تصريحات متبادلة، وحالة من الجدل، أثيرت خلال الأيام الماضية بين الموسيقار المصري راجح داوود، والمخرج خالد يوسف، بسبب عمله التلفزيوني الأول "سره الباتع"، الذي وضع داوود الموسيقى التصويرية الخاصة به.
كانت البداية عندما هاجم الموسيقار الكبير راجح داوود، المخرج خالد يوسف عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، وأعلن من خلاله عن سرقة حقوق ملكيته الفكرية والمهنية، وإخلال خالد يوسف بالعقود، وهد الجملة الموسيقية للعمل، كاتباً: "تعاقدت على تأليف الموسيقى التصويرية لمسلسل سره الباتع من سيناريو وإخراج المخرج خالد يوسف، وبعد حضور المخرج جلسات العمل وموافقته على كل التعديلات والشكل النهائي للموسيقى التصويرية التي ألفتها خصيصاً للعمل، تم التسجيل والتعاقد بالشروط المعروفة وهي حق الملكية للشركة وواجب التزامي بالتسليم في الموعد المحدد وقد تحقق هذا بالفعل والتزمت به".
واستكمل: "فوجئت في الحلقة الأولى باستخدام موسيقى كنت قد ألفتها لعمل آخر، وهو فيلم (الريس عمر حرب) لنفس المخرج، وعندما أبديت اعتراضي أخبرني بأنه لا توجد مشكلة فهذه الموسيقى من تأليفي، وهذا هو فيلمه".
واستطرد: "ورغم عدم اقتناعي، فإنني آثرت الصمت حتى لا يؤثر كلامي على استقبال الجمهور للمسلسل في بداياته، رغم اتهامي من البعض بأنني أكرر نفسي، لكني تجاهلت هذه الاتهامات غير الحقيقية، وقلت إنها مرة ولن تتكرر، إلا أنني بعدها لاحظت في الحلقات التالية استخدامه المتكرر لموسيقى وجمل لحنية كثيرة ليست من تأليفي ولا أعرف من هو مؤلفها".
وتابع: "رغم أن اسمي مكتوب على التتر كصاحب موسيقى العمل من بدايته لنهايته، هنا لم أستطع الصمت أو إظهار عدم اللامبالاة، فهذه مسؤولية وضمير فني وقواعد مهنية يجب أن تحترم، وطوال حياتي في مجال التأليف الموسيقي قد تعودت أن احترام جمهوري هو من صميم احترامي لنفسي".
وأكمل: "وأنه من قبيل الجريمة بالنسبة لي أن تنسب إلي موسيقى لم أؤلفها أو أقتبس ولو جملة من مؤلف موسيقي آخر وأنسبها لنفسي، وما فعله المخرج خالد يوسف لا يجوز بأي حال من الأحوال ولا تحت أي ظرف من الظروف ولا يمكن تبريره بدعوى أن هناك أجزاء ناقصة تحتاج لموسيقى، رغم موافقته بعد سماع الموسيقى كاملة، لأن المسؤول أولاً وأخيراً هو أنا المؤلف الموسيقي راجح داوود الذي لا يقبل إطلاقاً أن يقال عنه إنه أخذ جملة من زميل هنا أو هناك، احتراماً لذاتي ولتاريخي ولمهنتي، لذلك أعلن في هذا البيان عدم مسؤوليتي عن تلك الزيادات الموسيقية التي ليست من تأليفي، وأحمل المسؤولية كاملة للمخرج وليس شركة الإنتاج، لأنني أثق بأنه في ظل ظروف ضغط تسليم الحلقات أثناء التصوير، فان الشركة لا تنتبه إلى مثل تلك التفاصيل".
وأنهى بيانه، قائلاً: "أخيراً أتوجه إلى جمهوري الذي تعود مني الصدق وتعود مني ألا أخذله في أي منتج موسيقي أضع عليه اسمي، أعده بأنني سأحافظ على القيم التي تعلمتها من أساتذتي وأعلمها لطلابي، عاشت مصر مهد الفن وفجر الضمير".
من جانبه، رد المخرج خالد يوسف في مقطع فيديو نشره عبر حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك"، على البيان الذي أصدره الموسيقار راجح داوود، مؤكداُ أن كلام الموسيقار لم يزعجه، وأنه اضطر لاستخدام موسيقى أخرى لراجح داوود من أعمال أخرى بسبب عدم كفاية الموسيقى التي تم تسليمها للعمل.
وأكد خالد يوسف أنه اضطر لاستخدام موسيقى من أعماله السابقة في السينما، بعد إذن مبدعيها؛ لأن موسيقى راجح داوود لم تكن كافية وأحياناً غير ملائمة للمشهد، وأكد أن هذه الطريقة كان متعارفاً عليها، وهي الاستعانة بموسيقى عالمية.
وبالطبع، لم يكن رد خالد يوسف مقنعاً، بل بالعكس أثار استياء أهم صناع الموسيقى التصويرية في مصر، ومن جانبهم قرروا التضامن مع الموسيقار راجح داوود، وأصدروا بياناً رسمياً جاء فيه: "نعلن نحن مؤلفي وملحني الموسيقى التصويرية عن كامل تضامننا مع الأستاذ الموسيقار الكبير الدكتور راجح داوود لما تعرض له؛ حيث تم اجتراء واجتزاء موسيقاه وإعادة استخدام أعمال موسيقية قديمة له ودس موسيقى غريبة لموسيقيين آخرين، ونسبها إليه داخل أحداث مسلسل سره الباتع من إخراج الأستاذ خالد يوسف، ما يضر باسمه وسمعته كمؤلف موسيقي له شهرته الواسعة في مجال الموسيقى على مدار أكثر من أربعة عقود".
وتابعوا في البيان: "كما نود أن ننوه بأنه قد انتشر بالآونة الأخيرة لجوء بعض القائمين على صناعة الدراما والسينما لاستخدام مقطوعات موسيقية مجهولة المصدر أو مجتزأة من أعمال أجنبية، ووضعها داخل تلك الأعمال، ما يضر بمصداقية اسم المؤلف الموسيقي المتعاقد على تأليف مصنف مخصص لتلك الأعمال".
وأضافوا: "لذا نود أن نوضح أن الموسيقى التصويرية يتم تأليفها خصيصاً لعمل درامي بعينه سواء فيلماً أو مسلسلاً أو مسرحية، وأنه لا يجوز استخدامها بأي شكل من الأشكال خارج سياق العمل الأصلي المؤلفة له، وأي استخدام آخر للمصنف في غير محله هو مخالف لقوانين حقوق الملكية الفكرية المحلية والدولية، كما يعد خللاً بأصول وأعراف صناعة الموسيقى والدراما".
وفي ختام بيان التضامن، طالبوا بالآتي: "نطالب السادة المحترمين القائمين على صناعة الدراما بأنواعها بالعمل على إرساء حقوق الملكية الفكرية للمبدعين من مؤلفي الموسيقى التصويرية، والعمل على توفير مناخ وظروف إنتاجية مناسبة لإنتاج شريط موسيقي مصاحب للعمل الفني، حيث إن الموسيقى التصويرية، هي جزأ لا يتجزأ من عناصر العمل الفني بل يرتكز عليها العمل الفني لتشكيل هويته، ولتوصيل رسالته".
ووقع على البيان عدد كبير من مؤلفي الموسيقى والموسيقيين، بينهم: عمر خيرت، نبيل علي ماهر، محمود طلعت، عادل حقي، عمرو إسماعيل، تامر كروان، هشام جبر، خالد حماد، مصطفى الحلواني، منال محيي الدين، هيثم الخميسي، شريف الوسيمي، شادي مؤنس، خالد الكمار، جورج قلتة.