها الجادة بهذا المجال.
وتؤكد أنها تعمل على تطوير قناتها، لكن العائق الوحيد الذي يمثل أمامها أن كل ما تصنعه يكون بشكل فردي، وبمساعدة بسيطة من بعض الأصدقاء، فهي التي تكتب نصوص الحلقات، التي تقدمها وتقوم بتدقيقها، وهي التي ترسم، وتصنع الفيديو و"تمنتجه"، إضافة إلى تسجيل صوتها للشخصيات التي تظهر به، ما يؤدي لاستهلاك وقت طويل إلى حين إخراج الحلقة بصورتها النهائية التي يشاهدها الجمهور، مشيرةً إلى أن أكثر ما يستهلك من جهدها هو عملية الرسم والمونتاج.
قناة "ماجد".. حلم أسعى إليه:
من حق كل إنسان أن يحلم ويسعى خلف حلمه، ولأن بشاير عصام استلهمت كل أفكارها وعشقها لهذا الفن مما كانت تقرأه وتشاهده من قصص في مجلة "ماجد"، التي عرفتها منذ الصغر، وكانت رفيقها المفضل، ثم انتقلت لمشاهدة إنتاجات قناة "ماجد"، فإنها تحلم بأن تقدم في أحد الأيام عملها الخاص بها عبر هذه القناة.
وتؤكد أن هذا الحلم يتمثل في مسلسلها الكرتوني، الذي تريد أن تكمله وهو قصة "بيكا ذات الرداء البطيخي والذئب"، وهي قصة مستوحاة من القصة العالمية الشهيرة "ليلى والذئب"، لكنها تحمل تفاصيل مختلفة بطابع كوميدي مناسب للأطفال، وإكمال هذه القصة هو الهدف القريب الذي تسعى إليه في الوقت الحالي.
ولا تتوقف أحلام بشاير هنا، لذا فإنها تحلم أيضاً بأن تكون مؤديةً صوتية في القناة التي أحبتها منذ الصغر، ورافقتها في مشوارها حتى باتت طالبة جامعية.
ومن الأهداف، التي تسعى إليها، أيضاً، تقديم مسلسل رسوم متحركة يحكي قصة شخصية إماراتية خارقة، سواء كانت لشاب أو فتاة، إلا أنها تؤكد أن الإمارات تستحق عملاً كهذا.
فخر لمعلميها:
تقول المدرسة موزة النعيمي، لـ"زهرة الخليج"، إنها، وجميع المعلمين والمعلمات في مدرسة الثانوية الفنية التطبيقية بمدينة العين، يشعرون بالفخر الكبير بما تقدمه طالبتهم التي عاشت معهم سنين طويلة، وكانوا شاهدين على كبر موهبتها، ونموها أمامهم.
وتبين النعيمي أن اسم بشاير عصام كواحدة من خريجاتها سيبقى محفوراً بذاكرتها دائماً، وأنه يشكل نقطة مضيئة في حياتها، وتصفها بأنها واحدة من أكثر الطالبات اللواتي درست لهن، وتُشعرها دائماً بالفخر والإنجاز، كونها شكلت نموذجاً مشرفاً للطالب الطموح، الذي يحقق النجاح تلو الآخر، مشيدةً بموهبتها وإصرارها اللذين قاداها إلى ما وصلت إليه اليوم.