تزامناً مع الشهر العالمي للتوعية بالصحة النفسية، تتركّز الجهود - مرة أخرى - على تعريف الناس بتأثير الأمراض النفسية على حياتهم، وتسليط الضوء على خدمات الدعم، وكيفية تقديمه.
ورغم أن مجال العافية لم يلقَ الاهتمام الكافي في الماضي، فإنه يشهد اهتماماً متزايداً خلال السنوات الأخيرة، نظراً لأهميته بالنسبة لجودة حياة الأفراد. وتشير التقديرات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن 15% من الناس على الأقل يعانون مشاكل صحية نفسية. لكن النسبة الحقيقية قد تتجاوز ذلك بسبب النظرة السائدة في المجتمع حول هذا الموضوع، والحواجز المرتبطة بفكرة طلب المساعدة.
وتركّز منهجية "العافية الشاملة" على الترابط بين الصحة الجسدية والنفسية، ما يساعد على فهم جميع الجوانب، التي تؤثر على صحتنا وحياتنا بشكل عام. وتلعب مبادرة أبوظبي 360، المبادرة المجتمعية الشاملة نحو نمط حياة صحي، التي أطلقها مجلس أبوظبي الرياضي مؤخراً، دوراً أساسياً في التشجيع على اعتماد منهجية شاملة للصحة النفسية، من خلال التركيز على جوانب العافية الجسدية والنفسية والاجتماعية. وتركّز المبادرة على دور النظرة السلبية السائدة، وغيرها من العوائق في امتناع الأفراد عن الاعتراف بالمشاكل النفسية، التي يعانونها، والعمل على معالجتها، ما يؤدي إلى عدم توفير العناية والاهتمام الكافيين بمشكلات الصحة النفسية في المنطقة.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين نوبات القلق والهلع؟.. 7 نصائح للتعامل معها
وفي هذا السياق، قال جون بروملي، استشاري الصحة العامة لدى مبادرة أبوظبي 360: "تؤكّد مبادرة أبوظبي 360 أن الصحة النفسية هي نتيجة للعديد من العوامل المترابطة، التي تتناغم في ما بينها لدعم الصحة العامة. وتشجع المبادرة على أهمية الوقاية للمحافظة على الصحة النفسية، من خلال تعزيز الصحة المعرفية والعاطفية والاجتماعية. ومن الضروري أن ندرك أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، فهي تؤثر على جميع جوانب حياتنا، ويمكن أن تسبب مشاكل طويلة الأمد في حال إهمالها". في ما يلي الخطوات الأساسية لاتباع منهجية شاملة للصحة النفسية.
الوعي الذاتي:
يشكل الوعي الذاتي الخطوة الأولى والأساسية لمواجهة مشكلات الصحة النفسية. فمن خلال الفهم العميق لعواطفنا وأفكارنا وسلوكنا، يصبح بالإمكان تحديد المشكلات، والعمل على معالجتها. ويشير الدكتور حسيب روهيلا، أخصائي الطب النفسي لدى البالغين، إلى أن: "الوعي الذاتي هو القدرة على إدراك الأفكار والمشاعر والسلوك، وفهم الآثار التي تتركها في أنفسنا، وعلى الآخرين. ويمنحنا الوعي الذاتي معرفة مهمة تتيح لنا اتخاذ قرارات مدروسة، والتواصل بشكلٍ فعال، وتطوير علاقات جيدة وهادفة".
العناية بالذات:
تلعب العناية بالذات دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة والمرونة النفسية. وأضاف الدكتور روهيلا: "للعناية بالذات أهمية كبيرة في رحلة الحفاظ على العافية. وتشمل العناية بالذات وضع الصحة الجسدية والنفسية والعاطفية في موضع الأولوية، لضمان التحلي بالطاقة والمرونة وصفاء الذهن، لمواجهة التحديات، واغتنام الفرص".
دعم الأخصائيين:
يصعب تحقيق النجاحات عند العمل بشكلٍ فردي، فهي تتطلب التعاون مع مجموعة من الموجهين الداعمين والزملاء، الذين يقدمون التوجيهات والملاحظات والتشجيع. ولا عيب في اللجوء إلى مختصين بمجال الصحة النفسية، بمن فيهم: المعالجون الأطباء النفسيون، للحصول على المساعدة اللازمة لتخطي صعوبات الحياة، وتطوير استراتيجيات جديدة للتأقلم مع الواقع. ويمكن أن يتخذ دعم الأخصائيين عدة أشكال، بما فيها: جلسات العلاج الفردية والجماعية، أو تقديم الدواء، حسب الحاجات الفردية.
العلاقات الاجتماعية:
تلعب العلاقات الاجتماعية دوراً حيوياً في تحسين الصحة النفسية، من خلال توفير الدعم، والتشجيع والإحساس بالانتماء. ويمكن للعلاقات الصحية مع العائلة والأصدقاء والزملاء التخفيف من حدة القلق، وتعزيز الصحة العاطفية. وقال الدكتور روهيلا: "توفر العلاقات الاجتماعية الدعم العاطفي والتحفيز والشعور بالانتماء، والتي تعتبر أموراً أساسية لتحقيق العافية الشاملة". ويمكن الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، وبناء علاقات جديدة من خلال الانضمام إلى النوادي، والمنظمات، والمشاركة في مجموعات الدعم أو التطوع في المجتمعات المحلية.
وتشكل العناية بالصحة النفسية أهمية قصوى، وتقدم مبادرة أبوظبي 360 الخطوة الأولى نحو تخطي الصورة السلبية المتعلقة بالصحة النفسية، وتوفير بيئة تمكّن الأفراد، وتشجعهم على طلب المساعدة والدعم، لبناء مجتمع أكثر صحة وسعادة. وفي هذا الإطار، يتيح تطبيق أبوظبي 360، للجميع، اتخاذ الخطوات الضرورية للعناية بصحتهم الجسدية والنفسية، والاستمتاع بنمط حياة متوازن.