يظهر الإجهاد بأشكال ومستويات مختلفة، ويشمل الشعور بضغوطات العمل وتحمل الكثير من المسؤوليات، وصولاً إلى مواجهة التحديات الكبيرة في الحياة. ويمكن أن يُصاب جميع الناس بالإجهاد بصرف النظر عن العمر أو الجنس أو طبيعة العمل. ولا تقتصر تأثيرات الإجهاد على الحالة الذهنية فقط، وإنما قد يؤدي أيضاً إلى ظهور أعراض جسدية تشمل: الشعور بالأوجاع والآلام والصداع والدوار وتشنج العضلات والإرهاق.

ويتم الاحتفاء بشهر التوعية بالإجهاد على المستوى الوطني في شهر أبريل من كل عام. وعلى الرغم من صعوبة تجنّب الشعور بالإجهاد في حياتنا اليومية، فإنه يمكننا اعتماد عدد من الممارسات والأساليب التي تساعدنا على التحكم بمستويات الإجهاد، وتحسين جودة حياتنا بشكل عام. 

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال جون بروملي، استشاري الصحة العامة وأحد المتعاونين مع مبادرة أبوظبي 360، المبادرة المجتمعية الشاملة نحو نمط حياة صحي، التي أطلقها مجلس أبوظبي الرياضي مؤخراً: "يمكننا تحقيق نتائج صحية أفضل والارتقاء بجودة الحياة على المدى الطويل من خلال إجراء تغييرات بسيطة ومستدامة في أنماط حياتنا؛ سواء كان ذلك من خلال اتباع عدد من الخطوات السهلة في عاداتنا اليومية، أو ممارسة التأمل لتخفيف مستويات الشعور بالإجهاد. ويمكن لهذه الخطوات البسيطة أن تترك تأثيرات إيجابية واسعة على صحتنا وعافيتنا".

ويبين العديد من الدراسات الحديثة أن 39% من سكان دولة الإمارات يشعرون بالقلق تجاه تأثيرات الإجهاد، وأن أكثر من 88% من تعداد سكان الدولة يعانون الإجهاد والتوتر. وانطلاقاً من ذلك، تعاونت مبادرة أبوظبي 360 مع كل من: منصة مينتال هيلث الإمارات، وهي مؤسسة تركز على الارتقاء بسوية الوعي حول الصحة الذهنية في دولة الإمارات؛ وعبدالله البلوشي، مؤسس فريق درع الصحراء للياقة البدنية في أبوظبي، لتقديم عدد من الخطوات البسيطة التي تساعد على خفض مستويات الإجهاد والتوتر وتحسين الصحة بشكل عام.

 

 

1. التدريب على الوعي الذهني:
تعد حالة الفوضى وضعف القدرة على التركيز من أهم سمات أنماط حياتنا العصرية. وقالت لطيفة بن حيدر، المؤسسة الشريكة لمنصة مينتال هيلث الإمارات: "يؤثر الإجهاد والتوتر بشكل كبير على صحتنا الذهنية والجسدية، ما قد يؤدي إلى ظهور مجموعة كبيرة من المشاكل الصحية التي تشمل الشعور بالإحباط والإصابة بالأرق وأمراض القلب. ولذا يتعين علينا اتخاذ الخطوات التي تساعدنا على إدارة مشاكل الإجهاد والتوتر قبل أن تستفحل".
ويشكل الوعي الذهني أحد أشكال تمارين التأمل التي تساعد المرء على الإحساس بالواقع، والوعي بأفكاره ومشاعره دون إصدار أحكام مسبقة عليها. ويساعد الوعي الذهني على خفض مستويات الإجهاد، وتحسين القدرة على التركيز وتعزيز الشعور بالاسترخاء. 
وأضافت بن حيدر: "يمكن للمرء التركيز على مشاعره السلبية، وتحديد أسبابها من خلال استكشاف الطرق المختلفة لممارسة الوعي الذهني في الأيام الحافلة بالعمل. وهناك الكثير من الطرق لممارسة الوعي الذهني، والتي تشمل تمارين التنفس العميق، والتصوّر الموجّه، والتأمل. ويمكننا زيادة مستويات تركيزنا وإدراكنا للواقع من خلال تخصيص بعض الوقت، خلال اليوم، للتركيز على تمارين التنفس وتصفية الذهن". 

2. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: 
تشكل التمارين الرياضية إحدى الطرق المتاحة لإدارة حالات الشعور بالإجهاد والتوتر. ويؤكد عبدالله البلوشي، مؤسس فريق درع الصحراء، هذه الفكرة بالقول: "لا تقتصر منافع التمارين الرياضية على زيادة قوة الجسم وتحسين قدرات التحمل، وإنما تساعد أيضاً على تعزيز أنماط التفكير الإيجابية والشعور بالصحة والعافية. فعندما نقوم بممارسة التمارين الرياضية، تقوم أجسامنا بإفراز هرمون الإندورفين الذي يساعدنا على الشعور بحالة من الرضا وتحسين المزاج وخفض مستويات الإجهاد؛ فضلاً عن مساعدتنا على الشعور بالحيوية والتركيز والتفاؤل حتى بعد ممارسة التمارين الصعبة". 
وتتفاعل هرمونات الإندورفين مع مستقبلات محددة في الدماغ، ما يفضي إلى تقليل الشعور بالألم وإثارة مشاعر إيجابية في الجسم، يُطلق عليها اسم "النشوة الرياضية"، والتي تمنحنا شعوراً بالصحة والحيوية لعدة ساعات بعد التمرين. 
وقد يكون من الصعب تخصيص الوقت لممارسة التمارين الرياضية بسبب التزاماتنا الكثيرة والمتعلقة بالعمل والعائلة والتواصل الاجتماعي. لكن تكتسب ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة أهمية كبيرة في خفض مستويات الإجهاد والتوتر. ويوفر تطبيق أبوظبي 360 مجموعة متنوعة من المزايا المتعلقة باللياقة البدنية والصحة، بما في ذلك: مقاطع الفيديو والبرامج التعليمية الخاصة بالتمارين الرياضية، التي تساعد المستخدمين على دمج تمارين اللياقة البدنية بسهولة في جداول أعمالهم الحافلة بالمشاغل، سواء من خلال تخصيص بعض الوقت خلال استراحة الغداء، أو ممارسة تمارين رياضية سريعة في الصباح.

 

 

3. الحصول على قسط كافٍ من النوم:
يكتسب النوم أهمية كبيرة أيضاً في خفض مستويات الإجهاد، فقد يؤدي العمل لساعات طويلة إلى صعوبة في الحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم الموصى بها لكل ليلة. لكن يشكل النوم الجيد واحداً من أهم العوامل لخفض مستويات الإجهاد والتوتر. وعند حصولنا على قسطٍ كافٍ من الراحة نكون أكثر استعداداً لمواجهة تحديات الحياة اليومية.
وقالت بن حيدر: "لا يمكننا تقديم أداء جيد عند شعورنا بالتعب، ويصبح تنفيذ جميع المهام أكثر صعوبة، وتقلّ لدينا مستويات التحمل. ويجب أن ينام الشخص البالغ ما لا يتجاوز ثماني ساعات، والنوم والاستيقاظ يومياً بما في ذلك خلال العطلات الأسبوعية، حيث تساهم هذه العملية في تعزيز دورة النوم والاستيقاظ في الجسم. كما يجب تفادي استخدام الهاتف أو الحاسوب المحمول أو حتى التلفزيون قبل ساعة على الأقل من موعد النوم؛ وفي حال البقاء مستيقظين بعد حوالي 20 دقيقة من الاستلقاء في السرير، يتعين على الشخص ترك غرفة النوم والقيام بنشاط مهدئ للأعصاب، مثل الاستماع إلى الموسيقى الهادئة قبل محاولة النوم مجدداً عند الشعور بالتعب. ويُنصح بتكرار هذا السيناريو لأهميته في تدريب الجسم على اتباع نظام نوم سليم ومنتظم". 

4. الحفاظ على تواصل اجتماعي سليم:
قد يكون إيقاع الحياة العصرية سريعاً ومربكاً في بعض الأحيان، ما يؤدي إلى زيادة مشاعر الوحدة والعزلة التي تسهم بدورها في تفاقم الشعور بالإجهاد والتوتر. ولهذا السبب، ينبغي تخصيص الوقت للتواصل والتفاعل الاجتماعي، والحفاظ على منظومة داعمة يمكنها مساعدتنا على تجاوز التحديات. وقالت بن حيدر: "يلعب الدعم الاجتماعي دوراً مهماً في الوقاية من الإجهاد والتوتر. ويساعدنا قضاء بعض الوقت مع الأشخاص الذين يهتمون بنا على منحنا إحساساً أكبر بالتواصل وخفض الشعور بالعزلة".
ويسهم تخصيص بعض الوقت لممارسة الأنشطة الاجتماعية مع أحبائنا، أو استكشاف فرص التواصل مع الأشخاص الذين يشاركوننا ذات الاهتمامات، في تقليص مستويات الإجهاد والتوتر، فضلاً عن تحسين مستويات الصحة والعافية بشكل عام.

5. أخذ استراحات قصيرة:
يذكرنا الشعور بالتعب والإجهاد بأنه ربما قد حان الوقت لأخذ استراحة قصيرة. ويسهم منح الأولوية للرعاية الصحية الذاتية من خلال أخذ استراحات صغيرة طوال اليوم في تحسين الصحة، وخفض مستويات الإجهاد وزيادة الإنتاجية، فضلاً عن التخلص من الشعور بالإرهاق واستعادة النشاط، وتحقيق الكثير من المنافع الصحية المذهلة على المستويين الذهني والجسدي.
وقالت بن حيدر: "يعد أخذ استراحات قصيرة لاستعادة النشاط أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة الذهنية والجسدية. لذا يتعين علينا تخصيص بعض الوقت (لأنفسنا) خلال اليوم، والقيام بنزهة قصيرة، أو التواصل مع أحد زملائنا في العمل، أو ممارسة تمارين الوعي الذهني، أو اختيار أي أنشطة أخرى يمكنها أن تمنحنا بعض الراحة والالتزام بها بشكل يومي. ويجب أن نتذكر دائماً أن أخذ استراحات قصيرة يساعدنا على زيادة الإنتاجية وخفض مستويات الإجهاد ومنحنا سعادة أكبر بشكل عام".

6. طلب المساعدة من الأخصائيين:
قد يكون من الجيد بالنسبة لنا أن نحاول السيطرة على مشاعر الإجهاد والتوتر بأنفسنا. ولكن يشكل طلب المساعدة من أخصائيي الصحة الذهنية عاملاً مهماً للارتقاء بسوية الصحة النفسية. إذ يوفر أخصائيو الصحة النفسية الدعم والأدوات اللازمة لخفض مستويات الإجهاد المرتبطة بأنماط الحياة العصرية وتحسين الصحة بشكل عام. 
وقال الدكتور بروملي: "يعد الإجهاد والتوتر من التحديات الشائعة التي يمكن أن تؤثر على جميع الناس. ولذا يسهم منح الأولوية للصحة الذهنية من خلال ممارسة التمارين الرياضية والوعي الذهني وتناول الأغذية الصحية في خفض مستويات الإجهاد وتحسين الصحة العامة. ويوفر تطبيق أبوظبي 360 الكثير من الموارد المهمة، بما في ذلك: تمارين التأمل الموجهة، والتمارين الرياضية اليومية، وإرشادات الخبراء المتخصصين في المجال، والتي تتيح للأفراد إمكانية اتخاذ الخطوات الضرورية للمساعدة على التحكم بمستويات الإجهاد لديهم، ومنحهم حياة صحية ومتوازنة".